آل البيت
يشير مفهوم آل البيت في اللغة إلى “الرجوع”، حيث يعني آل الرجل أسرته وأفراد بيته. وقد دارت نقاشات حول المعنى المقصود بآل بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما أدى إلى وجود رأيين: الأول، أن آل البيت يتكون من زوجاته وذريته فقط. ويدعم هذا الرأي استشهادات بالصلاة على النبي بعد التشهد، مثل: (اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد)، الذي فسر على أنه يتم إدراج أهله في ذلك، معتمدين على حديث أبي حميد الذي يذكر: (اللهم صلِّ على محمّد، وأزواجه، وذريّته)، مما يدل على أن الآل يمكن أن يتضمن الأزواج والذرية. أما الرأي الثاني فيرى أن آل البيت يشمل أبناء هاشم وأبناء عبد المطلب، أو أبناء هاشم وما يعلوهم حتى غالب. والبعض يعتبر فاطمة، وعلي، والحسن، والحسين ضمن الأقرباء بشكل خاص. وقد استند أصحاب هذا الرأي إلى حديث زيد بن أرقم الذي دوّن فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرهم في خطبته وطالبهم بالتمسك بكتاب الله، وأكد على أهمية أهل بيته، حيث قال: (وأهل بيتي، أذكِّركم اللهَ في أهلِ بيتي، أذكِّركم اللهَ في أهلِ بيتي، أذكِّركم اللهَ في أهلِ بيتي). وعند سؤاله عنهم، ذكر زيد بن أرقم أن أهل بيته هم الذين حُرّمت عليهم الصدقة من بعده، وأوضح أن بينهم آل العباس وآل جعفر وآل علي وآل عقيل. من المهم الإشارة إلى أن آل البيت يتمتعون بخصائص تميزهم عن الآخرين حيث لهم فضل النسب وطهارة الحسب، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ اصطفَى كِنانةَ من ولدِ إسماعيلَ، واصطفَى قريشاً من كنانةَ، واصطفَى من قريشٍ بني هاشمَ، واصطفاني من بني هاشمَ). كما يشمل ذلك الخُمس الذي يُعطى لهم من الغنيمة والفيء، وفقاً لقوله تعالى: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيل)، إضافة إلى تحريم أخذهم للصدقات، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ الصدقةَ لا تنبغي لآلِ محمدٍ، إنّما هي أوساخُ الناسِ).
مكان دفن السيدة زينب
على الرغم من وجود ضريحين يُنسبان للسيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، أحدهما في دمشق والآخر في مصر، إلا أن كلا الضريحين يفتقران إلى الأدلة القاطعة التي تثبت صحتهما. فالذين نسبوا الضريحين للسيدة زينب -رضي الله عنها- لم يستطيعوا تقديم سندٍ صحيح لدعواهم، كما أنهم لم يُسنِدُوا ذلك لأي مؤرخ معروف أو راوٍ من الذين تتبعوا أحداث تلك الفترة. يمكن القول إن الذين يعتقدون أنها دُفنت في الشام استندوا إلى أن السيدة زينب هاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام، حيث كان يملك هناك مزرعةً أو بستاناً، أثناء فترة المجاعة التي أصابت المدينة المنورة، ثم مرضت وتوفيت، مدعين أنها دُفنت في الشام. غير أن هذا الادعاء -كما يبدو- مبني على باطل، حيث لم يُثبت أي مؤرخ أن عبد الله بن جعفر كان يملك مزارع هناك. بينما هو كان يذهب إلى معاوية ويُجازيه، ثم ينفق تلك الجوائز في سبيل الله. فإذا كان حقاً أن لديه مزارع، فلماذا ينقل زوجته زينب إلى الشام بعد أن تم أخذها لأول مرة أسيرة، حيث كانت قد دخلت على يزيد بن معاوية بشكل مؤلم. فمن غير المعقول تصور أن زينب -رضي الله عنها- ترغب في العودة إلى الشام بعد تلك الأحداث. وإذا كان سبب هجرة عبد الله بن جعفر إلى هناك هو المجاعة، لكان من الأولى أن يبيع محصول تلك المزارع المزعومة ويعود إلى المدينة ليعيل أهله. بالإضافة إلى أن تكاليف سفر زينب إلى الشام كانت أعلى من العيش في المدينة. فهل يُعقل أن يأخذ عبد الله -رضي الله عنه- زوجته إلى الشام ويترك باقي أهله يموتون جوعاً؟ لذلك، فإن الرأي القائل بأن زينب -رضي الله عنها- دُفنت في الشام يعتبر غير صحيح، والصحيح أنها دُفنت في المدينة المنورة حيث عاشت وماتت.
نفي دفن السيدة زينب في مصر
من الجدير بالذكر أن الضريح المزعم للسيدة زينب في مصر غير موجود. فقد نفى بعض العلماء، استناداً إلى أدلة، فرضية دفن السيدة زينب في القاهرة، وفيما يلي بعض أدلتهم:
- أنكر الشيخ محمود المراكبي وجود قبر السيدة زينب في القاهرة، وقد أصدر كتاباً بعنوان: (القول الصريح عن حقيقة الضريح)، وأكد فيه عدم وجود قبر السيدة زينب في مصر، لأنه لم يتم ذكره في أي رواية من الرحالة الذين زاروا مصر ولمسوا آثارها. ومن هؤلاء الرحالة: ابن جبير، وياقوت الحموي، والهروي، وابن بطوطة، وابن دقماق المصري، وخليل بن شاهين، وغيرهم. كما اتفقت أراء المؤرخين مثل ابن ميسر، ونور الدين السخاوي، وابن ظهيرة المصري، وابن تغري بردي، والحافظ السيوطي على أن السيدة زينب -رضي الله عنها- لم تدخل مصر أبداً، فكيف تُدفن فيها.
- أكد الأستاذ فتحي الحديدي أن ما تواتر عن زينب بنت علي -رضي الله عنها- كان ما ذكره الحافظ ابن عساكر في كتابه: تاريخ دمشق، حيث أشار إلى أن يزيد بن معاوية أمر بنقل زينب ومن معها من آل البيت من الشام إلى الحجاز، مَكلفاً رجلًا أمينًا بتوصيلهم إلى المدينة، وهو ما حدث بالفعل، ومن ثم بقيت زينب -رضي الله عنها- في المدينة حتى وفاتها، حيث دُفنت فيها.