المقدمة
تُعتبر مدينة بيت لحم من المدن الفلسطينية البارزة التي تحتل مكانة رفيعة لدى المسيحيين. تقع بيت لحم على بُعد اثنين كيلو متر جنوب مدينة القدس، في الضفة الغربية، وتغطي مساحة تقدر بنحو ثمانية آلاف دونم. تُعد بيت لحم من أقدم المدن في التاريخ، حيث تحتضن العديد من الكنائس العتيقة، وقد مرت بها عدة حضارات قديمة مثل الكنعانيين، الآشوريين، الآراميين والسريانيين.
الأهمية التاريخية لمدينة بيت لحم
تعود أصول بيت لحم إلى عصور ما قبل الميلاد، حيث كانت موطنًا للكنعانيين الذين أطلقوا عليها اسم “بيت لحم”، نسبة إلى إله الخصوبة لديهم “لحمو”. تكتسب المدينة أهمية تاريخية كبيرة نظرًا للإيمان السائد بأنها مسقط رأس النبي عيسى عليه السلام، مما أضفى عليها شهرة خاصة بين المسيحيين. تحتضن المدينة الكهف الذي وُلِد فيه عيسى عليه السلام، وقد شُيدت كنيسة المهد في فترة الملكة هيلانة، والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول، عام 326 ميلادي. تعرضت المدينة للعديد من الاجتياحات، منها الغزو الفارسي والغزو الروماني، وتم تحريرها لاحقًا على يد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ثم سقطت المدينة تحت سيطرة الصليبيين، إلا أنها تم تحريرها مرة أخرى على يد صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين. شهدت المدينة أيضًا حكم المماليك ومن ثم العثمانيين، وصولاً إلى الاحتلال البريطاني الذي أفضى إلى تسليم فلسطين للإحتلال اليهودي الصهيوني.
المعالم الأثرية في بيت لحم
- كنيسة المهد: تعد واحدة من أقدم الكنائس في العالم، وأُطلق عليها هذا الاسم نسبةً إلى مهد المسيح عليه السلام. تتميز الكنيسة بأسلوب معماري روماني يشبه المعابد والهياكل القديمة، وتحتوي على المغارة التي وُلِد فيها المسيح، وتُزينها الأرضيات الرخامية البيضاء. تحيط بالكنيسة عدد من الأديرة التي تنتمي لمختلف الطوائف المسيحية.
- مغارة الحليب: تُعتبر مغارة مقدسة لدى الطوائف المسيحية، وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية لكنيسة المهد. سُميت بهذا الاسم لأنها كانت المكان الذي قامت فيه مريم عليها السلام بإرضاع المسيح، وتحتوي المغارة على صخرة بيضاء تُرمز إلى حليب السيدة مريم العذراء.
- آبار النبي داوود: سُميت هذه الآبار نسبة إلى النبي داوود عليه السلام، الذي وُلِد في بيت لحم ويشتهر بوجود مجموعة من الآبار فيها. يُقال إن النبي داوود عليه السلام شرب من مياهها، وتقع هذه الآبار في الجزء الشمالي من المدينة.
- دير مار سابا: تأسس هذا الدير على يد القديس اليوناني سابا في عام 482 ميلادي. يُعرف هذا الدير بعدم السماح للنساء بدخوله، وهو تقليد يتبعه القديسون القائمون عليه. يقع الدير على بُعد أحد عشرة كيلو مترًا من دير بن عبيد، مقابل وادي قدرون.
وبالإضافة للمعالم المذكورة، تحتوي بيت لحم على كنائس إضافية مثل كنيسة القديس نقولا وكنيسة العذراء. كما تحتوي المدينة على مسجد بلال، المعروف أيضًا بقبر راحيل، ودير بن عبيد الذي سمي تيمناً بقرية العبيدية. وتشمل المعالم الدينية أيضًا دير مار إلياس ودير الجنة المقفلة.