أهمية الامتنان للنعم في حياتنا

أهمية شكر النعم

تُعتبر شكر الله -عز وجل- من الأسباب الأساسية لاستمرار النعم، حيث أن النعم إذا قوبلت بالشكر دامت، أما إذا جحدت فقد تُفقد. من مظاهر الشكر للنعمة هو السجود لله عند حصولها، كما يُستحب للعبد الذي أنعم الله عليه بفضلٍ أن يُظهر أثر تلك النعمة، إذ يحب الله أن يُشهد أثر نعمه على عبده. من العبادات المندوبة أيضاً تقديم الشكر للآخرين من خلال مساعدتهم بقدر الاستطاعة. فيما يلي نتناول أهمية شكر النعم:

  • الشكر جزء من الإيمان: يُعتبر الشكر منزلة رفيعة، حيث قال بعض العلماء بأن الإيمان يتكون من شقين: الصبر والشكر، استناداً إلى قوله -عز وجل-: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ).
  • الشكر طريق لرضا الله -تعالى-: استمرار العبد في شكر الله على نعمه يزيد من قبول الله لهذا الشكر، وقد ورد في القرآن الكريم: (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ).
  • الشكر ملازم للعبادة: يُعتبر الشكر دليلاً على صحة عبادة الفرد، حيث أن من يشكر الله هو من يعبده بصدق، ومن يُعرف بالعصيان لا يُظهر شكراً على الله، كما ورد في الآية: (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
  • الشكر صفة للأنبياء -عليهم السلام-: يُعد شكر الله من أعظم العبادات، وقد ورد ذكره في مدح نبينا إبراهيم -عليه السلام- حيث قال الله: (إِنَّ إِبراهيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ حَنيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ* شاكِرًا لِأَنعُمِهِ).)، كما كان سيدنا سليمان -عليه السلام- يقول: (قَالَ هَـذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).

ومن أمثلة الشكر من حياة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- نذكر دعائه المعروف، حيث قال للصحابي معاذ بن جبل: (يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ. فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ).

  • الشكر صفة لأهل الجنة: توضح النصوص الشرعية كيف أن أهل الجنة يشكرون الله بشكل متواصل، حيث يعبّرون عند رؤية النعيم عن شكرهم لله كما جاء في القرآن: (وَقالُوا الحَمدُ لِلَّـهِ الَّذي هَدانا لِهـذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدانَا اللَّـهُ).
  • الشكر سبب لاستمرار النعم وزيادتها: الله -سبحانه وتعالى- هو المتفضل بالنعمة، ومن يشكره بصدق تُدوم نعمه، في المقابل، الجحود يزيد من صعوبة تواجدها.
  • ثناء الله على الشاكرين: يُعتبر شعور المسلم بعظمة الشكر من أجل العبادات التي يجب إحسانها، قال -تعالى- مُخاطباً الشاكرين: (إِنَّ هَـذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا).
  • جعل الله الشكر سبباً لزيادة فضله: كما قال -تعالى-: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ).
  • وعد الله الشاكرين بجزاء حسن: تبرز عظمة عبادة الشكر في قوله -تعالى-: (وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ).
  • الشكر يقرب المسلم من الله: عندما يعتاد الإنسان على شكر الله، يُشعره ذلك بقربه الدائم من الله، ونعمة الإيمان تُعتبر من أبرز النعم التي يستحق الشكر.
  • الجحود وعدم الشكر يؤدي لفقدان النعم: حيث يُشير الحسن البصري إلى أن الله يُديم النعمة حتى لا يُشكر عليها، وعندما يُجحد الشكر تُقلب النعمة عذابًا.
  • الشكر كمبدأ مُوصى به من قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: وقد كان حريصاً على تعليم أصحابه كيفية شكر الله لتحقيق مزيد من النعم.
  • الشكر يساهم في الثبات على الإيمان: ربط الله في كتابه الكريم بين قوة الإيمان والشكر.
  • بلوغ منزلية الشاكر للصائم: جعل الله الشاكر بمثابة الصائم الصابر حيث قال: (الطاعمُ الشَّاكرُ بمنزلةِ الصائمِ الصابر).

جزاء الشاكرين لله على النعم

قد جعل الله -سبحانه وتعالى- جزاء الشاكرين غير محدود ومرتبط بحمدهم، حيث قال: (وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ) و(وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)، فعندما يزيد المسلم شكره، يزداد أجره وتُبارك نعمه.

وقد وصف الله -تعالى- كيف أن نعمه تُغمر الناس، إلّا أن أكثرهم لا يُشكرون، قال -عز وجل-: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ). وهذا الجحود أدى إلى جعل ثواب الشاكرين من أعظم الأجور، فكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ…).

كيفية تحقيق شكر الله على النعم

يتحقق شكر الله -تعالى- من خلال مجموعة من الخطوات، نذكرها فيما يلي:

  • معرفة النعمة: على الإنسان التمييز بين النعم وفهم قيمتها، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا نَظَرَ أحَدُكُمْ إلى مَن فُضِّلَ عليه في المالِ والخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إلى مَن هو أسْفَلَ منه).
  • الاعتراف بأنها من الله: يجب أن يعترف الإنسان بأن النعمة جاءت بفضل الله لا نتيجة لمجهوده الشخصي حتى يكون شكره خالصًا.
  • قبول النعمة بقبول الفقر والحاجة: وذلك من خلال التسليم لله والشعور بأنه بدون نعم الله لما حصل على شيء.
  • شكر الله باللسان: يتطلب ذلك أن يظهر الشاكر شكره بالقول، من خلال الثناء على الله وذكر فضله.
  • شكر الله بالعمل: تعني الالتزام بطاعة الله وإتمام الأعمال خيرًا، مثل أداء الصدقات والزكاة.
  • شكر الله في القلب: يتطلب ذلك إيمان القلب بنعمة الله واليقين بذلك.
  • التحدث عن النعمة: إظهار الشكر من خلال التحدث عن النعم التي تمتع بها، كما أُمرنا في قوله: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).

درجات الشكر

تنقسم درجات الشكر إلى ثلاثة مستويات كما يلي:

  • شكر النعم المحببة: يعني اعتراف العبد بنعم الله عليه، سواء كانت مادية أو معنوية.
  • شكر المكاره: التعامل مع المصائب بالشكر، والذي يُعتبر تحدياً يرفع من درجات الإيمان.
  • عدم الاعتراف بسوى المنعم: هنا يتجاوز العبد كل ما يعكر صفو النعمة حيث يشهد النعمة على أنها من الله دائماً.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *