أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل للدعوة إلى وحدانيته، وقد واجه كل نبي من هؤلاء العديد من التحديات والصعوبات أثناء مسيرته الدعوية.
أحد هؤلاء الأنبياء أُرسل إلى قوم عُرفوا بالشرك، وفي هذا المقال، سنتناول تفاصيل هذا النبي وأهم المعلومات المتعلقة به.
ظهور الشرك لأول مرة في قوم
- بدأت مظاهر الشرك في عهد نبي الله نوح عليه السلام، حيث كان الناس يعرفون الله عز وجل وحده ولا يعبدون سواه منذ خلق سيدنا آدم عليه السلام، واستمروا على هذه العبادة حتى جاء زمن نوح عليه السلام.
- لقد ساد الشرك بين قوم نوح عندما تمكن الشيطان من إغوائهم، إذ كانوا يجتمعون في مجالس الصالحين، وعندما يموت واحد منهم، كانوا يعظمون قبره ويعبدونه.
- كان الشيطان يقنعهم بأن هؤلاء الموتى الصالحين بإمكانهم استجابة الدعاء.
- يشهد لذلك قول الله تعالى: “وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا”، حيث إن الأسماء المذكورة تعود إلى الصالحين من قوم نوح الذين صنعوا لهم أصنامًا بعد وفاتهم ليعبدونها.
- يقول ابن عباس رضي الله عنه في تفسيرها: “هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح. فلما هلكوا، أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تُعبد، حتى إذا مُحِيت معالم العلم عُبِدَت”.
- لذلك، أرسل الله عز وجل نبي الله نوح ليدعو قومه لعبادة الله وحده، وليحذرهم من عبادة الأصنام، واستمرت دعوته لمدة تسعمائة وخمسين عامًا، كما جاء في قوله تعالى في سورة العنكبوت: “ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا فأخذهم الطوفان وهم ظالمون”.
عدد أتباع نبي الله نوح عليه السلام
- لم يتمكن العلماء من تحديد عدد الأشخاص الذين اتبعوا نبي الله نوح من قومه، لكن الله عز وجل أهلك كل من لم يؤمن منهم بالغرق، ما عدا المؤمنين الذين لم يشركوا بالله.
- وردت تفاصيل عن دعوة نبي الله نوح في سورة الشعراء من الآية 105 إلى الآية 115، حيث ذكر: “كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجري إلا على رب العالمين.
- فاتقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قالو وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أن بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين.
- تواجه نوح بالكذب والتهديد بالرجم إذا لم يتوقف عن دعوته، كما جاء في الآيات 116 و117: “قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين * قال إن قومي كذبون.”
- طلب نوح عليه السلام من ربه أن ينجوه ومن آمن معه من قومه المشركين، كما جاء في الآيات 118 حتى 121: “فافتح بيني وبينهم فتحًا ونجني ومن معي من المؤمنين * فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين.”
دعوة نبي الله نوح لقومه المشركين
- تولى نبي الله نوح الدعوة في ظروف مليئة بالصعوبات أمام قومه الذين انحرفوا عن التوحيد.
- ذكر الله سبحانه وتعالى تمسك قوم نوح بالشرك في سورة نوح: “قال رب إني دعوت قومي ليلًا ونهارًا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا.
- وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارًا * ثم إني دعوتهم جهارًا * ثم إن أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارًا.
- كما دعاهم للاستغفار لينالوا الخير والبركة في الأموال والأبناء ونعيم الجنة، كما جاء في سورة نوح: “فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا.”
- وقد حثهم على تقدير الله وقدراته العظيمة، معلمًا إياهم أنه هو الذي خلق السماوات والقمر والشمس وخلقهم من الأرض ثم أعادهم إليها بالموت لينبعثوا يوم القيامة.
- كما جاء في قوله تعالى: “ما لكم لا ترجون لله وقارًا * وقد خلقكم أطوارًا * ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقًا * وجعل القمر فيهم نورًا وجعل الشمس سراجًا * والله أنبتكم من الأرض نباتًا * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجًا * والله جعل لكم الأرض بساطًا * لتسلكوا منها سبلًا فجاجًا.”
- على الرغم من دعواته الكثيرة، لم يجد نبي الله نوح سوى العصيان والتكبر من قومه، إذ تمسكوا بعبادة الأصنام التي صنعوها تكريمًا لمن هلك من الصالحين في قومهم، وذلك كما ذكر في سورة نوح:
- “قال نوح إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارًا * ومكروا مكرًا كبارًا * وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًّا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا * وقد أضلّوا كثيرًا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا.”
- كان عقابهم من الله هو الغرق ثم دخولهم النار، كما أخبرنا الله في سورة نوح: “مما خطيئاتهم أُغرقُوا فأُدخلُوا نارًا فليم يجدوا لهم من دون الله أنصارًا.”