المضيق
المضيق هو ممر مائي يربط بين جزئين من اليابسة ويفصل بينهما، كما أنه يصل بين جسمين مائيين. تُعرف المناطق التي تضغط فيها اليابسة على البحر بشدة باسم المضائق (بالإنجليزية: Straits)، وتعكس هذه الظاهرة انكماش مياه البحر نتيجة حشرها بين اليابسة. من بين أبرز المضائق، نجد مضيق جبل طارق الذي يقع بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، ومضيق البسفور، فضلاً عن مضيق الدردنيل الذي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. في السطور التالية، نستعرض معلومات حول مضيق باب المندب من حيث موقعه وأهميته عبر العصور، وخاصة في العصر الحديث.
مضيق باب المندب
كان مضيق باب المندب يعرف قديمًا باسم “ذا المندب” أو “باب الدموع”، وفقًا لما ورد في معجم البلدان لياقوت الحموي. ويعود سبب تسميته بهذا الاسم إلى المخاطر التي كانت تواجهها السفن عند المرور عبره نتيجة وجود مجموعة من الصخور الكبيرة التي كانت تعترض طرق الملاحة. وقد أطلق عليه لقب “مضيق باب المندب” لأن سكان اليمن كانوا يتوجهون إليه كملاذ خلال الهجمات من الغزاة بواسطة الأساطيل البحرية. ومن الأسماء الأخرى التي كانت تطلق عليه: “مدخل بحر القلزم” و”مضيق الوفاء”.
الموقع الجغرافي لمضيق باب المندب
يربط مضيق باب المندب بين الجزيرة العربية وأفريقيا، حيث تقع الجزيرة شمال شرق المضيق ومن ثم إلى الجنوب الغربي من قارة أفريقيا. يربط المضيق البحر الأحمر في جزئه الشمالي الغربي مع خليج عدن والمحيط الهندي في قسمه الجنوبي الشرقي.
يمكن اعتبار مضيق باب المندب مجرى مائي يربط بين المحيط الهادئ والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وصولاً إلى قناة السويس والمحيط الأطلسي. يبلغ طول مضيق باب المندب 20 ميلاً (حوالي 32 كم)، وينقسم إلى قناتين بفعل جزيرة تُسمى جزيرة بريم، حيث يبلغ طول القناة الغربية 16 ميلاً (حوالي 26 كم)، بينما القناة الشرقية يبلغ طولها ميلين (حوالي 3 كم).
يمتد مضيق باب المندب ليشمل المياه الإقليمية لثلاث دول: اليمن، التي تطل على ساحله الشرقي، وإريتريا وجيبوتي، اللتين تطلان على الساحل الغربي. وتجدر الإشارة إلى أهمية جزيرة بريم، التي تفصل المضيق إلى قناتين، حيث أنها تسيطر على الملاحة داخل المضيق، مما يجعلها نقطة تحكم حيوية في المدخل إلى البحر الأحمر من جهة الجنوب. كما أنها تقع على بُعد 4.8 كم من الساحل اليمني وقريبة من الساحل الأفريقي.
أهمية مضيق باب المندب التاريخية
كان لمضيق باب المندب دور كبير عبر التاريخ، ويعود السبب في ذلك إلى عمقه الذي كان أقل في العصور القديمة، مما أتاح حدوث هجرات متعددة عبر مياهه. يُعتقد أن الساميين قد عبروا هذا المضيق إلى أفريقيا حوالي عام 1900 قبل الميلاد. خلال الفترة من 100 إلى 940 ميلادي، سيطرت إمبراطورية أكسوم على هذا المضيق، حيث حكمت المناطق الواقعة بين شمال إثيوبيا وإريتريا. وفي عام 1799، استولى البريطانيون على جزيرة بريم، وفي عام 1861، قاموا ببناء منارة عليها وتعزيز نفوذهم التجاري والسياسي في المنطقة.
أهمية مضيق باب المندب في العصر الحديث
يعتبر مضيق باب المندب حلقة وصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي عبر بحر العرب، والقرن الأفريقي، وبحر عُمان، كما أنه يربط الخليج العربي بالبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وبفضل هذا الموقع الاستراتيجي، يكتسب المضيق أهمية كبيرة كطريق تجاري لنقل النفط بين دول الشرق الأوسط وأوروبا. يتيح المضيق الربط بين الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس. إن إغلاق المضيق يؤثر بشكل كبير على حركة ناقلات النفط، حيث يتطلب الأمر تحويلها للمرور عبر الطرف الجنوبي لأفريقيا وصولاً إلى الدول الأوروبية، مما يؤدي إلى تكاليف إضافية. وبالإضافة إلى نقل النفط، يعد مضيق باب المندب مسارًا هامًا للملاحة البحرية الأخرى، حيث يسمح بحركة السفن بين دول الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط.