مكان فرض الصلاة
تعتبر الصلاة فريضة مفروضة على المسلمين في مكة المكرمة قبل هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث تم فرضها عليه في السّماء السابعة خلال ليلة الإسراء والمعراج.
عند النظر إلى مكان فرض الصلاة، يتبين أن فرضها في السماء بهذه الطريقة وفي هذا المكان -على عكس العبادات الأخرى- يعدُّ تكريماً لنبي الله -عليه الصلاة والسلام- ورفعاً لمكانة المسلمين، فضلاً عن تأكيد عظمة هذه الفريضة. كانت أول صلاة صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي صلاة الظهر، حيث عاد من ليلة المعراج في وقت الظهر.
وقت فرض الصلاة
تم تحديد فرض الصلاة في بداية الإسلام في مكة المكرمة، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، قبل هجرة النبي -صلّى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة بما يقارب خمس سنوات، وهناك آراء تاريخية أخرى تقول أنه كان قبل الهجرة بثلاث سنوات أو حتى بسنة ونصف. وقد حدث هذا الأمر في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر رجب، الذي يوافق ليلة 19-20 من عام 619/637 ميلادي.
كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (فُرِضَتْ عَلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ ليلةَ أُسرِيَ بِه الصَّلواتُ خَمسينَ، ثُمَّ نَقصَتْ حتَّى جُعِلَتْ خَمسًا).
من خلال ما سبق، نستنتج أن الصلاة فرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة في مكة المكرمة، في ليلة الإسراء والمعراج، في السماء السابعة، وكان ذلك في شهر رجب، وقت أداء صلاة الظهر.
دلالات فرض الصلاة في السماء السابعة
أما فرض الصلاة في السماء السابعة فهو مؤشر على فضلها وعظم شأنها؛ إذ أنها فرضت في وجود الله تعالى، مما يجعل الطهارة شرطاً من شروط صحتها. كما تشير إلى أنها مناجاة بين العبد وربه، حيث ينبغي أن يتطهر العبد لملاقاته ويرتقي بقلبه عن متاع الدنيا إليه -سبحانه وتعالى-، وهذا يبرز عظمة الصلاة ومكانتها الرفيعة.
إن فرض الصلاة في السماء السابعة هو تكريم وتعظيم لهذه العبادة، ويُبرز التجلي الذي يحدث عند استقبال القبلة ومناجاة الله -سبحانه وتعالى-.
مكانة الصلاة في الإسلام
تحظى الصلاة بمكانة عظيمة في الإسلام تفوق أي عبادة أخرى، وتتجلى أهميتها في كونها:
- عمود الدين الذي لا يكتمل إلا به، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُه الصلاةُ، وذروةُ سنامِه الجهادُ في سبيلِ الله).
- ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، مما يؤكد على صحة هذا الاعتقاد ويدل على إيمان المسلم بما يعجز قلبه عن تصديقه.
- أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن صحت صلاته فاز، وإن لم تصحّ فقد خسر خسراناً بيناً. وهي آخر ما يُفقد من الدين، فعندما تضيع الصلاة يضيع الدين، وقد اعتبر رسول الله -عليه الصلاة والسلام- والصحابة أن ترك الصلاة هو كفر وخروج من ملّة الإسلام.
- آخر ما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته، حيث كان يقول وهو في لحظاته الأخيرة: (الصَّلاةَ وما ملَكَت أيمانُكُم).
- الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماء في ليلة الإسراء والمعراج، إذ فرضها الله على النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرةً دون وساطة. وقد فرضها الله خمسين صلاةً في اليوم والليلة، ثم خففها لتصبح خمس صلوات يومياً؛ لتجنب المشقة عن عباده.
- العبادة الوحيدة التي لا تسقط عن المكلفين مهما تغيرت ظروفهم، فهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، ذكراً كان أم أنثى، بينما يتم التخفيف في ظروف معينة كالسفر أو المرض أو الحرب، حيث يُحدد الشرع أحكام خاصة لكل حالة لرفع الحرج عن العباد.
- الشعيرة التي تمت مشاركتها من قبل الديانات السابقة، حيث يتضمن القرآن آيات عديدة تُبرز اهتمام الأنبياء السابقين بالصلاة، كما يتبين من قصة سيدنا إسماعيل الذي أمر أهله بالصلاة والزكاة، واهتمامهم ببناء المساجد”.[9] بناء الكعبة الشريفة على يد سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل، وبناء المسجد الأقصى من قِبل سيدنا سليمان، فضلاً عن إنشاء المسجد النبوي من قِبل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
إن لمكانة الصلاة في الإسلام عظيمة، فهي عمود الدين، وثاني أركان الإسلام، وأول ما يسأل العبد عنه في قبره، وتعد الفريضة الوحيدة التي لا تسقط عنه مهما كانت حالته، وهي أيضاً الفريضة التي فرضت دون واسطة وحي، ومشتركة بين الديانات السماوية في فرض أداء الصلوات.
كيفية أداء الصلاة
إليك المعلومات المتعلقة بكيفية أداء الصلاة:
الصلوات المفروضة وأوقاتها
قصرت الصلاة على المسلمين، وهي خمس صلوات في اليوم والليلة، ويتم تفصيلها كما يلي:
- صلاة الفجر: وهي ركعتان، تبدأ من طلوع الفجر حتى شروق الشمس.
- صلاة الظهر: وهي أربع ركعات، يبدأ وقتها من زوال الشمس وينتهي عندما يتساوى ظل الشيء مع نفسه.
- صلاة العصر: تُصلّى أربع ركعات، يبدأ وقتها بعد انتهاء صلاة الظهر حتى غروب الشمس، ويُكره تأخيرها إلى آخر وقتها إلا عند الحاجة.
- صلاة المغرب: ثلاث ركعات، تبدأ من غروب الشمس وتستمر حتى مغيب الشفق الأحمر.
- صلاة العشاء: أربع ركعات، تبدأ بعد انتهاء وقت المغرب وتستمر حتى منتصف الليل، أو حتى ثلث الليل بحسب الرأي.
صفة الصلاة
يجب على المصلّي أن يُطهّر نفسه ومكانه، ويتوضّأ استعداداً لأداء فريضة الصلاة، ثم يستقبل القبلة -باتجاه مكة المكرمة-، ويستحضر نية الصلاة التي ينوي أدائها، سواء كانت فريضة أو نافلة. ثم يتبع الخطوات التالية:
- يكبّر تكبيرة الإحرام رافعاً يديه، ثم يضع يده اليمنى فوق اليسرى ويدعو دعاء الاستفتاح.
- يقرأ سورة الفاتحة، وهي ركن أساسي لا تصح الصلاة دون قراءتها. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ)، ثم يقرأ ما يتيسر له من القرآن في الركعتين الأولى والثانية، ويكتفي في الركعتين الثالثة والرابعة بقراءة الفاتحة فقط.
- يركع ركوعاً واحداً مطمئناً، واضعاً كفيه على ركبتيه ومستقيماً، ويقول فيه: “سبحان ربّي العظيم” ثلاث مرات.
- يعتدل من ركوعه قائلاً: “سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد”، ومن المستحب إضافة: “حمداً طيباً كثيراً مُباركاً فيه”.
- يسجد المصلّي سجدتين، مطمئناًً بهما، يجب أن يكون السجود على أعضائه السبعة، ويردد في كل سجدة “سبحان ربّي الأعلى” ثلاث مرات. يجلس بين السجدتين ويدعو بالرحمة والمغفرة له ولوالديه، كما يُفضل إطالة السجود وزيادة الدعاء فيه، فهو موضع استجابة.
- يصلّي المسلم الركعة الثانية كما فعل في الأولى، ثم يقرأ التشهّد (التحياتُ للهِ، والصلواتُ والطيباتُ، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه)، ويكمل صلاته إذا كانت ثلاث أو أربع ركعات.
- يقرأ الصلاة الإبراهيمية بعد التشهد الأخير، قائلاً: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) ويدعو بعد الصلاة الإبراهيمية بأدعية كما علمنا الرسول -عليه السلام- بطلب النجاة من النار والمغفرة.
- يُسلّم عن يمينه وشماله عند انتهاء الصلاة.
على المسلم أن يؤدّي خمس صلوات يوميًا، وهي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، حيث تُصلى أربع ركعات باستثناء الفجر التي تُصلى ركعتين والمغرب التي تصلى ثلاث ركعات. ولكل صلاة شروط معينة لصحتها، كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوضح كيفية أدائها بالتفصيل، وقد تم تناول ذلك في هذا المقال.