تعتبر اليابان واحدة من القوى التكنولوجية الرائجة على مستوى العالم، حيث استطاعت أن تتحول إلى واحدة من أكبر الدول الصناعية في العالم. تُقبل منتجاتها بشكل واسع من قبل المستهلكين، وتمتاز بجودتها العالية وإتقانها. فما هي العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا النجاح؟ سنتعرف على ذلك في الفقرات التالية.
اليابان: الدولة المعجزة
على الصعيد الجغرافي والمناخي والجيولوجي، قد يبدو أن ظروف اليابان لا تؤهلها لتصبح قوة اقتصادية وصناعية كبيرة، ومع ذلك فإنها استطاعت أن تنافس أقوى الدول الصناعية. فما السر وراء هذه النجاح؟
- تاريخ اليابان يمتد لأكثر من 30,000 سنة قبل الميلاد، حيث سكنتها قبائل بدائية.
- ثم تطورت هذه القبائل إلى دولة موحدة تُحكم من قبل أسرة إمبراطورية واحدة منذ القرن الرابع الميلادي.
- إلا أن دور الإمبراطور اليوم يظل شكليًا وبروتوكوليًا.
- تتواجد اليابان في جنوب شرق آسيا، شرق شبه جزيرة كوريا، بين بحر اليابان والمحيط الهادئ، وتبلغ مساحتها حوالي 388,000 كيلومتر مربع.
- تتكون اليابان من مجموعة من الجزر تصل إلى عدة آلاف، ولكن هناك أربع جزر رئيسية تشكل 98% من المساحة الكلية للدولة.
- وهي جزر كيوشو، هوكايدو، شيكوكو، وهونشو.
- تشكل المرتفعات أكثر من 85% من إجمالي مساحة اليابان، حيث يزيد ارتفاع معظمها عن ألفين متر، وتتميز تضاريسها بالتعقيد، كما توجد بها بعض الأنهار.
- يقترب عدد سكان اليابان من 130 مليون نسمة، حيث يتبع غالبيتهم الديانتين الشنتو والبوذية، بينما هناك أيضًا أتباع للمسيحية والإسلام.
- على الرغم من المناخ المعتدل في اليابان، فإن البلاد تتعرض باستمرار لكوارث طبيعية مثل الزلازل والبراكين.
- كثيرًا ما تؤدي هذه الكوارث إلى فقدان الأرواح، رغم الجهود المبذولة للتقليل من آثارها.
- نظرًا لطبيعة تضاريس اليابان الصعبة، فإن البلاد لا يمكنها تلبية احتياجاتها الغذائية بذاتها.
- المساحة الزراعية فيها محدودة، ويعتبر الأرز والأسماك جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي الياباني، وهما منتجان يتم إنتاجهما محليًا.
تطور الصناعة اليابانية
على الرغم من عدم وجود تاريخ طويل في الصناعة، لم تشهد اليابان الثورة الصناعية التي حدثت في أوروبا بين 1799 و1830، لكنها أصبحت الآن تنافس جميع الدول الصناعية، بل وتتفوق في بعض الصناعات. فما الذي ساعد اليابان على هذا التحول؟
- يعود تاريخ الصناعة في اليابان إلى عام 1860، عندما أُرسل تاكيو اوساهيرا، المعروف بأستاذ الصناعة اليابانية، إلى أوروبا.
- هناك، تعلم أسرار صناعة المحركات وتم إدخال هذه الصناعة إلى اليابان.
- عانت اليابان من هزيمة قاسية خلال الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى تدمير بنية البلاد التحتية والاقتصادية بنحو 40%.
- إلا أن اليابانيين تعلموا من هذه الهزيمة وأنهوا فترة الركود لإعادة بناء وطنهم.
- استفادت اليابان من زيادة الطلب على السلع خلال الحرب الكورية، حيث أدت الحرب الباردة إلى اعتماد الولايات المتحدة عليها كحليف استراتيجي في شرق آسيا.
- كما قدمت الولايات المتحدة تسهيلات تجارية واقتصادية ساهمت في تسارع تقدم الصناعة في اليابان.
- غيرت أزمة النفط التي وقعت في عام 1973 بين العرب وإسرائيل مسار الصناعة اليابانية، لأنها دفعت البلاد للتركيز على الصناعات الإلكترونية التي لا تعتمد على النفط.
- كان للدور البارز للعنصر البشري دوراً كبيراً في تطور الصناعة اليابانية بشكل خاص وفي تطور اليابان بشكل عام.
- اليوم، تُعتبر اليابان واحدة من أكثر الدول تقدمًا وازدهارًا في المجالات الصناعية والاقتصادية.
- حيث يحتل الناتج القومي المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث إنتاج السلع والخدمات.
أسرار التفوق الياباني
لقد أثار النموذج الياباني في التطور والاستدامة اهتمام الكثير من الباحثين. يعتبر التطور الياباني استثنائيًا، فقد تحقق في زمن قياسي مقارنة بالمعايير التاريخية. فما هو السر وراء هذا النجاح؟
- السلوك الشخصي والمهني لليابانيين يمثل أحد أهم أسرار نهضة اليابان.
- فالإنسان الياباني يتمتع بصفات استثنائية، أسهمت في تحقيق تقدم سريع.
- يقدس اليابانيون العمل ويعتبرون الكسل والنوم الزائد عيبًا، حيث يسعون لتحقيق أهدافهم في الحياة بشكل دائم.
- السعي المتواصل نحو الإتقان يُعتبر تحديًا شخصيًا ومعيارًا لكل فرد، حيث تُقيم قيمة الإنسان بناءً على مهاراته وكفاءاته.
- تسود روح العمل الجماعي، بحيث تذوب الفردية في المؤسسات الكبرى.
- فكل موظف يتعهد بتقديم أقصى جهده لتحقيق نجاح الشركة أو المؤسسة.
- يتسم اليابانيون بالرقابة الذاتية الفعالة، حيث يعمل الفرد دون أي ضغط، مؤديًا عمله بإخلاص وتفانٍ.
- يتمتع الأفراد بحرية تحديد قدراتهم وإمكاناتهم، فلا يوجد سن للتقاعد ولا إجبار لترك العمل.
- كل فرد يدرك حدوده وصحته وقدرته على الاستمرار في العمل.
- تمتاز اليابان بثقافة الادخار، حيث يدخر اليابانيون من 20% إلى 40% من دخلهم.
- هذا يؤدي إلى توفر رؤوس أموال كبيرة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني.
نوعية الصناعات والسلع اليابانية
عندما نتحدث عن اليابان كقوة تكنولوجية، فإن هذا يستند إلى جودة وكفاءة المنتجات اليابانية، بالإضافة إلى استخدام أحدث التقنيات في صناعتها. فما هي أبرز هذه المنتجات؟
- تعتبر الصناعات التحويلية من أبرز الصناعات اليابانية، وتمثل جزءاً كبيراً يقترب من ربع الناتج المحلي الإجمالي، الذي يقدر بحوالي 5.056 تريليون دولار.
- تتضمن المنتجات اليابانية وسائل النقل والإلكترونيات الاستهلاكية والألياف البصرية وآلات النسخ والفنون البصرية وغيرها.
- تتفوق اليابان في الصناعات الآلية التي تشمل إنتاج السفن والسيارات والمنتجات الإلكترونية المتقدمة مثل الكمبيوتر ومعدات الاتصالات.
- وهذه تعتبر من أهم الصناعات اليابانية وأشهرها على المستوى العالمي.
- تمتلك اليابان أكبر أسطول صيد في العالم وتنتج نحو 15% من إجمالي الصيد العالمي.
- ومع ذلك، هناك اتهامات باستنزاف مخزون التونة العالمي.
- تعد اليابان المنتج الثاني للفولاذ على مستوى العالم، مثلما يدخل الفولاذ في العديد من الصناعات الحيوية مثل السفن، السيارات، والصناعات الطبية والأسلحة.
اليابان: قوة تكنولوجية عظيمة
تعتبر اليابان قوة تكنولوجية هائلة استطاعت أن تغزو السوق العالمية بمنتجاتها ذات الجودة العالية، وهي تسيطر على مجموعة من السلع والمنتجات الأعلى جودة ودقة في العالم. ومن مظاهر هذه القوة التكنولوجية:
- باتت العلامات التجارية اليابانية مثل تويوتا وسوني وباناسونيك وفوجي رموزاً للجودة،
- وتمتلك ثقة المستهلكين في جميع أنحاء العالم، حيث لا تحتاج هذه العلامات لترويج أو دعاية إضافية لإثبات جودتها.
- يعتبر الروبوت منتج ياباني بامتياز حيث تم استخدام الإنسان الآلي في مجموعة واسعة من المجالات الصناعية والطبية بل والاجتماعية.
- تتفوق اليابان في الصناعات الإلكترونية الدقيقة، حيث تتصدر في إنتاج التلفزيونات والشاشات وأجهزة الحاسوب والكاميرات ومشغلات الفيديو.
- الجودة والدقة أصبحتا من أفضل صفات المنتجات اليابانية، مما يجعل أي منتج ياباني الخيار الأول لدى المستهلك في أي مكان في العالم.
