الأساليب البيانية في قصيدة “بانت سعاد”

تعتبر قصيدة “بانت سعاد” من أبرز القصائد التي كتبت في مدح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. كتبها الشاعر كعب بن زهير بن أبي سلمى، الذي يعد من أعظم شعراء الجاهلية ومن أبرز أصحاب القصائد المعلقة.

السياق التاريخي لقصة قصيدة بانت سعاد

  • في أعقاب فتح مكة وتوسع الإسلام في شبه الجزيرة العربية، بدأت القبائل تتوجه إلى المدينة المنورة لإعلان إسلامها.
  • ومن بين المهاجرين كان بجير، شقيق كعب بن زهير، مما أثار غضب كعب لعدم إسلامه هو أيضاً. فكتب قصيدة يهاجم فيها أخاه والإسلام ومن ثم الرسول، مما أدى إلى إعلان الرسول عن هدر دمه.
  • مع ذلك، عندما قرر كعب اعتناق الإسلام، اقترب من النبي في المدينة المنورة طلباً للمغفرة والدخول في الدين، فاستجاب له الرسول وعفا عنه.
  • وبمجرد أن أظهر كعب إيمانه، رتّل قصيدته أمام النبي وهو يمدحه فيها، فاستجاب النبي له ومنحه بردته، ومن هنا أُطلق على القصيدة اسم “قصيدة البردة”.
  • اتبعت القصيدة التقاليد العربية، حيث بدأت بالغزل، تلتها وصف ثم موضوع المدح.
  • تتضمن القصيدة 57 بيتاً شعرياً.

أول الأبيات من قصيدة البردة

بانَت سعاد فَقَلبي اليَومَ مَتبول.

متَيَّمٌ إِثرَها لَم يجزَ مَكبول.

وَما سعاد غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا.

إِلّا أَغَنّ غَضيض الطَرفِ مَكحول.

هَيفاء مقبِلَةً عَجزاء مدبِرَةً.

لا يشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طول.

أبيات المدح للرسول عليه الصلاة والسلام في قصيدة بانت سعاد

إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يستَضاء بِهِ.

مهَنَّدٌ مِن سيوفِ اللَهِ مَسلول.

في عصبَةٍ مِن قرَيشٍ قالَ قائِلهم.

بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا.

زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلاكشفٌ.

عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيل.

المحسنات البديعية في القصيدة

  • تميزت لغة القصيدة بوضوح الألفاظ وملاءمتها للأجواء النفسية، حيث تعكس مشاعر الخوف والأمل في العفو عند الاعتذار والاستعطاف مثل (أوعدني، العفو مأمول، مهلاً، الوشاة، لم أذنب، الأقاويل، يرعد). بينما تعكس صفات المدح القوة والهداية مثل (نور، يستضاء به، مهند، سيوف الله، عصبة، شم، أبطال، حياض الموت).
  • تتميز العبارات بالقوة والترابط، رغم وجود بعض التقديم والتأخير الذي أضاف تعقيداً.
  • تنوعت الأساليب بين الخبر والإنشاء، مما أثار المشاعر وحرّك الأفكار، كما يتجلى في الأمر (مهلاً) والنهي (لا تأخذني)، بالإضافة إلى الأساليب الخبرية لتقرير صفات المدح.
  • استخدم الشاعر وسائل التوكيد لدعم المعاني، مثل (إن الرسول لنور) و(لقد أقوم) و(لا يقع الطعن إلا في نحورهم)، مما أضاف تأكيداً وتخصيصاً.
  • تضمن النص بعض البلاغة من خلال الطباق، وكذا الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ثم العودة إلى الغيبة من أجل الإثارة.
  • الصورة الخيالية في القصيدة قليلة لكن جاءات رائعة، مثل (إن الرسول لنور… مهند من سيوف الله)، وكذلك (شم العرانين، لا يقع الطعن إلا في نحورهم، مالهم عن حياض الموت تهليل).
  • الموسيقى الشعرية واضحة في الوزن والقافية، حيث اختار الشاعر بحر البسيط الذي يُناسب موضوع الاعتذار والمدح، كما ساعدت القافية القوية على التأثير النفسي.
  • تتواجد بعض التورية، كفي قوله (وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول)؛ إذ يحمل المعنى القريب كلمة مكحول المعنى السطحي، بينما المقصود هو المرأة.
  • كما تبرز البيئة التأثير في القصيدة، حيث عكس الشاعر تجربته في الجاهلية والإسلام، وأظهر ذلك في استعمال الرموز مثل الفيل كمظهر من مظاهر القوة.
  • كانت ألفاظ الشاعر غارقة في تأثير البيئة الإسلامية من خلال تكرار الإشارات إلى رسول الله والأمل في عفوه.
  • تم ربط الأعمال بمشيئة الله كما ورد في قوله (إلا أن يكون له من الرسول بإذن الله تنويل).
  • أخيراً، يظهر تأثير التعاليم الإسلامية في كعب بن زهير من خلال وصفه لمشاعر الاعتدال والواقعية في تعبيراته.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *