تاريخ قياس الذكاء
بدأت المحاولات لقياس الذكاء في القرن التاسع عشر، حيث كانت تجارب كل من العالم بول بروكا والسيد فرنسيس غالتون من بين أولى تلك المحاولات. كانوا يعتقدون أن الذكاء يمكن قياسه بناءً على حجم الجمجمة، فكلما زاد حجمها زادت نسبة الذكاء لدى الفرد. وفي نفس الفترة تقريباً، قام العالم وليم وندت بتطوير طريقة تعتمد على قدرة البشر على التعبير عن أفكارهم. أجرى وندت العديد من التجارب سعياً لتحديد مقياس الذكاء، مع العلم أن بعض هذه التجارب قد تكون غير فعالة في الوقت الحاضر. ولكن، أسس وندت لأسس علمية يعتمد عليها الباحثون في المستقبل.
أول مقياس موثوق للذكاء
تم تطوير مفهوم مقياس الذكاء بشكلٍ فعلي في عام 1904 على يد عالم النفس الفرنسي ألفريد بينيه، الذي ابتكر أول مقياس عملي للذكاء. كُلف بينيه والعالم ثيودور سيمون من قبل وزارة التربية والتعليم الفرنسية لتطوير مقياس يمكنه تمييز الأطفال الذين يواجهون صعوبات أو تأخرًا في قدراتهم العقلية عن أولئك الذين يتمتعون بإمكانيات عقلية جيدة ولكنهم كسالى فقط. احتوى هذا المقياس على عدة عناصر، بما في ذلك التفكير المنطقي والتعرف على الكلمات المتشابهة في القافية وتسمية الأشياء.
تعتمد نتيجة المقياس على مجموع عمر الطفل مع نتائج المقياس، مما يُظهر ما إذا كان متأخراً عن أقرانه أو في نفس المستوى. يقوم المقياس بحساب العمر العقلي للطفل من خلال جمع عمره الحقيقي مع عمره العقلي (المستخرج من المقياس)، ثم يُضرب الناتج في 100. لقد حقق هذا المقياس انتشارًا واسعًا في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
أهمية مقياس الذكاء
تتجلى أهمية هذا المقياس في الإطار المدرسي، حيث تُبنى شخصية الطفل ويحتاج إلى رعاية خاصة بحسب قدراته. تقوم العديد من المدارس في الدول الغربية بإجراء هذا المقياس لطلابها لفهم مستوياتهم وللحصول على معلومات متعددة يمكن أن تسهم في تعزيز العملية التعليمية ونجاحها، ومن بين فوائد هذا المقياس:
- التعرف على الطلاب الموهوبين؛ إذ ينتظر الكثير من الآباء نتائج هذا المقياس لمعرفة ما إذا كان ابنهم يحمل موهبة خاصة، مما يساعدهم على توجيه الرعاية اللازمة لهذه الموهبة وتنميتها.
- تقييم القدرات العقلية للطلاب؛ حيث يكشف المقياس عن مستوى الطالب العقلي، وبالتالي يمكن للمعلم تحديد ما إذا كان الطالب بحاجة إلى رعاية خاصة أو دروس تقوية، أو إذا كان بإمكانه الترقي بسهولة إلى الصفوف الأعلى، وغالباً ما نسمع عن أطفال أنهوا تعليمهم الجامعي قبل سن الرشد.
عيوب مقياس الذكاء
من العيوب الملحوظة لهذا المقياس هو تصنيفه للطلاب إلى مستويات مرتفعة ومنخفضة، مما يؤثر سلباً على الأطفال ويؤدي إلى وضع طلاب المستويات العالية في صفوف مختلفة عن نظرائهم من ذوي المستويات المنخفضة، مما قد يخلق بيئة غير ودية بين الطلاب. كما أن تكرار عبارة “أنت ذكي” للطالب قد يجعله يشعر بأن جميع التحديات التي يواجهها بسيطة، مما يجعله يبذل جهداً في حلها قبل الاستسلام. على الجانب الآخر، الطفل الذي يُصنف بأنه ضعيف قد يشعر بالقصور والإخفاق ويستسلم أمام أي مشكلة يواجهها.