الزير سالم
يُعتبر الزير سالم من الفرسان الشجعان الذين تثير سُمعتهم هيبة الأعداء, وتجعَل الأبطال يخافون من مواجهتهم. عُرفت قبيلته لاحقاً بلقب “قبيلة القاتل”. تميز الزير سالم بشعره العاطفي وشجاعته وحنكته، ويعد من أبرز شعراء العصر الجاهلي، حيث ترك خلفه ديوانًا شعريًا مهمًا.
تحتل سيرة الزير سالم مكانة بارزة في تاريخ الملاحم العربية، ولا يزال اسمه يتردد على ألسنة الكثيرين في الدول العربية المختلفة. يُعرف الزير سالم من خلال ذكره في الأدب العربي، المعلقات، والمأثورات الفولكلورية والشفهية. من المثير للاهتمام أن الشعر النضالي برز خلال فترة الحرب مع البسوس التي استمرت لأربعين عامًا. من بين الشخصيات المعروفة في حياة الزير سالم كانت اليمامة وأمها الجليلة وكُليب الذي قُتل في منطقة بين فلسطين ودمشق. وقد عُرف الزير سالم برثائه لأخيه، حيث قال:
كُليب لا خير في الدنيا وما فيها إن أنت خلَّيتها فيمن يُخليها
وفاة الزير سالم ومكان قبره
تباينت الآراء حول العام الذي توفي فيه الزير سالم، حيث زعم البعض أنه توفي عام 500م، بينما أشارت آراء أخرى إلى أنه ربما توفي عام 525م أو 530م، مما يشير إلى أنه لقي حتفه في الجزء الأول من القرن السادس الميلادي. تعددت الروايات حول وفاته؛ إذ قيل إنه توفي خلال زيارته لأقربائه، بينما قالت رواية أخرى إنه أُسر على يد عمرو بن مالك في مناطق البحرين. ورغم تكريمه هناك، إلا أنه ثمل في إحدى الليالي وبدأ يتحدث عن أمجاده، مما أغضب عمرو بن مالك، فحلف أن يمنعه من الماء والنبيذ والحليب لمدة خمسة أيام، مما أدى إلى وفاته.
وفي رواية أخرى، يُقال إن الزير سالم، مع تقدم العمر، بدأت قواه تضعف. حظي برعاية أبناء أخيه، إلا أنه بقي يشعر بالوحدة، فطلب من ابن أخيه الجرو أن يسمح له بالتنزه. استجاب الجرو لطلبه، وأعد له هودجاً وخادماً، وتجهيزات كافية لرحلته. بدأ الزير سالم رحلته حتى وصل إلى منطقة قريبة من صعيد مصر، حيث شعر العبدان بالتعب واتفقا على قتله للعودة وإبلاغ عائلته أنه توفي في الطريق. ومع ذلك، فهم الزير سالم خطتهما، وأعطاهما وصيته وأوصى بإنشاد بيت شعر وهو:
مَن مُبلِغ الأقوام أنّ مُهلهلاً لله دَرُّكما ودَرُّ أبيكما
أعاد الزير سالم عليمها حتى حفظاها. وعندما حل المساء، قُتل الزير سالم ودفن تحت التراب، وعادا إلى المدينة وأخبرا الجرو بأن الزير سالم توفي وأعطياه شعريته، لكنه لم يفهم معناها. استدعى الجرو شقيقته اليمامة، التي كانت معروفة بفطنتها، فبكت على عمها ولطمت وجهها، وأخبرت أخاها أن عمها لم يقل أبياتاً ناقصة بل كان يقصد أن يقول:
مَن مُبلِغ الأقوام أنّ مهلهلاً أضحى قتيلاً في الفَلاة مُجندَلاً لله دَرُّكما ودَرُّ أبيكما لا يبرح العبدان حتى يُقتَلا
تم القبض على العبدين وتعذيبهما للاعتراف، ثم تمت إدانتهما ومقتلهما على يد الجرو. يجدر بالذكر أن الزير سالم كان معروفًا بقدرته على استعادة ثأره أثناء حياته وبعد وفاته، وتُشير الروايات إلى أنه لم يُقتل في معركة ولكن توفي بطريقة طبيعية أو قُتل بعد أن شاب وتقدم به العمر.
معلومات عن الزير سالم
- نسب الزير سالم:
تعددت الروايات حول نسب الزير سالم، حيث تستند كل منها إلى أبيات شعرية معينة، إلا أنه من غير الممكن إثبات رواية واحدة على حساب الأخرى, فعلى سبيل المثال يُعتقد أن اسم الزير سالم هو امرؤ القيس بسبب بيت الشعر القائل:
ضَرَبت صدرها إليّ وقالت يا امرأ القيس حان وقت الفراق
نتيجة لهذا البيت، اعتقد البعض أن امرأ القيس هو المهلهل، بينما تقول روايات أخرى أن القائل هو عدي بن ربيعة، شقيق المهلهل. يجدر بالذكر أن هاذان الاسمان هما غير معروفين خارج سياق الشعر، لكن الاسم المعروف هو المهلهل بن ربيعة، ابن سيد قبيلة تغلب. وسُمي بالمهلهل كناية عن شعره الذي يهلهل كما يضطرب الثوب.
- صفات الزير سالم:
نشأ الزير سالم في كنف قبيلة تغلب، حيث شارك كفارس في العديد من الحروب التي خاضتها القبيلة. اختار قضاء أوقاته بين احتساء الخمر ومسامرة النساء، مثل أي فارس ينتمي إلى الأسر المالكة، مما جعلته يعيش حياة رغيدة وهادئة. كان معروفًا برقته وحبه للنساء، ولكن بعد مقتل أخيه كُليب، قال الزير سالم عبارته الشهيرة: “اليوم خمر وغداً أمر”.