تطبيقات الفلسفة الوجودية في مجال التعليم

تعتبر الفلسفة الوجودية إحدى التيارات الفلسفية التي تركز على إعلاء قيمة الإنسان، وتبرز تفرده وتميزه. إذ تُشير إلى أن الإنسان يمتلك القدرة على التفكير وذات حرية في الاختيار وإرادة كاملة، مما يجعله غير مُحتاج لتوجيه خارجي.

تشمل الفلسفة الوجودية مجموعة من الاتجاهات والأفكار المتنوعة، مما يجعلها نظرية فلسفية غير واضحة تماما أو محددة المعالم.

تعريف الفلسفة الوجودية

  • تركز الفلسفة الوجودية على كون الإنسان كائنًا حرًا، له الحق في تشكيل جوهره الخاص ونمط حياته المتفرد.
  • ظهرت الفلسفة الوجودية لأول مرة كحركة أدبية وفلسفية في القرن العشرين، رغم أن بعض الفلاسفة كتبوا عنها في أوقات سابقة.
  • تشير الوجودية إلى أن غياب تأثير مباشر من قوة خارجية (مثل الإله) يعني أن الفرد يتمتع بحرية كاملة، ويتحمل مسؤولية كافة أفعاله.
  • يكون الإنسان أيضًا مُطالباً باختيار معتقداته وتحمل المسؤولية الفردية دون الاعتماد على نظام مسبق.

تتجلى الفلسفة الوجودية من خلال النقاط التالية:

  • ترتبط هذه الفلسفة بطبيعة الوجود.
  • تعتبر تياراً فلسفياً يعكس حرية التفكير وعدم التقيد.
  • تركز على الإنسان كجوهر تواجدها، ويعتبر هدفها الأساسي هو “وجود كل ما هو موجود”.
  • تتعامل الفلسفة مع قضايا وجودية أساسية تتعلق بالحياة والموت.
  • تضمن حرية الإنسان فيما يتعلق بأفعاله، كما يُلزمه بتحمل مسؤولية هذه الحرية.
  • تناقش الجذور الفكرية والمعتقدات.
  • برزت الفلسفة الوجودية كرد فعل على القلق الذي اعتلى أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وزادت شعبيتها بعد الحرب العالمية الثانية نتيجةً للأحداث الدموية التي شهدتها.
  • أدت إلى تلك الفلسفة أيضًا حالة من الإحباط بسبب تسلط الكنيسة والتحكم المفرط في الأفراد باستخدام الدين كوسيلة للسيطرة.
  • تأثرت الفلسفة بالعلمانية والعديد من الحركات التي انطلقت خلال عصر النهضة الأوروبية، متحدية الدين والكنيسة.

أشهر الفلاسفة الوجوديين

  • جون بول سارتر

وُلِدَ جان بول سارتر في 21 يونيو 1905 في باريس وتوفي في 15 أبريل 1980. يعتبر سارتر واحدًا من أبرز الفلاسفة الوجوديين، حيث كان أيضًا روائيًا وكاتب سيناريو ومسرحيًا وناقدًا أدبيًا. كما لعب دورًا بارزًا كناشط سياسي فرنسي، وأمضى فترة من حياته كأستاذ للفلسفة في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية.

رغم أن هناك بعض الفلاسفة الذين سبقوه في هذا المجال مثل سورين كيركجارد الذي أطلق مصطلح “الوجودية” وقدم أفكارًا تمهد لهذا المفهوم، فإن فلسفة سارتر تُظهر نفس الاتجاه وتمهد لفكرة أن الإنسان ليس له طبيعة يمكن من خلالها تحديد كينونته.

تؤكد فلسفة سارتر أن الإنسان هو صانع ذاته، وهو يعتبر نفسه حرا تمامًا فيما يفعله، حيث يؤكد على أن “الإنسان ليس له ماهية أو طبيعة ثابتة، بل إن ماهيته هي الحرية”.

مبادئ الفلسفة الوجودية

تتضمن الفلسفة الوجودية مجموعة من المبادئ الأساسية تشمل:

  • وجود الإنسان هو المحور الرئيسي.
  • تدعو إلى حرية الإنسان وكفالة كافة حقوقه في حرية الاختيار وتحمله المسؤولية عن قراراته.
  • تشير إلى أن العالم المادي والكون بأسره ليس لهما معنى بدون وجود الإنسان.
  • تؤكد حرية الإنسان في الاختيار وتحديد المعايير الأخلاقية الخاصة به.
  • تعتبر الفلسفة الوجودية أن الإنسان هو من يصنع نفسه بنفسه.
  • تعتبر الفرد أهم من المجتمع.

أهم التطبيقات التربوية للفلسفة الوجودية

تشمل التطبيقات التربوية للفلسفة الوجودية عدة عناصر رئيسية، منها:

  • المعلم: يمنح الطالب حرية اختيار المحتوى والأسلوب المناسب له، مما يولد لديهم شعورًا بالحماسة والدافعية بفضل تمتعهم بالحرية والاستقلالية.
  • المتعلم: يتمتع التلميذ بحقيقة حريته، فهو يمثل العنصر الأساسي في عملية الاختيار لما يتعلمه ودراسة كيفية وتحديد مكان التعلم، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن خياراته.
  • المناهج: تهتم بتصميم المناهج وفقًا لشخصية المتعلم، دون التركيز على خلفيته الاجتماعية، وتعتبر المناهج الأكثر أهمية تلك التي تركز على الدراسات الإنسانية (مثل التاريخ والأدب والفلسفة والفنون)، مع تجاهل التدريب المهني والعلوم المنزلية، حيث يؤدي ذلك إلى إعاقة حرية الفرد.
  • طرق التدريس: تعتقد الوجودية أن الطريقة الأهم في التدريس هي الطريقة السقراطية، التي لا تعتمد على التلقين أو المحاضرات أو المقررات المعدة مسبقًا، بل تركز على التفكير والنقاش والحرية الكاملة في التعبير والإبداع.
  • المدرسة: تشير الوجودية إلى أن المدرسة يجب أن توفر بيئة للبحث والمناقشة وتحليل كافة القضايا، حيث طالب بعض الوجوديين بإلغاء النموذج التقليدي للمدرسة، مع الحفاظ على بعض الأنشطة مثل المكتبات وقاعات الاجتماعات والملاعب.

انعكاسات الفلسفة الوجودية في التطبيقات التربوية

  • تميزت الفلسفة الوجودية بالتركيز على وجود الإنسان، وأن حقيقته تنبع من تجربته الحية والمباشرة.
  • يعتمد فلاسفة الوجودية على أن وجود الإنسان هو محور تفكيرهم، وأن ماهية الإنسان ترتبط بشكل وثيق بوجوده.
  • كما تؤمن الفلسفة بالحرية الكاملة للإنسان، بالإضافة إلى مسؤوليته عن أفعاله، وضرورته في تشكيل عالمه وبناء شخصيته ومعتقداته بنفسه.
  • يسمح الجانب التربوي للفلسفة الوجودية للطالب بالوصول إلى جوهر المعرفة من خلال البحث والنقاش والتحليل، مما يؤدي إلى تحقيق فهم عميق.
  • ترفض الفلسفة الوجودية فكرة التلقين والحفظ، وتؤكد على أهمية وجود نظام تربوي شامل يُعزز المواهب الفردية، من خلال منح كل شخص حرية البحث وكشف المعرفة بنفسه.
  • ترى الفلسفة الوجودية التربية كعملية ضرورية لتحقيق الذات.
  • تمنح الفلسفة الوجودية الإنسان حرية الاختيار، حيث تعتمد على تفسير وتحليل المسائل المختلفة.
  • كما وصف الفيلسوف “سارتر” الوجودية بأنها مصدر من التفاؤل، لأنها تعيد مصير الإنسان إلى يديه.
  • ترى الوجودية أن الطريقة السقراطية هي الأكثر ملاءمة لنظام التدريس، حيث تعتمد على الاستقراء والفهم.

ولا شك أن الدين الإسلامي يرفض جميع أشكال الفلسفة الوجودية، حيث يعتبرها دعوة للإلحاد، ويبرز أن النقاشات الخاصة بالحرية والمسؤولية والالتزام التي تثيرها هذه الفلسفة تظل غير مرتكزة على قواعد الأخلاق والمعتقدات الدينية.

كما تشير إلى أن الإنسان قد لا يعرف من أين أتى أو بداية وجوده، والأسئلة المتعلقة بمسيرته لم تحسمها الفلسفات الغربية، بل حسمها الإسلام الذي يعلّم التوحيد بشكل واضح للعقل والضمير لدى كل مسلم يؤمن بالله ربًا، والقرآن دينًا، ومحمدًا صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولًا.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *