أين يقع موقع مملكة سبأ التاريخية؟

مملكة سبأ

تُعتبر مملكة سبأ واحدة من أبرز الممالك القديمة التي نشأت في الجزيرة العربية ومنطقة بلاد الشام، حيث لعبت دوراً مهماً في المشهد السياسي لجنوب شبه الجزيرة العربية، المعروف حالياً اليمن. تشير معظم المصادر التاريخية إلى تأسيس مملكة سبأ في نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد، واستمر حكمها حتى القرون الأولى بعد الميلاد. ولكن، أين تقع مملكة سبأ؟ وما هي أهم آثارها؟ وما هي العوامل التي ساهمت في تطورها وازدهارها؟ يتم تناول هذه النقاط في المقال التالي.

موقع مملكة سبأ

يقع موقع مملكة سبأ في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية، على بُعد حوالي مئتي ميل شمال غرب منطقة عدن. لكن يُشير بعض النصوص التاريخية إلى وجود موقعين محتملين لسبأ، واحد في الجنوب بجوار حضرموت والآخر في الشمال بالقرب من أراضي تيماء.

عاصمة مملكة سبأ كانت مأرب، التي تدل آثارها على وجود حضارة عظيمة ودولة متقدمة. تتواجد مأرب على بُعد حوالي 120 كم شرق صنعاء، في وادٍ يُعرف بـ “وادي أضنة”، وتظل مأرب، اليوم، وجهة سياحية غنية بالآثار والمعابد والقصور التاريخية التي تروي قصة أعظم الممالك في جنوب شبه الجزيرة العربية.

أهم آثار مملكة سبأ

تمتلك مملكة سبأ مجموعة من الآثار العريقة التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، من بينها سد مأرب العظيم، والذي يُعتبر معجزة معمارية في تلك الحقبة. يُظهِر بناء هذا السد وجود مجتمع متطور لديه قدرات زراعية وهندسية متقدمة.

إضافة إلى السدود، شهدت المنطقة بناء قصور ومعابد وحصون. وكانت مدينة مأرب محاطة بسور دفاعي عالٍ تضمن سبع بوابات، مما جعل عملية غزو هذه المدينة شبه مستحيلة. كما كان للملكة بلقيس ثلاثة قصور هي غمدان، وبينون، وسلحين، وامتلكت عرشاً فخماً مصنوعاً من الذهب ومُزيَّناً بالأحجار الكريمة. وقد ذُكرت الملكة بلقيس في القرآن الكريم، حيث ورد في قصة الهدهد قول الهدهد: (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ).

عوامل ازدهار مملكة سبأ

العوامل الجغرافية

تميزت مملكة سبأ بموقعها الجغرافي وطبيعة أراضيها الخصبة ومناخها الموسمي، حيث ساهم التدرج في ارتفاع المناطق الجبلية في اعتدال المناخ. وقد ساعدت هذه العوامل في توفير بيئة مثالية لزراعة البن اليمني الشهير، مما جعل من اليمن مركزًا تجاريًا وزراعيًا هامًا.

العوامل الاقتصادية

الزراعة

شكلت الزراعة المصدر الرئيسي للرزق في مملكة سبأ، إذ كانت أراضيهم جيدة الهواء وخالية من الآفات. وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ).

أولى السبئيون عناية خاصة للزراعة، حيث أنتجوا مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل النخيل والقمح والبُن، بالإضافة للخضراوات والفواكه، وحققوا نجاحًا خاصًا في زراعة العنب الذي وصل عدد أنواعه إلى 28 نوعاً. كما زرعوا أشجاراً تلبي احتياجاتهم من الأخشاب.

التجارة

كانت مأرب تُعتبر مركز التجارة في المملكة، إذ تقع في منطقة استراتيجية على مشارف الصحراء شمال شرق اليمن. وكانت محورية في طريق التجارة الدولية، الذي يربط بين إفريقيا الشرقية وبلاد الشام وبلاد فارس. عُرفت بمسار يسمى “طريق اللبان”.

ساهم الموقع الجغرافي لمملكة سبأ في تعزيز اتصالاتها التجارية مع قوافل برية وبحرية من الهند والحبشة وبلاد الشام ومصر، حيث كانت تستورد اللؤلؤ والأقمشة والسيوف وغيرها من السلع، وتحصل أيضًا على الحرير من الصين. كما تميزت موانئ سبأ على بحر العرب بالنشاط التجاري، ومن أبرز هذه الموانئ:

  • ميناء قنا: الذي يقع على ساحل حضرموت ويُعتبر مركزًا رئيسيًا للتجارة في الجنوب.
  • ميناء موشا: المعروف حاليًا بميناء خويري في عُمان.
  • ميناء يوديمون: والذي يقع ضمن ميناء عدن الحالي.

مملكة سبأ في الكتب السماوية

نظراً لقوة مملكة سبأ وسمعتها، ورد ذكرها في النصوص الدينية التوراتية والقرآنية، حيث اعتُبرت من أبرز الدول المحيطة بمملكة النبي سليمان. في القرآن الكريم، ذُكِرت مملكة سبأ في سورتي النمل وسبأ، كما جاء في قصة النبي سليمان والهدهد: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ).

كما أشار المسيح إلى ملكة سبأ بأنها ملكة الجنوب، نظرًا لموقع مملكة سبأ في الجنوب من كنعان، وتم ذكرها في العهد الجديد تحت اسم ملكة تيمان، حيث قيل: (مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا).

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *