أنواع الفلسفة المثاليّة
تُعتبر الفلسفة المثاليّة من أبرز الفلسفات التي أثرت في تاريخ الفكر الإنساني، حيث قدّم فلاسفة اليونان في عصورهم القديمة جهودًا بيّنة ساهمت في تأسيس هذا النوع من الفلسفة. ومن هذه الفلسفة انبثقت عدة أنواع، والتي سنستعرضها أدناه.
المثالية الأفلاطونية
تُعد المثالية الأفلاطونية الشكل الأول من أشكال الفلسفة المثالية. تنص نظرية أفلاطون على وجود عالم مثالي قد عرفته النفس، إلا أن هذه النفس أصبحت محجوزة داخل الجسد وتأثرت بالعالم المادي. وبالتالي، يمثل عالم المثل عالم المعرفة الحقيقية الخالية من الشك. المعرفة طبقًا لأفلاطون ليست إلا تذكراً، حيث يسترجع الإنسان ما عرفته نفسه في عالم المثل.
استنادًا إلى هذا المفهوم، قدم أفلاطون تقسيمًا للنفس في عمله “الجمهورية” حيث قارنها بفضائل معينة، مُستعرضًا التصنيفات التالية:
- النفس العاقلة
تمثل فضيلتها الحكمة، حيث تعكس فئة الفلاسفة والحكماء في الدولة، والذين يعتبرون حكام الجمهورية.
- النفس الغضبية
تتجلى فضيلتها من خلال الشجاعة، ويمثلها في الدولة طبقة الجنود والمحاربين.
- النفس الشهوانية
تمثل فضيلتها العفة، ويمثلها في الدولة طبقة الحرفيين والعمال.
المثالية المطلقة
تعرف هذه النوعية بالمثالية الهيغلية نسبةً إلى الفيلسوف الألماني هيغل، الذي يعتبر أن الواقع المادي ليس سوى تجلٍ للروح المطلقة. تمثل مثاليته مزيجًا من المثالية الذاتية لدى فخته والمثالية الموضوعية لدى شيلنغ حيث يُعَد الفكر هو حقيقة الوجود، وليس المادة، مما يجعله ينقض جميع الفلسفات المادية.
علاوة على ذلك، أرسى هيغل أسس المنهج الجدلي، المعروف لاحقًا بالجدل الهيغلي، الذي يعتمد على ثلاثة عناصر بدلاً من عنصرين، وهي: الفكرة، الفكرة المضادة، والفكرة الجامعة. وبالتالي، فقد أسس هيغل نموذجًا جدليًا ثلاثيًا، مُغايرًا لما كان مُتبعًا في تاريخ الفلسفة.
المثالية النقدية
تُعرف هذه النوعية بالمثالية الكانطية نسبةً إلى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، الذي قدَّم نقدًا للفلسفات التي سبقته وأحدث تغييرات جوهرية في الفلسفة المثالية. ألف كانط ثلاثيته الخاصة بالمثالية، ومن أبرز أعماله “نقد العقل المحض” الذي يُعتبر من أكثر الكتب تعقيدًا في الفلسفة، حيث تناول قضايا متعلقة بالله، والعالم، والنفس، مُسميا إياها الميتافيزيقا المتعالية لتكون مرشدًا للعقل في سعيه لتحقيق المعرفة.
وهكذا، تُعتبر نظرية المعرفة لدى كانط مُبنية على أسس قبلية تهدف إلى تهيئة العقل البشري لاستقبال المدركات عبر الحواس. كما أن كل المعارف التي تدخل من خلال الحواس ستكون خاضعة للتحليل والترتيب وفقًا للمقولات التي أسسها لاحقًا المقولات الكانطية، والتي تُعتبر امتدادًا لمقولات الفيلسوف اليوناني أرسطو.
تعريف الفلسفة المثالية
ترتبط الأصول التاريخية للفلسفة المثالية بجذور تمتد لعصور طويلة، حيث يمكن اعتبار المثالية الأفلاطونية من أوائل الفلسفات المثالية. إلا أن الصياغة النهائية لمفهوم المثالية تعود إلى الفيلسوف ورجل الدين جورج باركلي في القرن الثامن عشر، نتيجة لاهتمامه بمجال الأنطولوجيا واعتقاده بأن وجود العالم يعتمد على وجود الله.
وغالبًا ما يُدرس مفهوم الفلسفة المثالية من خلال قناة دراسة مبحث الوجود في الفلسفة، والتي تتناول مسألة الأسبقية في الوجود. وقد كان استفسار الفلاسفة على مر العصور حول الأولوية: هل الوعي يسبق المادة أم العكس؟