موقع قلعة صلاح الدين الأيوبي

قلعة صلاح الدين الأيوبي

تقع قلعة صلاح الدين في محافظة اللاذقية في الجمهورية العربية السورية، مشيدةً على قمة مرتفعة تطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط. تحيط بها الغابات والمناظر الطبيعية، مما يمنحها مشهدًا خلابًا. تتموضع القلعة إلى الشرق من مدينة اللاذقية بالقرب من مدينة الحفة، على ارتفاع 410 أمتار عن سطح البحر. تتواجد القلعة فوق قمة صخرية تمتد بشكل طولي وتتشكل وفق شكل مثلث متساوي الساقين، حيث يجري واديان عميقان على جانبيها.

تنقسم قلعة صلاح الدين إلى قسمين رئيسيين؛ القسم الشرقي الذي يُعتبر الأعلى ويحتوي على معظم التحصينات الحيوية، بينما يتميز القسم الغربي بانخفاضه الملحوظ عن القسم الشرقي، حيث يقع على هضبة مسطحة كانت تتصل سابقًا بالرأس الصخري الذي شُيدت عليه القلعة. تم فصل هذا القسم عن الرأس عند حفر خندق في تلك الصخرة. تعتبر قلعة صلاح الدين واحدة من أجمل القلاع في فن العمارة العسكرية، حيث تتمتع بإطلالة رائعة ومذهلة في ذات الوقت.

القلعة عبر العصور

تعود أصول القلعة إلى عهد الإغريق عندما كانت تتبع جزيرة أرواد، وقد انتقلت لاحقاً إلى المنتصر المقدوني. عُرفت المدينة التي تقع بها القلعة باسم “سيفون”، وهو المصدر الذي استُلهم منه اسم “صهيون” الذي أطلق على القلعة قديمًا. تشير كتب التاريخ إلى أن سيف الدولة الحمداني تمكن من الاستيلاء على القلعة واتخذها حصناً له، على الرغم من عدم العثور على أي آثار تدل على وجود الحمدانيين في القلعة.

تحكي المصادر التاريخية أيضاً أن الإمبراطور ابن الشمقمق اجتاح سوريا في أواخر القرن التاسع الميلادي واستولى على مدينة صهيون، لتبقى القلعة تحت سيطرة البيزنطيين حتى احتلال الفرنجة لمدينة اللاذقية، حيث مكثوا بها لأكثر من قرن. وقد ركزوا تحصيناتهم في القسم الشرقي للقلعة، بينما تم تخصيص القسم الغربي للسكّان.

في الحملة الكبيرة التي قادها صلاح الدين الأيوبي لمواجهة الصليبيين، نجح في تحرير القلعة من أيدي الفرنجة. استمرت المواجهات في المدينة لمدة يومين، ثم توجه صلاح الدين نحو القلعة، حيث دخلها من الجهة الشمالية للقسم الغربي وذلك لسهولة الصعود من تلك الجهة مقارنةً بالقسم الآخر الذي يتميز بحدته. وقعت معارك عنيفة في القلعة على مدار يومين، حتى تم تحريرها بنجاح.

في عهد المماليك، تولى الظاهر بيبرس إدارة قلعة صلاح الدين الأيوبي. ومع دخول العثمانيين، تم هجر العديد من القلاع في المنطقة بما في ذلك قلعة صلاح الدين في فترة انهيار المماليك. وظلت القلعة مهجورة لقرون عديدة بسبب موقعها النائي، حتى أثارت انتباه عدد من الرحالة الأجانب الذين أعادوا تسليط الضوء عليها. عاد للقلعة مجدها كوجهة سياحية يقصدها الزوار من مختلف أنحاء العالم.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *