فيزيولوجيا الحياة وتطبيقاتها: ابتكر كارل بيرسون مصطلح “فيزيولوجيا الحياة” عام 1892. يُستخدم هذا المصطلح بشكل متكرر في المجالات الأكاديمية للإشارة إلى دراسة الكميات الفيزيائية المتعلقة بالظواهر البيولوجية.
فيزيولوجيا الحياة
تعتبر فيزيولوجيا الحياة مجالاً متعدد التخصصات، حيث تُطبق الأساليب التقليدية المستخدمة في الفيزياء لدراسة الظواهر البيولوجية. يغطي هذا الحقل جميع مقاييس التنظيم البيولوجي، بدءًا من المستوى الجزيئي وصولاً إلى الكائنات الحية والمجموعات السكانية.
تتداخل الأبحاث في فيزيولوجيا الحياة بشكل كبير مع علوم الكيمياء الحيوية، والبيولوجيا الجزيئية، والكيمياء الفيزيائية، وعلم وظائف الأعضاء، وتكنولوجيا النانو، والهندسة الحيوية، والبيولوجيا الحاسوبية، والميكانيكا الحيوية، والبيولوجيا التطورية، وبيولوجيا النظم.
تاريخ الفيزيولوجيا الحيوية
بدأت الدراسات المتعلقة بالفيزيولوجيا الحيوية في أربعينيات القرن التاسع عشر من قبل مجموعة تُعرف باسم مدرسة برلين لعلماء وظائف الأعضاء، والتي تضم مجموعة من الرواد مثل هيرمان فون هيلمهولتز، وإرنست هاينريش ويبر، وكارل إف دبليو لودفيج، ويوهانس بيتر مولر.
زادت شعبية هذا المجال بعد صدور كتاب “ما هي الحياة؟” لإروين شرودنغر في عام 1957. وقد تأسست جمعية الفيزيولوجيا الحيوية، التي تضم حاليًا حوالي 9000 عضو حول العالم.
بينما ينتقد بعض المؤلفين مثل روبرت روزين هذا المجال، معتبرين أن الطرق المتبعة في الفيزياء الحيوية لا تأخذ في الاعتبار الخصوصيات المتعلقة بالظواهر البيولوجية.
فيزيولوجيا الحياة الجزيئية
تستخدم التقنيات التالية بشكل روتيني في هذا المجال:
تشمل هذه الأساليب التصوير الفلوري، والمجهر الإلكتروني، وعلم البلورات بالأشعة السينية، والتحليل الطيفي للرنين المغناطيسي النووي. إضافة إلى الفحص المجهري للقوة الذرية (AFM) والتشتت بزاوية صغيرة (SAS) وعلم الأشعة السينية، والنيوترونات (SAXS/SANS)، لتصور الهياكل البيولوجية.
يمكن أيضًا ملاحظة ديناميات البروتين من خلال مطياف صدى الدوران النيوتروني، وقياس التغيرات في التركيب من خلال تقنيات مثل قياس التداخل ثنائي الاستقطاب، والازدواج اللوني الدائري، وSAXS وSANS.
تُستخدم أيضًا طرق المعالجة المباشرة للجزيئات، مثل ملاقط بصرية أو AFM، لمراقبة الأحداث البيولوجية التي تحدث على مستوى النانو. وغالبًا ما ينظر علماء الفيزيولوجيا الحيوية الجزيئية إلى الأحداث البيولوجية المعقدة على أنها نظم من الكيانات المتفاعلة.
يمكن فهم هذه الظواهر باستخدام الميكانيكا الإحصائية، والديناميكا الحرارية، والحركية الكيميائية. ومن خلال دمج المعرفة والتقنيات التجريبية من مجالات متنوعة، يستطيع علماء الفيزيولوجيا الحيوية غالبًا مراقبة أو نمذجة أو حتى التلاعب بهياكل وتفاعلات الجزيئات الفردية أو مجمعات الجزيئات.
تابع أيضًا:
أهداف الفيزيولوجيا الحيوية الجزيئية
تركز الفيزيولوجيا الحيوية الجزيئية عمومًا على أسئلة بيولوجية مشابهة لتلك الموجودة في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية. تسعى إلى تحديد الأسس الفيزيائية للظواهر المرتبطة بالجزيئات الحيوية، حيث يجري العلماء أبحاثًا لفهم التفاعلات بين الأنظمة الخلوية المختلفة، بما في ذلك التفاعلات بين الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبي (RNA) وتخليق البروتين.
تقوم الأبحاث في هذا المجال باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات للإجابة على هذه الأسئلة.
فيزيولوجيا الحياة الحديثة
تشمل الفيزيولوجيا الحيوية الحديثة مجموعة واسعة من الأبحاث تتجاوز المواضيع التقليدية (مثل الجزيئية والخلوية)، لتشمل الإلكترونيات الحيوية وعلم الأحياء الكمي، والتي تستخدم أدوات تجريبية ونظرية متنوعة. أصبح استخدام النماذج والتقنيات التجريبية المشتقة من الفيزياء، بالإضافة إلى الرياضيات والإحصاء، شائعًا في دراسات الأنظمة الأكبر، مثل الأنسجة والأعضاء والمجموعات السكانية والنظم البيئية.
تُستخدم النماذج الحديثة في مجال الفيزيولوجيا الحيوية بشكل واسع لدراسة التوصيل الكهربائي في الخلايا العصبية المفردة، فضلاً عن تحليل الدوائر العصبية في الأنسجة والدماغ ككل.
فيزيولوجيا الحياة الطبية
تشير فيزيولوجيا الحياة الطبية إلى أي تطبيق لمبادئ الفيزياء في مجالات الطب أو الرعاية الصحية، بدءًا من التقنيات التصويرية إلى الفحص المجهري وطب النانو. في هذا السياق، قدم الفيزيائي ريتشارد فاينمان أفكارًا حول مستقبل طب النانو، حيث تناول فكرة الاستفادة من الآلات البيولوجية لأغراض طبية.
تمت مناقشة الرؤية المتعلقة بإمكانية إنشاء آلات تصحيح تقلص أحجامها إلى درجة يمكن فيها “ابتلاع الطبيب”، في مقال فاينمان لعام 1959 بعنوان “هناك مساحة كبيرة في الأسفل”.
تركيز كحقل دراسي فرعي
على الرغم من أن العديد من الكليات والجامعات تتضمن أقسامًا مخصصة للفيزيولوجيا الحيوية على مستوى الدراسات العليا، إلا أن العديد منها لا يوجد بها أقسام مستقلة على مستوى البكالوريوس، بل تتضمن مجموعات ضمن الأقسام ذات الصلة مثل الكيمياء الحيوية، وبيولوجيا الخلية، والكيمياء، والرياضيات، وعلم الأعصاب، والطب، والفيزياء.
تختلف مجالات تركيز الفيزيولوجيا الحيوية بحسب إمكانيات كل قسم جامعي. إليكم قائمة بأمثلة حول كيفية تطبيق كل قسم جهوده لدراسة الفيزيولوجيا الحيوية. هذه القائمة ليست شاملة، حيث لا ينتمي كل موضوع إلى قسم محدد، وتضع كل مؤسسة أكاديمية قواعدها الخاصة.
التداخل بين الأقسام:
- علم الأحياء والبيولوجيا الجزيئية: تنظيم الجينات، وديناميكيات البروتين الأحادي، والطاقة الحيوية، والميكانيكا الحيوية.
- البيولوجيا الهيكلية: تحليل هياكل أنجستروم للبروتينات والأحماض النووية وغيرها.
- الكيمياء الحيوية والكيمياء: التركيب الجزيئي الحيوي وبنية الحمض النووي.
- علوم الكمبيوتر: الشبكات العصبية وقواعد البيانات الجزيئية الحيوية.
- الكيمياء الحاسوبية: محاكاة الديناميات الجزيئية والكيمياء الكمومية.
- المعلوماتية الحيوية: محاذاة التسلسل وتنبؤ بنية البروتين.
- الرياضيات: نظرية الرسم البياني، والنظم الديناميكية، وعلم الوراثة.
- الطب: بحث فيزيولوجي حيوي يركز على الطب وعلم وظائف الأعضاء.
- علم الأعصاب: دراسة الشبكات العصبية تجريبيًا ونظريًا.
- علم الأدوية: علم القنوات والتفاعلات الجزيئية الحيوية.
- فيزياء الحياة: تطوير تقنيات وأجهزة جديدة وتطبيقها.
- بيولوجيا الكم: تطبيق ميكانيكا الكم على المشكلات البيولوجية.