أول مئذنة في التاريخ الإسلامي
في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان الصحابة يرفعون الآذان بأصواتهم الجميلة، ويستعينون بمواقع مرتفعة لذلك الغرض. ومع ذلك، تم إدخال مفهوم المآذن خلال العصر الأموي، وفقًا للمتخصصين. وقد أُثيرت بعض النقاشات حول موقع أول مئذنة في الإسلام، ومنها ما يلي:
- ذكر البلاذري في كتابه “فتوح البلدان” أن أول مئذنة أُقيمت في البصرة في جامع البصرة، بناءً على توجيه زياد بن أبيه، والي معاوية، في العام الخامس والأربعين.
- في حين أشار المقريزي في كتابه “النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة” إلى أن المئذنة الأولى التي تم إنشاؤها هي تلك التي بنيت في جامع عمرو بن العاص بمصر، خلال الدولة الأموية، في العام الثالث والخمسين للهجرة، بتوجيهات من مسلمة بن مخلد، الذي كان عاملًا لكل من معاوية وابنه وحفيده على مصر.
أول مؤذن في الإسلام
يُعتبر الصحابي الجليل بلال بن رباح -رضي الله عنه- أول مؤذن في الإسلام. وقد ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد دخوله المدينة عندما تجمع المسلمون لأداء الصلاة، قال: (أوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بالصَّلَاةِ؟) فأجاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا بلال، قُم فَنَادِ بالصَّلَاةِ).
مؤذنو رسول الله
كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- عدد من المؤذنين إلى جانب بلال بن رباح، وهم:
عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه-
عبد الله بن أم مكتوم هو عمرو بن قيس بن شريح. وُلد في قبيلة بني عامر بن لؤي، وكان أعمى. ساعد بلال بن رباح في الأذان. وقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ لِرَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- مُؤَذِّنَانِ: بلالٌ، وابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأعْمَى).
كان يؤذن للأذان الثاني في الفجر، حيث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بإعلامهم بالإمساك عن الطعام والشراب في شهر رمضان قائلاً: (إنَّ بلالًا يُؤَذِّنُ ليلاً، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى تَسْمَعُوا أذانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ).
أبو محذورة -رضي الله عنه-
هناك بعض الاختلاف حول اسم أبي محذورة، فقيل إنه سمرة بن معير، وآخرون قالوا إنه معير بن محيريز، أو أوس بن معير بن لوذان بن ربيعة بن عويج. بعد إسلامه، أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأذان في معركة حنين، ثم أصبح مؤذناً في مكة خلفًا لبلال بن رباح -رضي الله عنه-، بالرغم من عدم هجرته من مكة، حيث قال: “لولا الآذان لهاجرت”.
سعد بن قرظ -رضي الله عنه-
سعد بن قُرَظ هو سعد بن عائذ، مؤذن مولى عمار بن ياسر، وكان يُعرف بسعد القرظ لأنه كان يبيع القرظ، وهو ورق شجر غليظ يُستخدم في دبغ الجلود.
عيّنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مؤذناً في مسجد قباء، ليتولى الأذان في غياب بلال. استمر في أداء تلك المهمة حتى وفاته خلال عهدي أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.