ما هو موقع مدينة الأبلة؟

الأبلة وأهمية موقعها الجغرافي

تتجلى أهمية الموقع الجغرافي للأبلة في موقعها الاستراتيجي على ضفاف نهر دجلة في البصرة العظمى، حيث تقع عند زاوية الخليج المؤدي إلى المدينة. تُعتبر الأبلة أقدم من مدينة البصرة، التي تأسست في عهد الخليفة “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه، حيث كانت حينها تحت سيطرة كسرى الفرس. تقع الأبلة في النقطة الفاصلة بين نهري الفرات ودجلة، وكلاهما صالحان للملاحة. كما أنها تتمتع بموقع قريب من قناة اصطناعية تؤدي إلى مدينة البصرة. ويعود تاريخ الابلة الملاحي إلى زمن الإسكندر الأكبر، حيث وصفها البحار “تيارجس” في عام 400 ق.م كخزان تجاري مهم في الخليج.

الأبلة وسبب التسمية

فيما يخص تسمية الأبلة، ذكر ياقوت الحموي أن كلمة “الأُبَلَّة” تُنطق بضم الحرف الأول والثاني مع تشديد وفتح اللام. عرفت المدينة قبل الإسلام باسم “أبولوكس” (Apologus) و (Uubulum) في النصوص الأكادية.

تتميز الأبلة بحجمها الصغير وجمال ريفها، كما تصنف بأنها مدينة تتمتع بعمران واسع وبساتين متصلة وأرض خصبة، مما يجعلها عامرة بالسكان الذين يعيشون في مستوى معيشة راقٍ.

الأبلة والفتح الإسلامي

توجهت أنظار المسلمين نحو الأبلة منذ عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، نظراً لأهميتها الكبيرة. فقد كتب إلى القائد الصحابي خالد بن الوليد بعد انتهاء معركة اليمامة (12 هـ، 633 م) يأمره بالتوجه إلى العراق وبدء الفتح بالأبلة. ومع ذلك، لم تفتح الأبلة بالكامل إلا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سنة (14 هـ، 635 م)، على يد الصحابي عتبة بن غزوان رضي الله عنه، وذلك بعد تأسيس مدينة البصرة.

الأبلة وأهميتها الاقتصادية

تكتسب الأبلة أهمية اقتصادية كبيرة، نظراً لهيمنتها على حركة الملاحة التجارية التي تربطها بالهند والصين وبقية أنحاء العالم. كانت الأبلة ميناءً جاهزًا لاستقبال السفن، حيث يمكن للسفن المتوسطة الوصول إلى الميناء بسهولة. وعندما انتقلت الخلافة العباسية إلى بغداد، زاد الاهتمام بمدينة الأبلة، مما ساهم في ازدهار اقتصادها وتطوير تجارة أهلها. وقد قال خالد بن صفوان “ما رأينا أرضًا مثل الأُبلة، أقرب مسافة، ولا أطيب نطفة، ولا أوطأ مطية، ولا أربح لتاجر، ولا أخفى لعابد”. كما زادت الملاحة في الأبلة، حيث كانت نقطة توقف للسفن القادمة من عمان والبحرين وفارس والهند والصين. وكانت الأبلة تلبي حاجات الدولة العربية الإسلامية من السلع مثل السيوف والساج والعطور وغيرها. كما كانت هناك تجارة منتظمة مع الصين، إذ كانت السفن تصل مباشرة إلى ميناء الأبلة. بالإضافة إلى ذلك، لعبت الأبلة دورًا مهمًا في التجارة الداخلية مع أنحاء الجزيرة العربية لتلبية احتياجاتها من السلع والبضائع.

ذكر الرحالة ابن بطوطة الأبلة في سفره حين قال إنه ركب من ساحل البصرة إلى الأبلة في قارب صغير، مشيرًا إلى أن المسافة تعادل عشرة أميال عبر بساتين ومنتزهات نخيل، حيث كان البائعون يبيعون الخبز والسمك واللبن والفواكه تحت ظل الأشجار.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *