يعتبر التشهد أحد الأركان الأساسية في الصلاة في الإسلام، لذا يجب على كل مسلم أن يتعلمه ويحفظه، ولا تصح الصلاة بدونه. وقد تلقيناه من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بدءًا من صحابته حتى وصل إلينا.
يتم أداء التشهد قبل التسليم من الصلاة، وكذلك في منتصفها، حيث يعكس نوعًا من الهدوء والسكينة. سنستعرض في هذا المقال كيفية أداء التشهد الصحيح في الصلاة.
التشهد الصحيح في الصلاة
لنبدأ بالتعرف على الصيغة الصحيحة للتشهد كما وردت عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم.
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ.
هل صلاة من لم يستطع حفظ التشهد صحيحة؟
يعتبر التشهد الأول أو النصف الأول من التشهد واجباً بعد الركعتين الأوليين. ويؤيد ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه:
(كنا نقول في الصلاة قبل أن يُفرض التشهد، السلام على الله، والسلام على جبريل وميكائيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تقولوا هكذا، فإن الله عز وجل هو السلام).
إن عبارة ابن مسعود: (كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض التشهد) تشير إلى أن التشهد واجب.
حكم نسيان التشهد
إذا نسي المصلي قول النصف الأول من التشهد وتذكره أثناء الصلاة، فعليه أن يسجد سجدتي سهو قبل إنهاء الصلاة، حيث يعوض النقص بهذا السجود. ونظرًا لأن النصف الأول من التشهد واجب، فإن عدم أداء هاتين السجدتين لا يؤثر على صحة الصلاة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(رفع عن أمتي الخطأ والجهل والنسيان وما استكرهوا عليه).
جلسة التشهد
توجد طريقة محددة لجلسة التشهد تُعرف بالإقعاء، وتنقسم إلى نوعين: أحدهما جائز والآخر ممنوع.
النوع الأول الجائز
في هذا النوع، ينصب المصلي قدمه اليمنى بشكل قائم، ويضع ظهر قدمه اليسرى على الأرض، ويجلس على بطن قدمه اليسرى. وتعرف هذه الطريقة بالافتراش. وقد روي عن أبي زبير المكي رحمه الله أنه رأى ابن عمر رضي الله عنهما يسجد ويجلس على أطراف أصابعه ويقول: (إنه من السنة). كما قال طاووس بن كيسان:
سألنا ابن عباس رضي الله عنهما عن الإقعاء على القدمين، فقال: (هي السنة). فقال له البعض: إنا نراه جفاءً بالرجل، فأجاب ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني المنهي عنه
في هذا النوع، يلصق المصلي ردفيه بالأرض وينصب ساقيه ويثبت يده بالأرض كما يفعل الكلب. وقد ذكرنا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
(أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث، ونهاني عن ثلاث. أمرني بركعتي الضحى كل يوم، والوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر. ونهاني عن ثلاث: نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفاتة كالتفاتة الثعلب).
قصة التشهد وصحتها في الشريعة
تشير بعض الروايات إلى أن للتشهد قصة تتعلق برحلة الإسراء والمعراج. فيقال إن التشهد ذُكر في السماء السابعة خلال هذه الرحلة. عندما وصل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة مع سيدنا جبريل، قبل وصوله إلى سدرة المنتهى، توقّف جبريل في مكان ما فقال له سيدنا محمد:
(لماذا توقفت؟ هل هنا يترك الخليل خليل؟)
فرد عليه جبريل:
(لكل منا مقام معلوم، إذا تقدمت احترقت، وإذا تقدمت اخترقت).
تابع سيدنا محمد وحده نحو سدرة المنتهى، وعندما اقترب قال:
(التحيات لله والصلوات والطيبات).
فقال له الرب عز وجل:
(عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته).
فردّت الملائكة:
(أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله).
رفض هذه الرواية المزعومة
بعد أن استعرضنا القصة، لابد من التأكيد أنها مكذوبة ولا أساس لها، ولم ترد في الحديث أو في كتب السنة. القصة الحقيقية للإسراء والمعراج مفصلة في صحيحي البخاري ومسلم. وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة التشهد، مما يؤكد عدم صحة تلك الرواية. وقد ورد عن الشيخين البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(السلام على الله، والسلام على فلان، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض، ثم يتخير من المسألة ما شاء).
لهذا يتضح لنا عدم صحة القصة، وينبغي على كل مسلم الابتعاد عن نشر الأكاذيب والبدع إلا بهدف التوضيح والتحذير.
قال أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع).
وروي عن عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما:
(حسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع).
وهذا يعني أن الشخص إذا تحدث بكل ما سمع، سيتعرض للعديد من الأكاذيب.
ما يجب القيام به بعد التشهد وبعد السلام
يجب على العبد أن يتعوذ من الآتي بعد التشهد وقبل السلام:
- (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال).
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
- وبعد انتهاء التشهد والسلام، يُستحب ذكر الأمور التالية:
الاستغفار ثلاث مرات لتعويض أي تقصير في الصلاة، ثم يتبعه بالدعاء:
(اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
ورد في صحيح مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته:
(أستغفر ثلاثًا، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
- ثم يتبع هذا بالدعاء التالي:
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
وروى المغيرة بن شعبة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهى من الصلاة وسلم قال:
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
- (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه. له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون).
- ثم قول سبحان الله 33 مرة، والحمد لله 33 مرة، والله أكبر 33 مرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم. قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة).
صيغة التشهد
توجد أربع صيغ للتشهد تعتبر كلها جائزة، بينما رأى الجمهور أن التشهد سنة، في حين أقر الإمام أحمد بوجوبه.
- صيغة التشهد عند ابن مسعود:
(التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد).
- صيغة التشهد عند ابن عباس:
(التحيات المباركات، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي……………).
- صيغة التشهد عند أبي موسى الأشعري:
(التحيات الطيبات، الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي…………).
- صيغة عمر ابن الخطاب:
(التحيات لله، الزاكيات لله، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي………).
