تستخدم النباتات الطبية لتعزيز الصحة والعافية في ظروف محددة، سواء في الأدوية الحديثة أو التقليدية. وقد تم التعرف على العديد من المركبات الكيميائية النباتية التي تمتلك نشاطًا بيولوجيًا مثبتًا أو محتملًا في النباتات.
النباتات الطبية والأعشاب
تشير عبارة “النبات الطبي” (بالإنجليزية: medicinal plant) إلى مجموعة متنوعة من النباتات المستخدمة في العلاج بالأعشاب، المعروف أيضًا بـ”علم الأعشاب” أو “طب الأعشاب”. يتضمن ذلك استخدام النباتات لأغراض طبية ودراسة هذه الاستخدامات. يُشتق مصطلح “عشب” (بالإنجليزية: herb) من الكلمة اللاتينية “herba” وكلمة فرنسية قديمة “herbe”، وهو يشير اليوم إلى أي جزء من النبات مثل الفاكهة أو البذور أو الساق أو اللحاء أو الزهرة أو الأوراق أو الجذر، بالإضافة إلى النباتات غير الخشبية.
في السابق، كان مصطلح “عشب” يقتصر فقط على النباتات غير الخشبية، بما في ذلك النباتات المشتقة من الأشجار.
الاستخدام التاريخي للنباتات الطبية
استخدمت النباتات لأغراض طبية منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث تشير المخطوطات اليونانية القديمة والكتابات المصرية والصينية إلى استخدام الأعشاب. وهناك أيضًا أدلة على أن الأطباء التقليديين في الثقافة الهندية والأوروبية والمتوسطية كانوا يستخدمون الأعشاب كعلاج على مدى أكثر من 4000 عام.
استخدمت أيضا الثقافات الأصلية في مجتمعات مثل روما ومصر وإيران وأفريقيا وأمريكا الأعشاب ضمن طقوسهم العلاجية. وقد تطورت أنظمة طبية تقليدية مثل الطب الأوناني والأيورفيدا والطب الصيني، حيث تم استخدام العلاجات العشبية بشكل منهجي.
تشتهر الهند بشكل خاص باعتبارها مركزًا غنيًا بالنباتات الطبية، حيث تُعد الغابات الهندية موطنًا للعديد من النباتات الطبية والعطرية التي يتم جمعها بشكل كبير كمكونات لصناعة الأدوية والعطور. وفقاً لأنظمة AYUSH في الهند، تم تقنين حوالي 8000 علاج عشبي.
استخدام النباتات والأعشاب للأغراض الطبية في العصر الحالي
لا تزال الأنظمة الطبية التقليدية تُمارس على نطاق واسع، مدفوعة بالزيادة السكانية ونقص الإمدادات الدوائية. حيث أدت التكاليف العالية للعلاج وآثار الأدوية الاصطناعية الجانبية، بالإضافة إلى مقاومة الأدوية، إلى التوجه المتزايد نحو استخدام المواد النباتية كمصدر للأدوية لمجموعة متنوعة من الأمراض البشرية.
تُشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي 80% من سكان العالم يعتمدون على الأدوية العشبية كجزء من احتياجاتهم للرعاية الصحية الأولية. ووفقاً للبيانات المتاحة، يوجد حوالي 21000 نوع من النباتات التي يمكن استخدامها كأدوية. يعتمد أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم على النباتات والمستخلصات النباتية في تلبية احتياجاتهم الصحية.
والجدير بالذكر أن أكثر من 30٪ من الأنواع النباتية تم استخدامها في الأغراض الطبية في أوقات مختلفة. في البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة، تشكل الأدوية النباتية نحو 25٪ من الأدوية المستخدمة، بينما تصل هذه النسبة في البلدان النامية، مثل الهند والصين، إلى 80٪. لذلك، فإن الأهمية الاقتصادية للنباتات الطبية تُعتبر أكبر في دول مثل الهند مقارنة ببقية أنحاء العالم، حيث توفر هذه الدول ثلثي النباتات المستخدمة في الأنظمة الطبية الحديثة، ويعتمد سكان الريف بشكل كبير على نظم الطب المحلية.
فوائد العلاج بالنباتات الطبية والأعشاب
يُعتبر العلاج بالنباتات الطبية آمنًا جدًا، حيث تتسم العلاجات الطبيعية بآثار جانبية قليلة أو معدومة، مما يجعلها ملائمة لمختلف الفئات العمرية والجنسية. وقد عُرف منذ قديم الزمان بأن الأعشاب تقدم حلولاً لعديد من المشاكل الصحية.
قام العلماء بإجراء دراسات مكثفة لتحديد فعالية الأعشاب المختلفة التي تحمل قيمة طبية، حيث أن معظم الأدوية المصنوعة من هذه النباتات خالية من الآثار الجانبية. هذه الأنظمة العلاجية تُكتسب شعبية متزايدة في جميع أنحاء العالم، حيث توفر الأعشاب ذات الجودة الطبية خيارات فعّالة لعلاج العديد من الأمراض الداخلية.
استخدام النباتات الطبية
تعالج النباتات الطبية، مثل الألوة والتولسي والنيم والكركم والزنجبيل، العديد من الأمراض الشائعة وتعتبر علاجات منزلية مهمة في الكثير من المناطق. يُستخدم الريحان (التولسي) بشكل واسع كعلاج لأغراض متعددة، بما في ذلك تحضير الشاي والطقوس الدينية.
ولقد أصبح الاهتمام بالنباتات الطبية في تزايد، حيث بدأ الكثيرون في زراعتها في حدائقهم المنزلية. تُعتبر النباتات الطبية مصدرًا غنيًا بالمواد المكونة التي يمكن استخدامها في تطوير الأدوية، سواء كانت صيدلانية أو غير صيدلانية. بالإضافة إلى ذلك، تمثل بعض النباتات مصادر غذائية هامة، مما يعزز توصية استخدامها لقيمتها العلاجية.
تشمل بعض النباتات ذات الفوائد الغذائية الزنجبيل والشاي الأخضر والجوز والصبار والفلفل والكركم، وتُعتبر مستخرجاتها مكونات أساسية في العديد من المنتجات مثل الأسبرين ومعاجين الأسنان.
الاستخدامات الأخرى للأعشاب والنباتات الطبية
بAside من الاستخدامات الطبية، تُستخدم الأعشاب أيضًا في صناعة الأصباغ الطبيعية، ومكافحة الآفات، والعطور، وصناعة الشاي وغيرها. كما أن هناك استخدامات تقليدية واسعة للأعشاب لطرد الحشرات من المنازل والمكاتب.
تُعتبر الأعشاب الطبية أيضًا مصادر قيّمة في معالجة العديد من الأمراض الشائعة مثل الإسهال، والإمساك، وارتفاع ضغط الدم. وقد ساهم ممارسو الطب التقليدي بشكل كبير في استخدام الأدوية العشبية خلال العقدين الماضيين، مما أدي إلى زيادة في هذا التوجه.
ومع ذلك، لا زال هناك نقص في البيانات البحثية في هذا المجال، ومنذ عام 1999، قامت منظمة الصحة العالمية بنشر عدة مجلدات تتعلق بدراسات عن النباتات الطبية مختارة.
أهمية بعض الأعشاب بقيمتها الطبية
- تُستخدم أعشاب مثل الفلفل الأسود والقرفة والمر والصبار وخشب الصندل والجنسنغ والبرسيم الأحمر والأرقطيون والتوت والقرطم في علاج الجروح والقروح والدمامل.
- كما يُعتبر الريحان والشمر والثوم المعمر والكزبرة والزعتر والأوريجانو بلسم الليمون المتنوع والروزماري من الأعشاب المهمة أيضاً.
- تُعدّ الميرمية المتنوعة من الأعشاب الطبية الهامة التي يمكن زراعتها في حديقة المطبخ.
- تُستخدم العديد من الأعشاب كمنقٍ للدم، مما يحسن الحالة العامة للجسم من خلال التخلص من السموم.
- ويعرف هذا أيضًا بـ”منظفات الدم”، حيث تعزز بعض الأعشاب مناعة الشخص، مما يقلل من الحمى.
- بعض الأعشاب تحتوي على خصائص مضادة للبكتيريا، حيث يُعتبر الكركم مفيدًا في منع نمو الجراثيم والميكروبات الضارة.
- يُستخدم الكركم أيضًا بشكل واسع كعلاج منزلي للجروح.
- لخفض الحمى وتحسين حرارة الجسم، يُوصى باستخدام بعض الأعشاب الخافضة للحرارة مثل شيرايتا والفلفل الأسود وخشب الصندل والقرطم.
- تتميز أعشاب مثل الهيل والكزبرة بخصائصها الشهية، وتضيف الأعشاب العطرية الأخرى، مثل النعناع والقرنفل والكركم، نكهة مميزة للأطعمة، مما يُعزز من مذاق الوجبة.
- تُستخدم بعض الأعشاب مثل الصبار وخشب الصندل والكركم والورق الهندي كمطهرات، نظرًا لارتفاع قيمتها الطبية.
- يُستخدم الزنجبيل والقرنفل في بعض شراب السعال، وذلك بفضل خصائصهما الطاردة للبلغم، التي تساعد في ترقق وطرد المخاط من الرئتين.
