موقع عمورية
تقع مدينة عمورية في منطقة فريجيا في آسيا الصغرى، حيث تأسست وسكنت خلال الفترة الهلينية، وازدهرت في ظل الإمبراطورية البيزنطية. ومع ذلك، أصبحت هذه المدينة مهجورة بعد الهجوم الذي قاده الخليفة العباسي المعتصم بالله في عام 838م. يمكن العثور على بقايا آثارها بالقرب من قرية حصار كوي في محافظة أفيون، في منطقة قرة حصار بتركيا. في هذا المقال، سنسلط الضوء على تاريخ هذه المدينة العريقة.
معركة عمورية
وقعت معركة عمورية بين الجيش العباسي والإمبراطورية البيزنطية في رمضان من عام 223هـ، وكانت واحدة من أبرز المعارك بين المسلمين والبيزنطيين. ترأس الجيش العباسي الخليفة المعتصم بالله، الذي تولى الحكم من 218هـ إلى 227هـ، فيما قاد الجيش البيزنطي توفيل بن ميخائيل. في عام 214هـ، تمكّن توفيل من الوصول إلى عرش الإمبراطورية البيزنطية. تميزت الحروب بين البيزنطيين والمسلمين بعُمرها الطويل الذي استمر لأكثر من قرنين، مما أدى إلى إبرام هدنة مدتها 20 عامًا بسبب الفتنة التي حدثت في عهد الخلافة العباسية بين المأمون والأمين، بانشغال الإمبراطورية البيزنطية في حروبها السابقة.
استعدادات توفيل لمهاجمة العباسيين
كان توفيل طموحًا ومؤمنًا بمبادئ حظر الأيقونات التي تمنع تصوير وتمجيد الشخصيات النصرانية، مما دفعه لتعزيز سياسته الدينية بالاعتماد على قوة جيشه. في تلك الفترة، واجهت الخلافة العباسية خطرًا كبيرًا من بابك الخرمي، حيث بذل المأمون جهودًا للقضاء عليه عبر حملات عسكرية، ولكن توفي دون تحقيق أي نجاح. انتقلت مهمة القضاء على الفتنة إلى الخليفة المعتصم، الذي تمكّن من تقليل تأثيرها. لجأ بابك إلى توفيل طالبًا مساعدته في مهاجمة الخلافة الإسلامية، فرد عليه توفيل بإعداد جيش قوامه أكثر من مائة ألف جندي، واتجه نحو الثغور، مما أسفر عن هجوم على القرى والمدن وسقوط الكثير من القتلى والأسرى.
التحضير لمعركة عمورية
قاد المعتصم بالله جيشًا كبيرًا نحو عمورية، وأرسل أحد قادة جيشه المعروف بالأفشين، وهو حيدر بن كاوس، لتنفيذ مهمات في منطقة سروج بجنوب تركيا. أعدّ الأفشين جيشه ووصل إلى نهر اللامس القريب من طرسوس، حيث عمل على تقسيم القوات إلى فصيلتين؛ الأولى بقيادته متجهة نحو أنقرة، والثانية بقيادة المعتصم بنفسه عبر طريق آخر. تم تحديد موعد للاجتماع في أنقرة، وفي 25 شعبان من عام 223هـ، دارت معركة آيزن (أو دزمون) بين الأفشين وتوفيل بن ميخائيل، حيث تمكن الجيش العباسي من تحقيق انتصار مميز، مما دفع توفيل إلى الهرب نحو القسطنطينية. في هذه الأثناء، انتشرت شائعات في القسطنطينية تفيد بأن توفيل قد لقي حتفه، وعند وصوله، وجد نفسه وسط ثورة كبرى، مما ألهى ذهنه. أرسل رسالة إلى المعتصم يعتذر فيها عن التصرفات السابقة، مع وعود بإعادة الأسرى وإعادة بناء المدينة، إلا أن المعتصم رفض تلك العروض. وبنهاية المطاف، تمكن المعتصم من دخول عمورية، وأسر المناطس، لتحقيق نصر كبير للخلافة العباسية.