الاختلاف بين الجناس والطباق في الأدب العربي

تتفرد اللغة العربية بفصاحتها وبلاغة معانيها، حيث يُعتبر العرب منذ العصور القديمة فخورين بلغتهم ومتباهين بشعرائهم.

إن الصور والزخارف التي تُنسج باللغة العربية يصعب التعبير عنها بأي لغة من لغات العالم، لذا سنتناول في هذا المقال التحسينات البديعية في اللغة العربية وسنوضح الفروق بين الجناس والطباق.

علم المحسنات البديعية

سنُوجز الحديث حول علم البديع والمحسنات البديعية من خلال النقاط التالية:

  • يُعرّف علم البديع بأنه العلم الذي يختص بتحسين الألفاظ باللغة العربية، سواء كان ذلك تحسينًا لفظيًا أو معنويًا، ويُعتبر علم البديع فرعًا من فروع علم البلاغة.
  • يجري تقسيم علم البديع إلى نوعين من المحسنات اللفظية، حيث تُستخدم لتحسين اللفظ العربي وتجميله، مثل الجناس والسجع ورد الصدر إلى العجز والتصريع.
  • أما المحسنات المعنوية، فتعمل على تحسين المعاني دون النظر إلى الألفاظ، ومنها الطباق والتورية والمقابلة وغيرها من المحسنات البديعية.

تعريف الجناس

نتناول في هذه الفقرة الجناس كأحد أنواع المحسنات اللفظية عبر النقاط التالية:

  • يُعرَّف الجناس بأنه نوع من المحسنات اللفظية المستمدة من علم البلاغة، حيث يُعرَّف في اللغة بأنه التماثل والتشابه بين شيئين متطابقين في الجنس.
    • فالجنس هو الأصل الذي اشتقت منه الشيء، وبالتالي فهو فرع عنه، ولذلك، يحدث الجناس بين شيئين لهما نفس الصفات والسمات التي تجمعهما.
  • أما التعريف الاصطلاحي للجناس كما يُعرفه علماء البلاغة فيُشير إلى كلمتين لهما نفس اللفظ لكن تختلفان في المعنى.
    • لذا، يركز الجناس على التشابه في الحروف مع وجود فارق كبير في معنى كل كلمة وفقًا لسياق الكلام.
  • يُقسم الجناس إلى قسمين بحسب علماء البلاغة: الجناس التام، حيث تكون الكلمتين متطابقتين بشكل كامل، والجناس غير التام أو الجناس الناقص.
    • حيث يحدث اختلاف بين الكلمتين من ناحية اللفظ.

أمثلة على الجناس

سنوضح مفهوم الجناس من خلال الأمثلة التالية:

  • في قول الشاعر في الشطر الثاني من البيت (يحيا لدى يحيى بن عبد الله)، يظهر الجناس التام حيث الكلمتين (يحيا ويحيى) متماثلتين في الحروف واللفظ.
    • لكن الكلمة الأولى فعل مضارع والثانية اسم، وبالتالي يُعتبر الجناس هنا تامًا رغم اختلاف المعنى.
  • في المثال الثاني، يتضح الجناس التام في قول الشاعر (لم نلق غيرك إنسانًا يلاذ به فلا برحت لعين الدهر إنسانًا)، حيث يتطابق شكل الحروف ومعاني الكلمات.
  • أحد الأمثلة الأخرى هو في قول الشاعر في الشطر الثاني من البيت الأول: (المزن حال مصابه)، و(ملقاه ومطعم صابه) حيث الجناس بين كلمتي (صابه ومصابه) يُعتبر جناسًا تامًا من نوع تركيب مرفق.
  • في قول الله تعالى (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ)، يُظهر الجناس بين (الساق والمساق) نوع الجناس الناقص مع فارق حرف وكذلك اختلاف المعنى.
  • في قول الشاعر (الجوى بين الجوانح)، يُظهر الجناس الناقص غير التام حيث الاختلاف في أكثر من حرف والمعنى.

تعريف الطباق

سنستعرض الطباق كأحد أنواع التحسين البديعي المعنوي من خلال النقاط التالية:

  • الطباق يعد فرعًا من فروع علم البلاغة ويُركز على المحسنات البديعية التي تعتمد على المعنى وليس اللفظ.
  • يرتكز الطباق على المعنى وعكسه دون النظر إلى الألفاظ مثل (يبكي ولا يبكي، يفرح ويحزن).
    • توجد نوعان من الطباق:
      • طباق إيجاب: يتمثل في تقديم كلمة ثم كلمة مضادة لها في المعنى مثل (سعيد وحزين، قوي وضعيف).
      • طباق سلب: يشمل إيراد كلمة مع نفيها في سياق الكلام، مثل (يبكي ولا يبكي، يسرع ولا يسرع).

أمثلة عن الطباق

فيما يلي أمثلة متنوعة حول الطباق:

  • يقول الشاعر (إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب تَحَرَّك يقظان التراب ونائمُه).
    • في هذا البيت الشعري نجد مثالين عن الطباق الإيجابي، حيث وردت كلمتي (الشرق والغرب) ككلمتين متضادتين.
    • كما نجد كلمتي (يقظان ونائمة) التي تصف التراب بشكل مجازي.
  • في المثال الثاني، نجد في قول الله تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، حيث الطباق يتواجد بين (يعلمون ولا يعلمون) التي تعبر عن إثبات الشيء ونفيه، مما يجعله طباق سلب.
  • كذلك في قوله عز وجل (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) يظهر الطباق بين كلمتي (ميتًا وأحييناه) كطباق إيجاب يعبر عن الحياة والموت.
  • كذلك في قول الشاعر (في حده الحد بين الجد واللعبِ) يكون الطباق بين (الجد واللعب) كطباق إيجاب حيث الكلمتين متعاكستين في المعنى.

الفروق بين الجناس والطباق

توجد عدة اختلافات بين الجناس والطباق كمحسنات بديعية، ويمكن تلخيص هذه الفروق بما يلي:

  • يعرف السكاكي الجناس بأنه تشابه كلمتين في اللفظ، إما تشابه كامل (الجناس التام) أو غير كامل (الجناس الناقص).
  • تحدث هلال العسكري عن الجناس كمصطلح يشير إلى إيراد كلمتين متماثلتين في اللفظ نصًا، أو وجود اختلاف في حرف أو أكثر.
  • يُتفق بين علماء اللغة على أن الجناس يتطلب تشابه الكلمتين في اللفظ مع اختلافهما في المعنى كما في قوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ).
  • أما بالنسبة للطباق، فقد اتفق علماء اللغة على تعريفه بأنه الجمع بين كلمتين متضادتين في المعنى، سواء كان ذلك جمع الكلمة وضدها (طباق إيجاب) أو الجمع بين الكلمة ونفيها (طباق سلب).
  • وبذلك، نكون قد أوضحنا الفروق بين الجناس والطباق بشكل شامل وواضح.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *