لبنان
يعتبر لبنان دولة عربية تقع في الجزء الغربي من قارة آسيا، وينتمي تاريخياً إلى بلاد الشام. تحده من الشمال والشرق دولة سوريا، بينما تحده فلسطين التاريخية من الجنوب، كما يطل من الغرب على البحر الأبيض المتوسط. يمتاز لبنان بتنوعه الطائفي والديني والثقافي، حيث تلعب الطوائف المسيحية دوراً بارزاً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. تُعد مدينة بيروت، عاصمة لبنان، هي الأكبر في البلاد، وتأتي مدينة صيدا كأحد المدن الهامة التي سنسلط الضوء عليها بشكل أكبر.
صيدا
تُعد مدينة صيدا ثالث أكبر مدينة في لبنان، والأكبر في المنطقة الجنوبية، بالإضافة إلى كونها واحدة من أقدم المدن في العالم. تقع صيدا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، شمال مدينة صور وجنوب العاصمة بيروت، وتبعد نحو ثمانية وأربعين كيلومتراً عن العاصمة السورية دمشق. تُعتبر صيدا مركزاً مهماً في الجنوب اللبناني، وتلعب دوراً حيوياً كحلقة وصل بين الجنوب وعاصمة البلاد، وقد ازدادت أهميتها في السنوات الأخيرة بفضل إنشاء الأوتوستراد الجنوبي.
شهدت مدينة صيدا تطوراً ملحوظاً ونمواً سريعاً بعد الحرب الأهلية اللبنانية، حيث ارتفع عدد السكان وتطور البنية التحتية. تأسست فيها العديد من المؤسسات والمستشفيات وغيرها من المرافق الحيوية، مما جعلها واحدة من أبرز المدن اللبنانية. تشتهر صيدا بتاريخها العريق كمهد للحضارة الفينيقية، وتحتوي على معالم تاريخية بارزة مثل الأسوار والقلعتيْن (القعة البحرية والقلعة البرية) والمدينة القديمة، بالإضافة إلى الجامع العمري الكبير والكنائس المتنوعة والميناء. ويعتمد اقتصاد المدينة اليوم على الزراعة، خاصةً زراعة الحمضيات، بفضل التربة الخصبة والمياه الوفيرة، مما يجعلها مشابهة لمدينتي يافا وحيفا الفلسطينيتين.
اسم المدينة اللاتيني القديم “صيدون” يُنسب إلى صيدون بن كنعان، أو إلى وفرة الأسماك في سواحلها. ومن الجدير بالذكر أن صيدا كانت محوراً مهماً في الحضارة الفينيقية، حيث تم اكتشاف الأبجدية ونقلها إلى مختلف أنحاء العالم، وكان لها دور بارز في اكتشاف مادة الصبغة الأرجوانية المستخلصة من قواقع “الموريكس”، حيث وُجد فيها كميات ضخمة من هذه الأصداف. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر سكان صيدا القدماء هم الأوائل في صناعة الزجاج والأواني الخزفية، وكانوا بارعين في الحفر والنقش على الفضة والذهب، كما كانوا رواداً في بناء السفن والابحار بها نظراً لموقعهم الجغرافي الاستراتيجي.
