أول من أطلق عليه لقب أمير المؤمنين
بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، تولى أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- شؤون المسلمين، حيث كان ينادى بـ “خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم”، وعقب وفاة أبو بكر -رضي الله عنه- تولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قيادة المسلمين. بما أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان الخليفة الأول للرسول، وبتولّي عمر الحكم، أصبح لقب عمر -رضي الله عنه- هو “خليفة خليفة رسول الله” وهو لقب طويل ومعقد. لهذا السبب، اقترح أحد الصحابة، المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن يُطلق على عمر لقب “أمير المؤمنين”، حيث قال: “أنت أميرنا ونحن المؤمنون، فأنت أمير المؤمنين”، كما أشار ابن عبد البر في كتابه الاستيعاب. هناك رواية أخرى تشير إلى أن اللقب أطلقه لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم.
نبذة عن عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي، ويصل نسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في كعب بن لؤي، وكنيته أبو حفص. ولد عمر -رضي الله عنه- بعد ثلاثة عشر عاماً من عام الفيل، وعاش طفولةً صعبة حيث كان والده يُكلفه برعي الإبل، مما جعله قوي البنية وقادرًا على تحمل المسؤولية بعيدًا عن مظاهر الرفاهية. وبعد أن تعلم القراءة والكتابة، انتقل إلى التجارة وأصبح من أغنياء قريش. ومع بلوغه سن السادسة والعشرين، دخل الإسلام إلى قلبه، لقبله الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلقب الفاروق، وذلك لأن النبي كان يدعو الله أن يعز الإسلام بأحد هذين الرجلين: أبو جهل أو عمر بن الخطاب، فكان عمر أحب إلى الله، وعندما أسلم فرّق بين الحق والباطل. ومن الملاحظ أيضًا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه”. وقد كان -رضي الله عنه- من أوائل المهاجرين إلى المدينة المنورة، وشارك في معركة بدر وغيرها، وتوفي الرسول وهو عنه راضٍ. تولى عمر خلافة المسلمين بعد وفاة أبو بكر -رضي الله عنه- واستمرت فترة حكمه عشر سنوات، حتى استشهد أثناء صلاة الفجر إثر طعنة غادرة من مجوسي معادٍ للإسلام، وذلك في السنة الثالثة والعشرين للهجرة.
خلافة عمر بن الخطاب
عندما أحس الخليفة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بقرب وفاته، كان شغله الشاغل هو من سيتولى شؤون المسلمين بعده. وكان يذكر بالأحداث التي وقعت عند تعيينه للخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقلقه من الفتنة المحتملة. لذلك، اتخذ الصديق -رضي الله عنه- قرارًا بالاستخلاف تفاديًا للاختلاف بين المسلمين. بدأ يفكر في الصحابة واختيار الأنسب لقيادة الأمة بحزم وحكمة. وتأمل في صفات كل من عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- وعند اختيار أبو بكر -رضي الله عنه- لعمر، كان ذلك نظراً لمرونته السياسية ومصلحته العامة. بدأ يستشير كبار الصحابة، وكانت الغالبية تؤيد قراره، برغم وجود بعض المعارضات مثل طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- الذي خشي من حدة عمر، لكنه سرعان ما أيد الاستخلاف. وأصبح القرار متوقفاً على موافقة المسلمين، حيث جمعهم في المسجد وألقى خطبة تحدث خلالها عن عمر، فقال: “إن تروه عدل فيكم، فذلك ظني به ورجائي فيه، وإن بدّل وغيّر فالخير أردت، ولا أعلم الغيب”. وبالفعل، بايع الناس عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأعلنوا الطاعة، وبعد ذلك، أرسل إلى عثمان بن عفان ليكتب أمر الاستخلاف.