أول شخص قام بشرح تَفاصيل جسم الإنسان

من هو الشخص الذي قام بشرح جسم الإنسان لأول مرة؟

يعتبر الطبيبان هيروفيلوس وإيراسيستراتوس هما الرائدين في علم تشريح جسم الإنسان، حيث يُعد هيروفيلوس (Herophilus) الطبيب الإسكندري الأول الذي قام بتشريح جثث بشرية. وقد وُصف بأنه “أبو التشريح”. وُلِد هيروفيلوس في مدينة شالسيدون عام 335 قبل الميلاد، وله العديد من المساهمات في مجال التشريح بعد رفع الحظر المفروض على تشريح الجثث في الإمبراطورية اليونانية، ومن أبرز إنجازاته:

  • درس تجاويف الدماغ، مُعتبراً إياها مركز الجهاز العصبي.
  • صنّف الأعصاب وميّزها عن الأوعية الدموية.
  • وصف الاثني عشر بأنه نهاية المعدة وأطلق عليه اسمه المعتمد.

أما إيراسيستراتوس (Erasistratus) الذي وُلِد عام 304 قبل الميلاد، فقد كُتب عنه في المراجع القديمة في أنه هو الآخر قام بتشريح الجثث البشرية بأسلوب علمي ومنهجي بجانب هيروفيلوس، ومن أهم إنجازاته في علم التشريح:

  • وصف صمامات القلب بدقة، موضحًا أن وظيفتها الأساسية هي منع تدفق الدم بشكل عكسي.
  • شرح وظائف الجسم باستخدام القوانين الميكانيكية، مشيرًا إلى أن المادة تتحرك بشكل طبيعي في الاتجاه الذي يُفرغ، وهو ما ينطبق على عمل الجهاز التنفسي والدوراني والعصبي والعضلي.

المساهمة العلمية في علم تشريح جسم الإنسان

إدوين سميث

تُعتبر بردية إدوين سميث التي تعود إلى القرنين السادس أو السابع عشر قبل الميلاد، الوثيقة الوحيدة المتبقية التي تصف جراحة الإصابات في الطب المصري القديم. وقد قدمت هذه الوثيقة دليلاً علمياً على أن الطب المصري اعتمد على التشريح لعلاج المصابين في المعارك، مما يتعارض مع النظريات التي تدعي اعتماده على السحر. وقد أظهرت الوثيقة أن مؤلفها كان يمتلك المهارات التالية المتعلقة بعلم التشريح:

  • التعامل مع الفك المكسور.
  • توضيح أن الإصابة في جزء من الدماغ تؤدي إلى شلل في الجزء المعاكس.
  • وصف أجزاء معينة من الجسم بخصائص تشريحية مثل السائل النخاعي وطبقات الدماغ الخارجية والسحايا، وبعض الإجراءات الطبية مثل الغرز الجراحية.

أبقراط

عاش أبقراط قبل 400 عام من مولد المسيح، ويُعتبر أول مؤلف في مجال علم التشريح، رغم أن المعرفة بهذا المجال كانت موجودة إلى حد ما قبل عصره. ومن أهم ما قدّمه:

  • فصل بين الفلسفة والطب ودعا إلى ممارسة مهنة الطب بشكل مستقل.
  • حث على دراسة علم التشريح بشكل منفصل، خاصة فيما يتعلق بتشريح العمود الفقري والأعصاب، حيث يساعد ذلك في التحكم بجميع وظائف الجسم واكتشاف أعراض الأمراض.

أرسطو

أرسطو، معلم الإسكندر الأعظم، وُلِد عام 384 قبل الميلاد. ورغم سمعته كفيلسوف، إلا أنه كان عالم طبيعة ويُعتبر التشريحي الأول الذي أسّس التشريح كعلم مستقل. وعلى الرغم من أنه لم يشترك في تشريح الجثث البشرية، إلا أن له إسهامات كبيرة في تشريح الإنسان والحيوان، منها:

  • درس الأجنّة البشرية.
  • أجرى تحليلاً منهجياً لأجسام الحيوانات.
  • أطلق مصطلحات فنية لا تزال تُستخدم اليوم.
  • قدم أفضل وصف تركيبي للأعضاء وأجزاء الجسم، رغم وجود بعض الأخطاء في الفسيولوجيا.

جالينوس

يُعتبر جالينوس أشهر أطباء الحقبة الرومانية، حيث عاش بين عامي 129 و200 بعد الميلاد، وتخصص في علم التشريح والعديد من العلوم. وقد أكد أن الشرايين تحمل الدم وليس الهواء كما كان يُعتقد سابقًا، وطوّر أدوات جراحية وتشريحية متعددة، وكان يلجأ إلى تشريح أنواع مختلفة من الحيوانات مثل الخنازير والماعز، وقد تميّز بما يلي:

  • عمل على تطوير تصنيف للأمراض وأعراضها استناداً إلى علم التشريح.
  • يعتبر علم التشريح أساساً للمعرفة الطبية.
  • تمييز سبعة أنواع من الأعصاب الدماغية.
  • فرق بين الشرايين والأوردة.
  • وصف صمامات القلب.

ابن سينا

أبو علي الحسين بن عبد الله ابن سينا، وُلِد في الفترة بين 970م و1037م في إيران، ويُعتبر من أبرز فلاسفة وأطباء العصور الوسطى في العالم الإسلامي. له مجموعة من المؤلفات الطبية، أبرزها “القانون في الطب” الذي يتضمن خمسة أجزاء، الجزء الأول مختص في علم التشريح ويشمل مجموعة من الفصول مثل:

  • الفصل الأول حول الهيكل العظمي، ويتضمن 30 جزءًا.
  • الفصل الثاني عن العضلات، ويتضمن 30 جزءًا.
  • الفصل الثالث عن الأعصاب، ويتضمن 6 أجزاء.

ابن النفيس

علاء الدين أبو الحسن علي ابن أبي حازم القرشي الدمشقي وُلِد في دمشق عام 1213م. ويُعتبر أول طبيب يصف الدورة الدموية الرئوية، وقد ركز في دراسته على الحيوانات، ومن أبرز إنجازاته في علم التشريح:

  • نفى النظرية التي أوردها جالينوس بأنها تشير إلى أن الدم يُصنع في الكبد وكأنه يستخدم كوقود للعضلات. وأكد عدم وجود فتحات في بجدار القلب.
  • أكد تدفق الدم من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر من القلب.
  • حدد نظام الشرايين التي تحمل الدم الخارج من القلب، تحديداً من الجانب الأيمن إلى الرئتين، حيث يختلط بالهواء قبل أن يعود إلى القلب عبر الجانب الأيسر.

ابن زهر

أبو مروان عبد الملك ابن زهر وُلِد عام 1093م وتوفي عام 1162م. وكان جراحاً بارعًا بفضل اهتمامه بعلم التشريح، ومن أهم مساهماته في هذا المجال:

  • أجرى عملية فريدة من نوعها تتعلق بثقب القصبة الهوائية لماعز، مما أثبت سلامة هذا الإجراء عند البشر.
  • شرّح خروف كجزء من أبحاثه حول علاج أمراض الرئة.
  • ركز على أهمية حصول الجراح على معرفة كافية في علم التشريح قبل ممارسة الطب.
  • حدد حدودًا لا يجوز للطبيب تجاوزها.

الطبيب صلاح الدين ابن جميع

هبة الله ابن جميع، أحد أطباء صلاح الدين الأيوبي، وُلِد في مصر عام 1198م. تميّز كطبيب المحكمة في بلاط صلاح الدين، وكان له العديد من المؤلفات الطبية. من البارز في إنجازاته:

  • تقدم في المؤلفات الطبية.
  • انتقد بعض الأطباء بسبب تقاعسهم في فهم تشريح الأجزاء الهامة من الجسم مثل الدماغ، والكبد، والمعدة.

تشريح الإنسان في القرنين السابع عشر والثامن عشر

تُعرف هذه الفترة باسم “عصر التنوير”، حيث اعتمد فيها علماء التشريح على أفكار فيزاليوس. يُعد أندرياس فيزاليوس من أهم أطباء عصر النهضة، ومن إنجازاتهم في هذه الفترة:

  • أندرياس فيزاليوس الذي وُلِد في بلجيكا وعاش بين عامي 1514 و1564. أحدث ثورة في دراسة بيولوجيا الإنسان والجراحة المعتمدة على التشريح من خلال وصفه المتقن لجسم الإنسان. ألّف كتاباً عن التشريح بناءً على مشاهداته من عمليات التشريح التي قام بها بنفسه بدلاً من الاعتماد على مساعديه.
  • العالم ويليام هارفي (1578-1657) الذي اكتشف الدورة الدموية، مما أحدث ثورة في الطب من خلال دمجه بين طبيعة التشريح والفيزياء.
  • الأخوان ويليام وجون هنتر في القرن الثامن عشر، حيث أسس ويليام مدرسته الخاصة في علم التشريح. بينما طور جون مدرسته الخاصة التي تمحورت حول تشريح الثدييات، باستثناء الإنسان.

تشريح الإنسان في القرن التاسع عشر

ابتداءً من القرن التاسع عشر، شهد دراسة الطب في لندن انتعاشاً بعد أن كانت موجودة على نطاق واسع في أوكسفورد، حيث أُصدر قانون التشريح في بريطانيا العظمى عام 1832، الذي يشترط على الممارسين الحصول على تصريح. ومن أبرز التطورات في علم التشريح خلال هذه الحقبة:

  • سُمح بدراسة التشريح في مستشفيات لندن بعد اجتياز امتحان الشرف في علم وظائف الأعضاء.
  • سُمح بدراسة التشريح بالتزامن مع علم وظائف الأعضاء.

في نفس القرن، ظهرت مدارس تشريح خاصة في لندن وغيرها من المدن، وبالقرب من المستشفيات الكبيرة، لكنها تلاشت مع بداية القرن العشرين. من بين هذه المدارس كانت:

مدرسة غرينجر التي أسسها إدوارد غرينجر، مُدرّس علم التشريح باللغة الإنجليزية.

مدرسة تيريل التي أسسها الجراح الإنجليزي فريدريك تيريل.

  • مدرسة هنتر للأخوان وليام وجون هنتر.
  • مدرسة جوشوا بروك التي سُمّيت على اسم صاحبها وكانت تُستخدم تقنيات تسمح بإجراء التشريح في الصيف والشتاء البارد.

تشريح الإنسان في العصر الحديث

في العصور السابقة، كان الوصول إلى الأجزاء الداخلية من الجسم يتم عبر الخارج فقط، حيث لا يمكن رؤية ما تحت الجلد إلا بإجراء شق، لكن في أواخر القرن التاسع عشر، حوّلت الاختراعات التكنولوجية إمكانية رؤية ما لا يمكن رؤيته. وقد كان لهذه الاختراعات تأثيرًا كبيرًا في تطوير علم التشريح في العصر الحديث، وترتيبها حسب الظهور:

  • اختراع توماس أديسون للضوء الساطع، الذي حل مشكلة الإضاءة طويلة الأمد لإجراءات التشريح.
  • اختراع رونتجن للأشعة السينية، مما مكن من رؤية ما تحت الجلد.
  • اكتشاف الموجات الصوتية بواسطة العالم الألماني هاينيش هيرمان هرتس.
  • استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي لأول مرة على يد رايموند داماديان.
  • ظهور تقنيات إضافية تقلل الحاجة إلى الشقوق الكبيرة، مثل جراحة المنظار باستخدام شق واحد، وكذلك جراحة المنظار عبر الثقوب الطبيعية التي لا تترك ندوباً على الجلد، حيث كان أول من أجرى هذا الإجراء الطبيب السويسري هانز كريستيان جاكوبايوس.

أول من قام بشرح جسم الإنسان كانا هيروفيلوس وإيراسيستراتوس قبل الميلاد بمئات السنوات. على الرغم من التأكيد على أن التشريح كان مألوفًا لدى أطباء مصر القدماء، فإن أرسطو وأبقراط وجالينوس كانت لهم إسهامات رائعة في علم التشريح. وقد تطور هذا العلم في العصور الوسطى بفضل العلماء المسلمين مثل ابن سينا وابن النفيس وابن زهر وابن جميع. أحدث فيزاليوس في القرن السابع عشر نقلة نوعية أدت إلى تأسيس مدارس خاصة للتشريح، في حين أن ظهور الاختراعات الحديثة مهد الطريق لتطور غير مسبوق في هذا العلم.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *