موقع مدينة الحيرة
تقع مدينة الحيرة في العراق، تحديدًا في الجهة الجنوبية من وسط البلاد. تُعتبر هذه المدينة من المواقع التاريخية القديمة، حيث كانت تُعد عاصمة للمناذرة وركزًا لمملكتهم. لا تزال آثارها باقية حتى الوقت الحاضر وتوجد بالقرب من مدينة النجف ومدينة الكوفة. تمتد من منطقة مطار النجف وصولًا إلى ناحية الحيرة، التي تُعتبر جزءًا من قضاء أبي صخير أو قضاء المناذرة. تُعَدّ ناحية الحيرة جزءًا من المدينة القديمة للحيرة، وهي المنطقة المأهولة بالسكان، وتشهد حاليًا نموًا ملحوظًا. تُعرف هذه المدينة أيضًا من الناحية الدينية بإقامة تمثيلية سنوية تخليدًا لذكرى عاشوراء في ساحة كبيرة. أُطلق على مدينة الحيرة وعموم مناطق جنوب العراق مسمى “عربستان” خلال فترة الحكم الفارسي الساساني.
تاريخ مدينة الحيرة
تتمتع مدينة الحيرة بتاريخ أثري عريق، إذ ذُكرت منذ القدم في سجلات الرومان والبيزنطيين، ويُعتقد أنها تعود لحقبة كانت أقدم من زمن مملكة تدمر. كان المناذرة يهتمون بتطوير المدينة، الأمر الذي ساهم في عمرانها وازدهارها. تميزت الحيرة بفنها وصناعتها، حيث كان أهلها بارعين في الغناء والعزف، خاصة على آلة الدف والمزمار، بالإضافة إلى العود. كذلك، كانوا maestros في عدد من الحرف اليدوية مثل الدباغة والغزل. شهدت المدينة تعلّم عدد من الشخصيات البارزة على مر العصور، منهم إيليا الحيري، مار عبدا الكبير، بهرام الخامس، والمرقش الأكبر وأخوه حرملة. حيث التحق بهرام الخامس بتعليم الفروسية والفنون والأدب، بينما درس المرقش الأكبر وحرملة الكتابة، وتعلّم إيليا ومار عبدا الدين أيضًا. ودفن العديد من الجثالقة في هذه المدينة، منهم إبراهيم الثاني المرجي وجرجس وإيشوعياب وحزقيال وآقاق وبابوي وداد يوشع.
أهم الطُرز المعمارية في الحيرة
تُعتبر الهندسة المعمارية في الحيرة من أبرز الطُرز المعمارية. يُعرف الطراز الحيري باسم “الصدر والكُمّين”، وهو النمط الذي بُنيت به القصور في تلك المنطقة مثل قصر الخورنق وقصر السدير. بينما تشمل القصور الإسلامية التي بُنيت وفقًا لهذا الطراز، قصر المشتى الأموي وقصر المتوكل العباسي. وقد انتشر شهرة هذا الطراز في البناء إلى دول المغرب العربي، واستخدم في عدة مناطق في العراق. تم تقسيم الطراز الحيري إلى ثلاثة أقسام متداخلة، تُسمى بالإيوان، حيث يُشكّل الوسط مثل الصدر بينما تتخذ المباني الجانبية الميمنّة واليسرّة شكل الكُمّين. يمكن أن تكون هذه الهياكل مُسطحة أو مقببة. عادةً ما يحتوي البناء أو القصر على ثلاثة أبواب، باب رئيسي كبير وبابين صغيرين على جانبيه. وُضعت أنظمة لتصريف المياه وتسخينها، بينما تم استخدام الآجر والجص في عملية التبليط، واحتوت الجدران على زخارف تمثل أشكال سعف النخيل وعناقيد العنب وأوراقها.