في دراسة شاملة حول الدولة الأموية، يتبين أنها واحدة من الدول الكبرى التي حكمت الأمة الإسلامية على مر العصور. لقد ارتبط اسمها بذاكرة الأمة، حيث يمثل العصر الأُموي فترة ازدهار وتقدم للدولة الإسلامية، إذ كان عصر الفتوحات الإسلامية قد بدأ في ظل خلفاء راشدين ثم استمر في هذا العصر، مما عزز من قوة الإسلام وهيبته وازدهار مختلف جوانب الحياة.
مقدمة حول الدولة الأموية
تعتبر الدولة الأموية واحدة من الولايات الإسلامية، وهي الثانية من حيث الترتيب بعد الدولة الراشدية. تم تأسيس الدولة الأموية بواسطة الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، حيث بدأت فترة حكمها عام 661 ميلادية واستمرت حتى 750 ميلادية، أي من العام 41 هجرياً إلى 132 هجرياً. كانت دمشق عاصمة الدولة الأموية من 661 إلى 744 ميلادية، بينما أصبحت مدينة حران العاصمة من 744 حتى 750 ميلادية. امتدت أراضي الدولة الأموية لتغطي مساحة 13.4 مليون كيلومتر مربع وشملت 46 دولة. اتسم نظام الحكم فيها بالخلافة الوراثية، وكان الدينار والدرهم الأموي هما العملتان الرسميتان.
أسباب نشوء الدولة الأموية
تأسست الدولة الأموية في عام 41 هجرياً بعد تنازل الخليفة الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان. جاءت نشأة الدولة الأموية كاستجابة لاحتواء الفتن التي عانت منها الأمة الإسلامية، وضمان الوحدة بين المسلمين بعد سلسلة من المعارك. من بين الأسباب التي ساهمت في قيام الدولة الأموية:
- ظهور الفتن في عهد الخليفة عثمان بن عفان التي أدت إلى مقتله عام 35 هجرياً، وعدم القدرة لدى الخليفة علي بن أبيطالب على معالجة النزاعات.
- تزايد التحديات في الدولة الراشدية وضعفها، حيث برزت خلافات وانقسامات داخل صفوف المسلمين.
- استفحال ظاهرة الخوارج واختلال النظام في البلاد.
أعمال وإنجازات العهد الأموي
- تخلل عهد الدولة الإسلامية صراعات عديدة، تلاها فترة قوية من العدالة الاقتصادية في توزيع الثروات بين الدول الإسلامية.
- شهدت الدولة الأموية عدة فتوحات إسلامية وُصفت بالعظيمة، حيث شملت بلاد السند وجزيرة رودس، امتدت الفتوحات حتى حدود الصين وبلاد الأندلس، كما ساعدت المحاولات لفتح القسطنطينية على تعزيز مكانة الدولة، رغم عدم نجاحها.
- تحولت دمشق إلى عاصمة الخلافة الأموية، مما عزز من ازدهار المدينة في مجالات العلم والتعلم.
- كان الهدف من تأسيس الدولة الأموية تعزيز وحدة المسلمين ورفع أسباب الفتن.
- عرفت الفنون في هذا العصر ازدهاراً ملحوظاً، لا سيما فن العمارة، والذي تجلى في تشييد مدينة القيروان والعديد من المساجد مثل المسجد الأموي بدمشق.
خلفاء الدولة الأموية
معاوية بن أبي سفيان
يعتبر معاوية بن أبي سفيان أول الخلفاء الأمويين، ووالدته هي هند بنت عتبة رضي الله عنها. وُلِد في مكة المكرمة وآمن بالإسلام في سن 23 عاماً مع فتح مكة. عُرف عنه الحكمة والعطف والمعرفة بقضايا السياسة، تولى الخلافة عام 41 هجرياً حتى وفاته في العام 60 هجرياً، وقد شهد عهده العديد من الفتوحات مثل جزيرة رودس وبلاد السند، كما حاول فتح القسطنطينية لكنه لم ينجح.
يزيد بن معاوية بن أبي سفيان
ولد يزيد بن معاوية لأسرة حكمت الشام، وقد اهتم به والده منذ صغره وصقله بالأخلاق والعدالة. تولى القيادة في إحدى الغزوات تجاه القسطنطينية وشارك الصحابة معه في المعارك.
معاوية بن يزيد بن أبي سفيان
بعد وفاة يزيد، تولى معاوية بن يزيد الخلافة لفترة قصيرة تتراوح بين 20 إلى 40 يوماً، لم يخرج خلالها بسبب مرضه، وبعد تنازله اندلعت صراعات حول الخلافة حتى استقرت مجددًا للأمويين مع مروان بن الحكم.
مروان بن الحكم
استلم مروان بن الحكم الخلافة عام 64 هجرياً، وفي عام 65 هجرياً استعاد مصر من عبد الرحمن بن جحد. توفي في دمشق عن عمر يناهز 63 عاماً.
عبد الملك بن مروان
تسلم عبد الملك بن مروان الخلافة عام 65 هجرياً، وقد كانت الدولة تمر بمرحلة صعبة من الانقسامات. عمل على توحيد البلاد وأصدر عملة إسلامية موحدة، وتوفي عام 86 هجرياً، ليتولى الحكم ابنه الوليد.
الوليد بن عبد الملك
تولى الوليد الخلافة عام 86 هجرياً، وعُرف بحبه للقرآن والازدهار الذي شهده عهده. توسعت الدولة في عهده لتصل إلى الأندلس والصين، وتوفي عام 96 هجرياً.
سليمان بن عبد الملك
وُلِد سليمان بن عبد الملك في المدينة المنورة، تولى الخلافة في عام 96 هجرياً، وعُرف بتقواه ورعايته لأبنائه. توفي عام 99 هجرياً.
عمر بن عبد العزيز
بعد وفاة سليمان، تولى عمر بن عبد العزيز الحكم، حيث اهتم بتطبيق سنة النبي محمد وكتاب الله. عُرف عصره بالعدالة ورفع الظلم عن الناس.
يزيد الثاني بن عبد الملك
تولى يزيد الثاني الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز، وعلى الرغم من أنه كان محبوباً، إلا أنه لم يتمتع بنفس درجة النجاح في حكومته.
هشام بن عبد الملك
تولى هشام خلافة المسلمين عام 105 هجرياً، ورُزق بأبناء، وكان محباً للأدب والفروسية.
يزيد الثالث بن الوليد
تولى يزيد الثالث الحكم لفترة قصيرة لم تتجاوز ستة أشهر، حيث وافته المنية عام 126 هجرياً.
إبراهيم بن الوليد
تولى إبراهيم بن الوليد الحكم مدة قصيرة لم تتجاوز أربعة أشهر قبل تسليم الراية لمروان بن محمد.
مروان بن محمد
عرف مروان بن محمد بشجاعته وحب السفر. توفي عام 132 هجرياً، ليشهد على أواخر أيام الدولة الأموية.
أسباب انهيار الدولة الأموية
- ظهور الدولة العباسية.
- معارضة بعض الفرق الإسلامية، مثل الخوارج.
- تنامي العصبية القبلية.
- ابتعاد الدولة عن أحكام الشريعة الإسلامية.
- تأسيس نظام ولاية العهد الذي أوجد صراعات بين القبائل.
خاتمة بحث حول الدولة الأموية
خلال رحلتنا في دراسة الدولة الأموية، عرضنا تفاصيل حول نشأتها، نظام الحكم، وإنجازات بعض الخلفاء، وناقشنا الفتوحات التي تم تحقيقها والمكانة المتميزة لهذه الدولة في العالم الإسلامي. ولكن النهاية كانت بدأت مع نشوب الصراعات والنزاعات التي أدت إلى انهيار هذا العصر الذهبى وانتقال السلطة إلى العباسيين.