أول شخص دفن في البقيع
تُعرف مقبرة البقيع بهذا الاسم كونها منطقة ينمو فيها شجر الغرقد، لذا يُطلق عليها اسم “بقيع الغرقد”. تقع هذه المقبرة خارج باب الجمعة الخاص بحصن المدينة، محاطة من الغرب بحدائق النخيل، بينما يجاورها من الشرق حصن المدينة المنورة. تجري السيول من وديان المدينة بجوار هذه المقبرة، مما يُضفي عليها قدسية خاصة. نعرض فيما يلي تفاصيل عن أول شخص دفن في هذه المقبرة من المسلمين:
عثمان بن مظعون: أول من دفن في البقيع
يُعتبر الصحابي الجليل عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- أول من دفن في مقبرة البقيع من الصحابة، وهو أول من توفي من المهاجرين. وُلد في شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة النبوية، وكان من أولياء الله الصالحين الذين حظوا بشرف الوفاة في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث أُديت عليه صلاة الجنازة.
وقد روى في بعض الأحاديث أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قبَّل عثمان بن مظعون عند وفاته، وبدت الدموع على وجهه. كما رُوي أن أم العلاء -رضي الله عنها- رأت في منامها عينًا تجري، فقامت بسؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- حولها، فأخبرها بأن هذه العين تجري نتيجة لأعماله الصالحة، إذ كان -رضي الله عنه- من أصحاب الثروات، وقد يُحتمل أن تكون تلك صدقة جارية له.
نبذة عن عثمان بن مظعون
يُعتبر الصحابي عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- هو أبو السائب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذيفة الجمحي، وكان من أوائل الذين أسلموا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ثلاثة عشر رجلًا. هاجر إلى الحبشة برفقة ابنه السائب، ثم عاد إلى مكة بعد سماعه أن قريشًا أسلمت، لكن عندما اكتشف الحقيقة تردد في العودة إلى الحبشة ودخل في جوار الوليد بن المغيرة.
هاجر عثمان -رضي الله عنه- إلى المدينة المنورة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد شارك في غزوة بدر، كما كان من المجتهدين في العبادة، حيث كان يصوم نهارًا ويقوم الليل. كان لديه اعتزال كامل للنساء حتى نصحه النبي -عليه الصلاة والسلام- بتحسين اعتداله. وقد عُرف عنه في الجاهلية أنه حرَّم على نفسه الخمر.
توفي عثمان بعد غزوة أحد، ليكون أول شخص يموت في المدينة من المهاجرين. وعندما دفن، وضع الرسول -عليه الصلاة والسلام- عند رأسه حجرًا قائلاً: “هذا قبر فرطنا”. وُصف عثمان بأنه عريض الأكتاف، ليس بالطويل ولا القصير، وله لحية كثيفة، وكان من أكثر الصحابة زهدًا في الدنيا.
كما يُذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لابنته زينب -وفي رواية رقية- عند وفاتها: “الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون”، مما يدل على مكانته العالية وفضله في الإسلام.