القانون الإداري
ينقسم القانون إلى قسمين رئيسيين هما: القانون العام والقانون الخاص، ويعتبر القانون الإداري جزءًا من القانون العام، حيث يعنى بتنظيم وتشكيل أنشطة الإدارة. يمكن تعريف القانون الإداري من خلال وجهات نظر متعددة؛ إذ يصفه الفقيه الفرنسي فالين بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الأشخاص الإداريين والسلطات الإدارية، كما تحدد حدود هذه السلطات ونتائج تجاوزها حدود القانون. من جهة أخرى، يعرفه الدكتور ثروت بدوي في الفقه العربي بأنه النشاط الذي تمارسه السلطات الإدارية عبر استخدام أساليب السلطة العامة ضمن مجموعة من الامتيازات التي تهدف إلى إشباع احتياجات تعود بالنفع على المجتمع. وبالتالي، يمكن القول أن القانون الإداري يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم علاقات الإدارة العامة بالأفراد والعلاقات بين مختلف الإدارات، وتساهم هذه القواعد في تنظيم أنشطة الإدارة العامة من خلال الوسائل والامتيازات التي تمتلكها لتحقيق الاحتياجات العامة.
أهمية القانون الإداري
تهدف الدول بشكل عام إلى تلبية احتياجات الأفراد في المجتمع، حيث تسعى مجموعة من الهيئات إلى تلبية هذه الاحتياجات، التي يمكن أن تتضمن أنشطة فردية تهدف إلى الربح أو الشهرة، بالإضافة إلى الأنشطة الإدارية التي يتحمل مسؤوليتها الجهاز التنفيذي المعروف بالإدارة العامة، والتي تقدم احتياجات تخدم المصلحة العامة. يعمل القانون الإداري على تنظيم العلاقة مع الإدارة العامة التي تتكون عادة من موظفين وهيئات تمارس الوظيفة الإدارية للدولة بهدف تحقيق المتطلبات العامة. تتجلى أهمية القانون الإداري في ارتباطه بالمصلحة العامة، ومن بين أبرز التطبيقات التي يقدمها:
- التنظيم الإداري: يحدد القانون الإداري طبيعة الهيئات والسلطات الإدارية ويضع المبادئ التي تنظم العلاقات بينها.
- النشاط الإداري: يوفر القانون الإداري مجموعة من القواعد التي تتحكم في الأنشطة التي تقوم بها الإدارة، وتحدد أسلوب أداء وظائفها المختلفة. وتنقسم هذه القواعد إلى صورتين رئيسيتين:
- الضبط الإداري: يتم من خلال قواعد تتحكم في تصرفات وإجراءات الإدارة ذات الصلة بالحفاظ على النظام العام، بما يحمي الحريات العامة، ويشمل ذلك النزاعات التي قد تنشأ في الإدارة، حيث يكون القانون الإداري مسؤولًا عن حلها.
- المرافق العامة: تشير إلى المشاريع التي تهدف إلى تحقيق النفع العام، وتوجد إدارة مسؤولة عن تقديم الخدمات المختلفة للمجتمع لتلبية احتياجات الأفراد. يعمل القانون الإداري على وضع قواعد تتيح التدخل في الإدارة العامة لهذه المشاريع بأشكال متعددة.
- وسائل وأساليب الإدارة: يشمل الأحكام التي تقدم للإدارة الأساليب والطرق اللازمة لأداء أنشطتها، وتنقسم هذه الوسائل إلى ثلاثة أشكال:
- الوسائل المادية: تنظم تصرفات الإدارة في المال العام.
- الوسائل البشرية: تتعلق بتصرفات الإدارة تجاه الموارد البشرية، مثل الموظفين.
- الأساليب القانونية: تشمل القرارات والعقود الصادرة عن الإدارة.
خصائص القانون الإداري
يتسم القانون الإداري بمجموعة من الخصائص التي تميزه، ومنها:
- حديث النشأة: يرتبط تأسيس القانون الإداري بتشكيل مجلس الدولة الفرنسي. قبل الثورة الفرنسية في عام 1789، كانت البرلمانات تتبع إجراءات غير سلمية في تعاملها مع الإدارات، مما أدى إلى عرقلة أعمالها. عقب الثورة، شهدت السلطات القضائية فصلًا عن الإدارة، وهو فصل ملحوظ منذ عام 1790.
- قضائي: تنبع العديد من نظريات ومبادئ القانون الإداري من أحكام القضاء الإداري.
- مرن: نظرًا لارتباطه بأداء النفع العام وتقديم الخدمات، يجب أن يتسم القانون الإداري بالمرونة وقابلية التغيير ليتماشى مع المتغيرات.
- غير مقنن: لا يوجد قانون شامل يجمع جميع أحكام القانون الإداري، مما يتماشى مع طبيعته المتغيرة وفقًا للحاجات.
- متعلق بالنظام العام: ترتبط قواعد القانون الإداري بالمصلحة العامة، وتتميز بكونها قواعد آمرة.
مصادر القانون الإداري
تشكل المصادر أساس المعرفة لأي مادة قانونية، حيث تتم نشأة القواعد القانونية من مجموعة من المصادر التي تظهر فيها. المصادر الأساسية للقانون الإداري تشمل:
المصادر الرسمية
هي المصادر التي تلعب دورًا مباشرًا في تشكيل القاعدة القانونية، وتنقسم إلى نوعين رئيسيين:
- المصادر المكتوبة: تتوفر كمرجع في حالات الحاجة، فهي ناتجة عن عمليات تشريعية طويلة تؤدي إلى تدوين القوانين، وأشكالها تشمل:
- التشريع: يصدر عن سلطة مختصّة تتبع إجراءات دستورية خاصة.
- الدستور: يصدر عن جمعية تأسيسية مستقلة ويمثل النظام القانوني الأساسي.
- القوانين الشكليّة: تصدر عن هيئات مختصة دستوريًا تعتمد على إجراءات دستورية.
- اللوائح: تصدر عن الهيئات التنفيذية، مثل الحكومة والوزارات.
- الأنظمة الذاتية الخاصة: تصدر عن الهيئات التي تدير شؤونها الذاتية، كالإدارات المحلية.
- المصادر غير المكتوبة: تتمثل بالعُرف الذي يعد ثاني مصدر رسمي للقانون الإداري بعد التشريع، حيث تصدر عنه قوانين إدارية في حالات عدم وجود نصوص تشريعية تنظم الأمر.
المصادر التفسيرية
تتولى هذه المصادر تقديم تفسيرات للقواعد القانونية في القانون الإداري، وتشمل:
- الفقه: يسعى الفقه إلى توضيح مزايا وعيوب التشريعات والأحكام القضائية، من خلال إعادة الحلول الجزئية إلى أصولها ومبادئها العامة.
- القضاء: يقوم القاضي بدور تقديم الحلول للقضايا التي تفتقر إلى نصوص قانونية تنظمها.