دراسة حول الفلسفة التجريبية ومبادئها

تتناول هذه المقالة المذهب التجريبي في الفلسفة، حيث تركز الفلسفة التجريبية في بدايتها على الأسئلة المتعلقة بالعمل المتعمد، والصراع المفترض بين الإرادة الحرة والحتمية، والنظريات السببية في مقابل النظريات الوصفية المتصلة بالمرجع اللغوي.

ما هي الفلسفة التجريبية؟

الفلسفة التجريبية (بالإنجليزية: Experimental Philosophy) هي مجال ناشئ من البحث الفلسفي يعتمد على البيانات التي يتم جمعها عادةً من خلال الاستبيانات، والتي تستهدف اختبار الافتراضات الفلسفية لدى الناس العاديين، بهدف إثراء مناقشات الأسئلة الفلسفية.

يعد استخدام البيانات التجريبية بشكل عام موضع جدل بين الفلاسفة، حيث يُنظر إليه على أنه يتعارض مع المنهجيات التقليدية التي تعتمد بشكلٍ كبير على المبررات مما يُعرف عادةً بفلسفة “الكرسي بذراعين”.

تسعى الفلسفة التجريبية إلى تأثير غير مباشر على الأسئلة الفلسفية من خلال توفير فهم أعمق للعمليات النفسية الأساسية التي تقف وراء الحدس الفلسفي.

يدعي البعض أن الفلاسفة التجريبيين يتعاملون مع تحليل المفاهيم، ويستخدمون دقة البحث الكمي لدعم مشاريعهم الفلسفية.

نبذة تاريخية عن الفلسفة

على الرغم من أن الفلسفة الطبيعية قد عُرفت في الفلسفة الحديثة المبكرة كمصطلح يشير أحيانًا إلى “الفلسفة التجريبية”، فإن المعنى الحديث لهذا المصطلح يعود بشكل كبير إلى حوالي عام 2000م حين قام عدد قليل من الطلاب بتجربة دمج الفلسفة مع الدقة العلمية لعلم النفس.

تم تأسيس الحركة نحو الفلسفة التجريبية في عام 2000م، رغم أن بعض أشكال هذا النهج قد تم الإبلاغ عنها من قبل “هيوسون” عام 1994م.

إن الأساليب التجريبية في الفلسفة كانت قائمة منذ فترة طويلة قبل أن يتم تعريفها كمجال أكاديمي مستقل.

يزعم الفلاسفة التجريبيون المعاصرون أن حركتهم تمثل في الواقع عودة إلى المنهجيات التي استخدمها الفلاسفة القدماء. ويعتبر بعض المفكرين مثل “ديفيد هيوم”، و”رينيه ديكارت”، و”جون لوك” نماذج مبكرة لأشخاص تبنوا منهجية تعتمد على التجربة.

مجالات البحث

الوعي – Consciousness

تتناول الأسئلة المتعلقة بالوعي وما هي الشروط اللازمة للتفكير الواعي نقاشًا فلسفيًا طويل الأمد. وقد اقترب الفلاسفة التجريبيون من هذه المسألة من خلال محاولة فهم كيفية إدراك الناس للوعي بشكل عام.

على سبيل المثال، يدل عمل “جوشوا كنوب” و”جيزي برينز” (2008م) على أن الناس قد يمتلكون طريقتين مختلفتين لفهم العقول بشكل عام.

وقد ناقش “جاستن سيتسما” و”إدوارد ماكيري” (2009م) المنهجيات المناسبة لدراسة الحدس الشعبي بشأن الوعي، بينما قدم “آدم أريكو” (2010م) أدلة توضح أن التوصيفات العادية للوعي تتأثر بالتأطير (كوجود أو عدم وجود معلومات سياقية).

تم عرض بعض هذه الأعمال في مؤتمر حول الوعي على الإنترنت.

التنوع الثقافي – Cultural Diversity

بعد أعمال “ريتشارد نيسبت” التي أظهرت وجود اختلافات في مجموعة واسعة من المهام المعرفية بين الثقافات الغربية والشرقية، قام “جوناثان وينبيرغ” و”شون نيكولز” و”ستيفن ستش” (2001م) بمقارنة الحدس المعرفي لدى طلاب الكليات الغربية ونظرائهم من شرق آسيا.

سُحبت عينة من الحالات على الطلاب، بما في ذلك بعض الحالات الجذابة، وتم سؤالهم عما إذا كان الأفراد في تلك الحالات يعرفون حقًا الحقيقة أو يصدقونها فقط. وقد وُجد أن المشاركين من دول شرق آسيا كانوا أكثر ميلًا للاعتقاد بأن الأفراد في الحالات يعرفون حقيقة الأمر.

لاحقًا، أجريت تجارب مشابهة من قبل “إدوارد ماكيري” و”رون مالون” و”نيكولز” و”ستش” حول مدى صحة الأسماء، مستندين إلى حالات من تجارب “سول كريبيك” (1980).

مرة أخرى، أظهرت النتائج اختلافات ثقافية ملحوظة، حيث جادل كل مجموعة كتابةً بأن هذه الفروق الثقافية تثير التساؤلات حول فعالية مشروع استخدام الحدس في تطوير نظريات المعرفة أو المرجع.

مع ذلك، فشلت الدراسات التالية في تكرار نتائج “وينبيرغ وآخرون” (2001م) المتعلقة بحالات “غيتيير”، بينما قدمت دراسات حديثة أدلة تدعم فرضية أن الناس من ثقافات متنوعة يظهرون حدسًا متشابهًا بشكل لافت في هذه الحالات.

مجالات بحث أخرى في الفلسفة التجريبية تشمل:

  • الحتمية والمسؤولية الأخلاقية – Determinism and Moral Responsibility.
  • نظرية المعرفة – Epistemology.
  • العمل المتعمد – Intentional Action.
  • توقع الخلاف الفلسفي – Predicting Philosophical Disagreement.

المشكلات الفلسفية

يمكن القول إن الجدل الحقيقي حول الفلسفة الأخلاقية التجريبية لا يكمن في العلم بحد ذاته، بل في ارتباطه (أو بالأحرى عدم ارتباطه) بالفلسفة الأخلاقية. حيث يُعتقد أن الفلسفة الأخلاقية ليست مهتمة بكيفية تصرفنا، بل كيف يجب أن نكون.

وترتكب هذه الفلسفة خطأً في تصور الأخلاقيات كمعيار قد لا يتأثر بالنتائج التجريبية.

إذا واجهنا صعوبة في فهم متطلبات الأخلاق وطلباتها، فلن تعكس المشكلة طبيعة نظريتنا الأخلاقية وإنما طبيعتنا الأخلاقية نفسها.

النظرية الأخلاقية والفلسفة الأخلاقية التجريبية

تشير النظرية الأخلاقية إلى ما ينبغي علينا فعله، هي بمثابة نظرية حول كيفية تصرف الكائنات، مثلنا، وتفاعلها مع بعضها البعض. وبالتالي، فإن الأخلاق التي تفصل تمامًا عن طبيعتنا البشرية ستطلب منا أفعالًا غير ممكنة، مما يجعلها غير مقبولة بوضوح.

تتعرض النظرية النفعية للانتقاد بسبب فرض القيود غير الواقعية حول المتطلبات الأخلاقية. ويتعزز هذا النقد من خلال التحذير المشهور ضد اشتقاق “ما يجب أن يكون عليه” مما يمكن أن يطرح تساؤلات فلسفية جديدة أيضًا.

لذا، تعمل الفلسفة الأخلاقية التجريبية بالتزامن مع التحليل الفلسفي، حيث إنها لا تهدف للقضاء على واحدة أو الأخرى، ولكن لاستكشاف تأثير كل منهما على الأخرى.

يبقى المبحث حول كيف ستؤثر الأدلة التجريبية على النقاشات في النظرية الأخلاقية في المستقبل مسألة جدلية، إلا أنه من المؤكد أن النظرية الأخلاقية التقليدية والفلسفة الأخلاقية التجريبية تتعلم من بعضها البعض.

انتقادات الفلسفة الأخلاقية التجريبية

تحتوي الفلسفة الأخلاقية التجريبية على العديد من المسائل البحثية التي لم يتم التطرق إليها هنا، مثل الأدلة التجريبية المرتبطة بالأخلاقيات في سياق الأخلاقيات البيولوجية.

تشمل هذه القضايا مثل القتل الرحيم، والإجهاض، والفحص الجيني، والتدخلات ذات الأصل الوهمي. كما يُستخدم البحث التجريبي في الاقتصاد السلوكي وعلم النفس المعرفي لطرح أسئلة أخلاقية تتعلق بالسياسات العامة.

يبقى النقاش مفتوحًا حول هذه المواضيع، ولكن لم يكن لدينا المجال الكافي للخوض في تفاصيلها.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *