مكان إقامة نبي الله يعقوب
استقر نبي الله يعقوب -عليه السلام- في منطقة حيران، الواقعة في شمال بلاد الشام، حيث تزوج وأنجب هناك اثني عشر ولداً، كما ورد في التوراة. قادته الظروف للبقاء في حيران لمدة عشرين عاماً، مما يعني أن أبنائه نشئوا بعيداً عن فلسطين. توجد أدلة متعددة تشير إلى أن يعقوب -عليه السلام- وُلِد في زمن جده إبراهيم -عليه السلام-. ويعتبر يعقوب ابن إسحاق -عليه السلام-، حيث نصحه إسحاق -عليه السلام- بالزواج من بنات خاله لابان بن ناهربن آزر، بعد أن أمره بالهجرة إلى حيران، وهو ما ذكره ابن الجوزي في مؤلفاته وأجمع عليه العلماء.
أما بالنسبة للقصة التي تم ذكرها في القرآن الكريم عن سيدنا يوسف -عليه السلام- وما حدث مع إخوته، فمن المعروف أن يعقوب -عليه السلام- قضى الجزء الأكبر من حياته مع يوسف -عليه السلام- في مصر، حيث أنجب أولاده وتوسعت أسرته. وقد أوضح المؤرخون أنه أقام في مصر لمدة أربعٍ وعشرين سنة في حالة من الرخاء حتى وافته المنية هناك.
مدة حياة يعقوب عليه السلام
تشير بعض الروايات إلى أن سيدنا يعقوب -عليه السلام- عاش مئة وسبعة وأربعين عاماً، بينما يذكر قول آخر أنه عاش مئة وسبعين عاماً. وفي مراجع أخرى، تم تأكيد المعلومات على أنه عاش مئة وسبعة وأربعين عاماً، وكان من ضمنها أربعة وعشرين عاماً قضاها مع يوسف -عليه السلام- في حياة رغيدة.
معلومات عن سيدنا يعقوب عليه السلام
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام- هو نبي من أنبياء الله -تعالى-، لم يُنزل عليه وحي جديد، بل استكمل دعوة إبراهيم -عليه السلام- ونشرها بين قومه. يُعرف أيضاً باسم إسرائيل، والذي يعني “عبد الله”. وقد بشر الله -تعالى- إبراهيم -عليه السلام- بأن يعقوب -عليه السلام- سيكون من بعد إسحاق -عليه السلام-. ومن الصفات البارزة التي يتمتع بها يعقوب -عليه السلام- هي الحلم والصبر، كما تجلى ذلك في قوله -تعالى-: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ). وقد كان تربويًا متميزًا، يعرف كيف يوجه أبنائه ويساعدهم على التغلب على ضعفاتهم.
استمر يعقوب -عليه السلام- في توجيه أبنائه بالرغم من الصعوبات والمحن، مشجعًا إياهم على التمسك بخالقهم -تعالى-. وعندما اقتربت وفاته، أوصى أبنائه كما ذكر في القرآن الكريم: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). وقد أعطاه الله -تعالى- العلم وحسن التدبير، كما في إرشاداته لأبنائه بعدم دخول مصر من باب واحد، وهي من الحكمة التي أكسبها الله -سبحانه وتعالى- له.
تزوج يعقوب -عليه السلام- من امرأتين وأنجب منهما العديد من الأبناء والبنات. وقد كانت له مكانة كبيرة حيث خدم المسجدين الأقصى والحرام، ووالده إبراهيم -عليه السلام-. عُرف أيضاً بأنه كان يتبع تعليمات الله -تعالى- بحزم وهو ما جعله يُسمى بهذا الاسم.
ذُكر يعقوب -عليه السلام- في عدة مواضع في القرآن الكريم، حيث اختاره الله -سبحانه وتعالى- من ذرية إبراهيم -عليه السلام-: (ووصى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ)، كما يُشير إلى البشارة الإلهية لإبراهيم عن يعقوب. وقد وعد الله -تعالى- بتكمل نعمته عليه وعلى أبناء يعقوب، وهو ما يظهر جلياً في الآيات التي تحمل معاني عظيمة تتعلق بمكانته ورفعة شأنه.