تعتبر البراكين من الظواهر الطبيعية التي تؤدي إلى تقليل الضغط الحراري الموجود في باطن الأرض عند حدوثها. فنتيجة للحرارة الشديدة، تنصهر المواد الموجودة تحت السطح وتقل كثافتها، مما يدفعها للخروج إلى السطح. في هذا المقال، سنستعرض معلومات شاملة حول البراكين، وأسبابها ونتائجها.
تعريف البراكين
تعتبر البراكين ظواهر طبيعية تؤدي إلى حدوث ثقب في طبقة الأرض، حيث تخرج منها المواد المنصهرة. تتكون هذه المواد من غازات مشتعلة وصخور منصهرة وغيرها، وعندما تنصهر نتيجة الحرارة الشديدة، تقل كثافتها وتبدأ في الارتفاع نحو السطح. عندما تنخفض الكثافة، تنفجر الحمم البركانية من الفتحات أو الثغرات الناتجة عن الضغط الحراري. بالاستمرار في زيادة الضغط، تشتد حركة الحمم وترتفع بشكل عمودي عن سطح الأرض.
تساهم البراكين في تكوين طبقات الغلاف الجوي، ولا تقتصر على كوكب الأرض فقط، بل تحدث أيضًا في الكواكب المجاورة. يُقدّر عدد البراكين التي تثور سنويًا بحوالي مائة بركان.
أنشطة البراكين
يتباين نشاط البراكين بين بعضها البعض، وفيما يلي سنتناول الأنشطة المختلفة للبراكين:
البركان النشط
يوجد على سطح الأرض حوالي ستمائة بركان نشط، وقد وثق الباحثون تواريخ ثورانها. تنشط هذه البراكين عادة كل خمسين إلى ستين عامًا، مما يعني أنه ليس من الضروري أن يظل البركان نشطًا طوال الوقت ليندرج تحت تصنيف البراكين النشطة.
البركان الخامد
هذا النوع من البراكين لم يسجل له أي نشاط على الإطلاق. فلا توجد به دلائل تدل على أنه ثار سابقًا، ولا توجد توقّعات بحدوث ثوران مستقبلي له.
البركان الخامل
هذا النوع من البراكين يدل على أن ثورانه قد حدث في وقت ماضي بعيد، وذلك قبل أن يبدأ العلماء بتوثيق أنشطة البراكين. يُعتبر هذا النوع من أخطر البراكين لأنه تشير جميع الدراسات إلى أن نشاطه قد يتجدد مستقبلاً.
قد يكون من الصعب إقناع سكان المناطق المحيطة بأن البركان يمكن أن يصبح نشطًا نظرًا لهدوئه على مر الزمن، ويُطلق عليه أيضًا اسم البركان الساكن.
أشكال البراكين
قام العلماء بدراسة أشكال البراكين وتصنيفها إلى ستة أنواع رئيسية كما ورد في الكتاب المعروف باسم “براكين العالم”:
البركان الدرعي
سُمي بهذا الاسم لأن الحمم البركانية تتجمع فقط بالقرب من فوهة البركان دون أن تنحدر إلى الأسفل. يعود سبب ذلك إلى أن الحمم تكون ذات لزوجة منخفضة، وعند ثوران البركان الدرعي، تخرج الحمم لارتفاع ضئيل جداً فوق السطح. أظهرت الدراسات أن حوالي تسعين بالمئة من المواد المنصهرة تحتوي على مادة اللافا، وأشهر الأماكن التي يتواجد فيها هذا النوع من البراكين هي هاواي.
سلسلة ظهر المحيط
يتكون قاع المحيط من صفائح التي تبتعد عن بعضها، مما يؤدي إلى خروج مواد منصهرة من باطن الأرض لتملأ الفراغات بينها. كما تبين أن هذه الظاهرة هي السبب الرئيسي في تباعد الصفائح. تتكون صخور البازلت من الحمم البركانية المنبثقة من سلاسل ظهر المحيط.
الثوران البازلتي
يعتبر من أخطر أنواع البراكين، حيث يؤثر بشكل كبير على جودة المياه والغلاف الجوي نتيجة إطلاق غاز ثاني أكسيد الكبريت. تتدفق الحمم البازلتية في مناطق واسعة بسبب الحرارة المرتفعة.
البركان المركب
تتميز البراكين المركبة بشكلها المخروطي، وتنتج عن تجمع الحمم البركانية من صخور متنوعة وغازات ساخنة. عندما تنفجر، ترتفع الحمم إلى ارتفاعات كبيرة، تصل أحيانًا إلى أكثر من 1000 متر، وتشكل طبقات عبر آلاف السنين، وتظل نشطة بغض النظر عن مرور الزمن.
الحقل البركاني
يتكون الحقل البركاني من مناطق شاسعة تحتوي على آلاف الفوهات البركانية. عندما تنشط هذه الحقول، قد يحدث تدفق هائل للحمم البركانية من باطن الأرض، مما يؤدي إلى انتشارها على مناطق كبيرة جداً، ومن الأمثلة على ذلك هضبة سان مارتن وسان فرانسيسكو.
البراكين العكسية
يُطلق عليها هذا الاسم لأنها تطلق الحمم من فوهتها نحو أسفل البركان، مما يساهم في تكوين بحيرة بركانية حول البركان. هذه البراكين تكون شديدة الانفجار، ويرافقها انبعاث رماد يمتد لمسافات طويلة. يُعتبر آخر ثوران بركاني عكسي قد حدث في عام 83 ميلادي.
ثورات البراكين
تنقسم الثورات البركانية إلى نوعين رئيسيين:
الانفجار البركاني
يحدث عندما تحتوي الحمم البركانية على نسب عالية من الغازات المنصهرة، مما يؤدي إلى انفجارات تطلق الحمم في الهواء.
الانبثاق البركاني
يحدث عندما تحتوي الحمم على كميات صغيرة من الغازات اللزجة، مما يؤدي إلى تدفق هادئ لها نحو الخارج، بينما إذا كانت الغازات بكميات صغيرة ولكن لزجة، ستبقى الحمم عند فتحة البركان.
البراكين في مختلف أنحاء العالم
تتنوع البراكين في عدة مناطق حول العالم، حيث يوجد ما يزيد عن ألف وخمسمائة بركان، بالإضافة إلى تلك الموجودة في قيعان المحيطات. شهد العالم ثوران حوالي 500 بركان عبر الزمن، ومنطقة المحيط الهادئ تُعتبر الأكثر غزارة حيث تُطلق عليها “حزام النار”.
تتراوح أعداد البراكين النشطة بين 40 و50 بركان وذُكر أنها قد تنفجر في أي وقت. يُنظر إليها على أنها قنابل موقوتة. يُعتبر بركان “مونا لوا” في هاواي أكبر بركان نشط في العالم، حيث يبلغ طوله حوالي 67 كيلومترًا وعرضه 47 كيلومترًا. كان آخر ثوران له في عام 1832، ولهذا البركان تاريخ طويل من الثورات التي تحدث كل ست سنوات تقريبًا على مر 3000 عام.
تأثيرات البراكين
تمثل البراكين تهديدًا كبيرًا، حيث تستطيع تدمير كل ما يصادف طريقها بفضل سرعتها التي تصل إلى 64 كم في الساعة. تُشكل خطرًا على سكان المناطق القريبة منها، وقد تؤدي إلى حروق أو اختناق نتيجة الحرارة والغازات المنبعثة.
ليس ذلك فحسب، بل إن البراكين تؤثر كذلك على مناطق بعيدة، حيث يؤثر الرماد المتساقط على النباتات والحيوانات، والغازات المنبعثة قد تؤدي إلى الموت. كما أن المواد الناتجة عن انفجار البراكين يمكن أن تسبب الفيضانات، وقد تؤدي تدفقات الحمم إلى البحار مما يسبب تسونامي. إذا حدث الثوران في مناطق جليدية، فقد يؤدي ذلك إلى ذوبان الجليد وبالتالي زيادة خطر الغرق.
عواقب اندلاع البراكين تكون وخيمة، حيث يمكن أن تتسبب في زلازل بركانية نتيجة الضغط الشديد عند خروج المواد المنصهرة، ويكون تأثيرها محدودًا أو قد يتسبب في انهيارات أرضية.
مع ذلك، يمكن أن يُستفاد من حرارة البراكين في توليد الطاقة الحرارية أو في اكتشاف المعادن مثل الذهب والفضة والرصاص والزنك والنحاس، مما يعكس جانبًا إيجابيًا لهذه الظاهرة الطبيعية.