يُعَدُّ الذكر من أعظم الأمور التي يحبها الله عز وجل، حيث يُشَجِّعُ اللهُ سبحانه وتعالى الذاكرين له، والذاكرات، ويُعدُّ لهم جناتٍ عرضُها السماوات والأرض، تحتوي على ما لا يراه إنسان، ولا يسمعه أذن، ولا يخطر على قلب بشر.
فهم الفرق بين الحمد والتسبيح
- التسبيح في اللغة يُفَسَّر بالتقديس، وكلمة تسبيح تُعَدُّ مصدرًا للفعل “سبح”، مما يعني تمجيد وعظمة. عندما يسبح العبد الله، فهو يُعَبِّر عن تعظيمه وتنزيهه.
- أما الحمد، فهو يُعَرَّف في اللغة بأنه الثناء والشكر. تُعَدُّ كلمة الحمد مصدرًا للفعل “حمد”، فإذا حمد العبد ربه، فهذا يدل على شكره له ورضاه بقضائه، سواء كان خيرًا أو شرًّا.
- كما تم الإشارة إليه في الفقرات السابقة، فإن التسبيح يعني تعالي الله عز وجل عن كل عيب، وتنزيهه عن كل نقص.
- الإمام ابن كثير فسر قول الله تعالى: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- تكرَّر ذكر الفارق بين التسبيح والحمد في عدة آيات من القرآن الكريم، حيث يُظهِر الله عز وجل الفرق بينهما.
- تتعدد الآيات التي تبرز الفرق بين التسبيح والحمد، وهذا يعزى إلى اقتران الاثنين في الكثير من المواضع في الكتاب الكريم، حيث يُكَمِّل كل منهما الآخر. يتضمن التسبيح تنزيه الله عن كل نقص، بينما يُظهر الحمد جميع صفات الكمال المطلقة لله.
- يتضح من هذا أن إثبات الكمال يتطلب نفي العيوب، وأن نفي العيوب يستلزم حتمًا إثبات الكمال.
- بالتالي، يُعتبر كل من الحمد والتسبيح وجهًا واحدًا لعملة واحدة، حيث لا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر؛ فالحمد يتمم بالتسبيح، والتسبيح يتمم بالحمد.
أي منهما هو الأكثر رفيعًا: الحمد أم التسبيح؟
- الحمد هو الثناء الجميل على الجواد، وهو أيضًا يأتي من منطلق التعظيم والمحبة.
- كما يشمل الحمد ذكر الصفات الإيجابية، وهو أيضًا يشمل الفضل والنعم.
- الشخص الذي يتصف بصفات جميلة مثل الرحمة والصبر والحلم يستحق الثناء.
- أي مساعدة يتلقاها إنسان تستحق الشكر والتعظيم.
- الحمد غير مُسَتَحَب لغير الأحياء العاقلة.
- التسبيح يُعتبر أكثر علواً من التحميد لأنه خاص بتعظيم الله وتنزيهه عن العيوب.
- الحمد يُظهر أن الله هو المعطي لجميع النعم، ويلي وصفه بالعطاء ضرورة تنزيهه أولاً.
- لأن وجود الشيء في حد ذاته يسبق وجود غيره، وتأثير الشيء يتقدم على تأثيره على غيره.
- تسبيح العبد المُسلم يُعَدُّ مصدر سكينة وهدوء في قلب المؤمن، مما يُعَزِّز في قلبه تقديس الله.
- الأنبياء قد دعوا أقوامهم لتسبيح الله وتقديسه، لما لذلك من تأثير على القلوب وتجديد التواصل مع الله.
- الحمد يعزز الإيمان ويُقَوِّي شعور العبد بأن الله هو وحده المنعم عليه.
- وقد أُمرنا بتحميد الله لإبقاء قلوبنا مشدودة له، لأن الله هو المنعم الوحيد.
يمكنكم أيضًا الاطلاع على:
أنواع الأذكار: التسبيح والحمد
- الأذكار المأثورة تُعَدُّ تلك التي أَوْصَى بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهي الأذكار المنقولة عنه في مناسبات خاصة أو عامة.
- ومن ضمن الأذكار المأثورة، نجد الأذكار القرآنية المتعلقة بالتحميد والتسبيح.
- كل نوع من الأذكار له تأثيره الخاص والذي يتباين عن الآخر:
- حيث يكون نوع يعزز من صلة العبد بربه، وآخر يعزز حرصه على الطاعة.
- الله ذكر التحميد في عدة آيات، مثل: (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرون).
- وفي موضع آخر، قال الله: (فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُون).
- يظهر استحقاق حمد الله من أهل السماء والأرض، مما يعكس ضرورة حمد الله من الجميع.
- غالبًا ما يأتي الحمد بعد التسبيح في العديد من الآيات، وذلك لأن التسبيح يمثل عملية التصفية، بينما الحمد يدل على التحلية، لذا يأتي الحمد بعد التسبيح.
فضائل التسبيح والحمد
هناك العديد من الفضائل للتسبيح والحمد، كما ذُكِرَ في السنة النبوية:
- تضمن الأحاديث الصحيحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بقوله: (أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْس).
- أيضًا، تُخبر الأحاديث عن فضيلة التسبيح والحمد، حيث تملأ كلمة “الحمد لله” الميزان، بينما “سبحان الله والحمد لله” تملآن ما بين السماوات والأرض.
- كما يُشير الحديث إلى فضل كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان: (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).
- تُعَدُّ الكلمات: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) من أفضل الكلمات في الدنيا.
- كذلك، فضائل التسبيح والحمد تشمل الأوقات التي يمر فيها الفرد بكروب أو مصائب، حيث يمكن لتكرار بعض العبارات مثل “لا إله إلا الله الكريم الحكيم” أن يُزيل الهم.
الأوقات المفضلة للتسبيح
- التسبيح من الأذكار المهمة التي ينبغي على المسلم الالتزام بها في كل الأوقات. كما قال الله: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ).
- يُفضل التسبيح في الصباح والمساء، وفي حالات الكسوف والخسوف، وبعد كل صلاة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ وحمدَ اللَّهَ ثلاثًا وثلاثينَ وكبَّرَ اللَّهَ ثلاثًا وثلاثينَ، غُفِرت له خطاياه).
الفروق بين الحمد والشكر
- عكس الحمد هو الذم، بينما عكس الشكر هو الكفر.
- الحمد شامل أكثر من الشكر، حيث يتضمن كل الصفات اللازمة والمتعدية.
- الحمد يُؤدَّى غالبًا باللسان، بينما الشكر يمكن أن يكون باللسان والجوارح معًا.
- الحمد يُعبر عن علم ويحيط بمعرفة المؤمن بفضائل الله، بينما الشكر قد يعبر عن ظن.