النكرة والمعرفة في قواعد اللغة العربية

تُعدّ دراسة النكرة والمعرفة في النحو من الأمور الأساسية لكل من يرغب في إتقان اللغة العربية، سواء كان طفلاً أو بالغاً، وأيضًا لأولئك الذين يجدون صعوبة في فهم قواعدها النحوية وعلومها المتنوعة كالصرف وغيرها. في هذا المقال، سوف نستعرض معًا علم النحو ونلقي الضوء على أحد أهم أبوابه، وهو باب “النكرة والمعرفة”.

أصول علم النحو

مثل أي علم آخر، من الضروري أن نتعرف على نشأته وكيف تطور عبر الزمن، بالإضافة إلى العلماء الذين ساهموا في وضع قواعده. فقد أُوكل إلى عالم اللغة البارز، أبو الأسود الدؤلي، من قِبل الإمام علي بن أبي طالب مهمة تأسيس قواعد علم النحو، وذلك نتيجة لتزايد الأخطاء اللغوية التي وقع فيها الناس أثناء قراءة القرآن الكريم بسبب ضعف معرفتهم باللغة العربية ودخول اللحن في إعراب الجمل.

استجاب أبو الأسود الدؤلي لهذا التحدي ووضع أسس وقواعد اللغة العربية، ثم عرضها على الإمام علي الذي أثنى عليه، ووصف عمله بالجمال، قائلًا: “ما أجمل هذا النحو الذي نحوته”، ومن هنا تم تسمية هذا العلم ب “النحو”.

أهمية علم النحو وفوائده

يمثل علم النحو أحد أعظم العلوم التي يمكن أن يتعلمها الفرد، نظرًا لأنه يشمل اللغة التي يتحدث بها العرب عمومًا، وكونه لغة القرآن الكريم، مما يعكس مكانتها وشرفها. إن نهضة الأمم وازدهارها تبدأ من خلال انتشار لغتها.

يركز علم النحو على العلامات الإعرابية في نهاية الكلمات، على عكس علم الصرف الذي يهتم ببناء الكلمات وأصولها. يتميز علم النحو بقواعد ثابتة اتبعها العرب على مدى الأزمنة، وتطورت اللغة العربية في أواخر العصر الجاهلي لتظهر لهجة أدبية تفوقت على اللهجات الأخرى. وقد كان لقبيلي قيس وتميم وأسد دور بارز في نشر اللغة العربية. وقد جرت منازلات في البلاغة بين القبائل، حيث كانت البلاغة أحد مفاخرهم، وبرع العرب في هذا المجال.

جهود العرب في تعليم اللغة العربية لأبنائهم

أولى العرب اهتمامًا كبيرًا لتعليم أبنائهم اللغة العربية، حيث كانوا يرسلونهم إلى البادية لاكتسابها بشكل أفضل، كما كانوا يشجعونهم على العيش مع الشعراء والأدباء. وقد استمر هذا الاهتمام بعد الفتوحات الإسلامية، مما ميزهم عن باقي الأمم. ومن أجل هذا، وُجد ديوان العطاء لتوثيق جنود الجيش والفيء والغنائم، مما أسهم في تكوين طبقة عسكرية أرستقراطية.

يساهم علم النحو بشكل كبير في الحفاظ على اللسان من الأخطاء الناتجة عن عدم استخدام اللغة بشكل سليم، مما يساعد أيضًا على فهم القرآن وقراءته بشكل صحيح، بالإضافة إلى تمكين فهم تراث العرب الأدبي وثقافتهم.

موضوع علم النحو

يناقش هذا العلم الكلمات من حيث كونها معربة أو مبنية، سواء في حالات الوقف أو الوصل.

أسباب تأسيس علم النحو

مع انتشار الفتوحات الإسلامية، برز القلق حيال سلامة اللغة العربية نتيجة دخول لغات ولهجات جديدة، مما أدى إلى تصاعد الأخطاء اللغوية، خاصة مع تزايد الأسر التي كانت تضم أمهات غير عربيات. وعليه، جاءت الحاجة إلى وضع قواعد علم النحو.

النكرة والمعرفة

يحتوي علم النحو على مجموعة من القواعد الهامة لضبط الأخطاء اللغوية، ومن أبرز هذه القواعد هو باب “النكرة والمعرفة”. فما المقصود بهذه المصطلحات؟

المعرفة

المعرفة تشير إلى ما يُستخدم للدلالة على شيء معين، كمثال على ذلك كلمة “محمد”، التي تدل على شخص معين. فعند القول “محمد تلميذٌ مؤدبٌ”، تكون “محمد” معرفة.

مثال آخر هو “أنا أطيع مدرسي”، حيث تعبر كلمة “أنا” عن معرفة، لأنها تشير إلى شخص بعينه يعرف نفسه جيدًا.

تعريف النكرة

النكرة تشير إلى ما يدل على شيء غير معين، ويمكن إضافة “أل” التعريف إليها، مما يجعلها نكرة. على سبيل المثال، “زرت مدرسة”، حيث المدرسة هنا غير محددة. لكن عندما نقول “المدرسة”، تُصبح معرفة بعد إضافة “أل”.

أقسام المعارف

توجد عدة أقسام من الكلمات التي تعتبر دائمًا معرفة، وهي:

  1. الضمائر: جميع الضمائر تُعتبر معرفة وتدل على مسماها باستخدام التكلم أو الغياب، وتنقسم إلى ضمير متكلم، ضمير مخاطب، وضمير إشارة.
  2. العلم: هو كل اسم يدل على مسماه بشكل مباشر، مثل “محمد” و “فاطمة”.
  3. أسماء الإشارة: تُستخدم للإشارة إلى شي معين، مثل “هذا محمد” و “هذه فاطمة”.
  4. الاسم الموصول: هو كل اسم يُحدد مسماه من خلال الجملة المرفقة.
  5. الاسم المقترن بـ “أل”: كل اسم يُضاف له “أل” يصبح معرفة.
  6. الاسم المضاف إلى معرفة: عند إضافة اسم نكرة إلى معرفة، يصبح معرفة، مثل “كتاب محمد”، إذ كلمة “كتاب” نكرة أُضيفت إلى “محمد” المعرفة.

قوة المعارف

هناك ستة أنواع من المعارف، وكل اسم يُضاف إلى معرفة يُكتسب قوتها، مع استثناء المضاف إلى الضمير، لأنه لا يتمتع بنفس قوة الاسم المعرفة، لكون الضمير أكثر معرفة. لذا، لا يجوز أن يتساوى في القوة مع ما هو أدنى منه.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *