أول من أدى فريضة الحج إلى البيت الحرام
وفقًا لما ورد في كتاب شعب الإيمان للبيهقي، فإن الملائكة كانوا أول من حجّ البيت الحرام على الإطلاق. أما بالنسبة لأول إنسان حج البيت، فهو نبي الله آدم عليه السلام. وقد قُدم عن الصحابي أنس بن مالك قوله: «كان موضع البيت في زمن آدم شبرًا أو أكثر، وكانت الملائكة تحجّه قبل آدم، فلما وصل آدم استقبلته الملائكة وسألوه: من أين جئت؟، فقال: حجر البيت»، فقالوا: «لقد حجّته الملائكة قبلك». ومن المعروف أن جميع الأنبياء قد أدوا فريضة الحج إلى البيت الحرام ما عدا هود وصالح عليهما السلام، نظرًا لانشغالهما بأمور الدعوة وعدم قدرتهما على القيام بهذه الفريضة.
تاريخ بناء البيت الحرام
تباينت آراء العلماء حول مسألة بناء البيت الحرام ومن تولى ذلك في أول مرة. فقد ذكر بعض العلماء، مثل أبو جعفر الباقر والنووي والأزرقي، أن الملائكة كانت أول من بدأ بناء البيت، استجابةً لأمر الله ببناء بيت له في الأرض أسفل البيت المعمور في السماء. بينما اعتقد آخرون أن آدم عليه السلام هو من أعاد بناء البيت، كما ورد عن عطاء، فيما رأى البعض أن إبراهيم عليه السلام هو أول من بناه، مثلما قال ابن كثير وابن تيمية وابن القيم. وتجدر الإشارة إلى أنه قد ذُكر أن البيت الحرام كان موجودًا قبل إبراهيم ولكنه اختفى بسبب الطوفان، وكانت مهمة إبراهيم عليه السلام هي إعادة بناءه ورفع قواعده. وقد أشارت العديد من الآيات القرآنية إلى ذلك، مثل قوله -تعالى-: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ»، حيث يدل رفع القواعد على وجوده مسبقًا. كما جاء قوله -تعالى-: «وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بيْتِيَ»، مما يدل على مرور فترة من الزمن على وجود البيت قبل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.
حج الأنبياء إلى البيت الحرام
كما تم الإشارة سابقًا إلى أن جميع الأنبياء قد قاموا بأداء فريضة الحج إلى البيت الحرام. وقد أُشير في الآثار إلى حج نبي الله نوح عليه السلام قبل الطوفان، بالإضافة إلى حج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. كما يُذكر أيضًا حج موسى ويونس عليهما السلام، حيث ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: «مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي الأزرق، فسأل: أي وادٍ هذا؟ قالوا: هذا وادي الأزرق، فقال: كاني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطًا من الثنيّة وله جؤار إلى الله بالتلبية، ثم انتقل إلى ثنية هرشي، فسأل: أي ثنية هذه؟ فقالوا: ثنية هرشي، فقال: كاني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام على ناقه حمراء جعدة وهو يلبي». وقد ذُكر أيضًا في الروايات حج ألف نبي من بني إسرائيل.