في هذا المقال، سنتناول شخصية بارزة من بين شعراء العرب في العصر الجاهلي، وهو حاتم الطائي، الذي اشتهر بكرمه وجوده وشهامته وفروسيته، فضلاً عن شرف نسبه. لقبه الكثيرون بأكرم العرب، كما تميز بشعره الذي لم يكن له نظير في تلك الفترة. كما عُرف أيضاً بصدقه في القول وشجاعته في المعارك، بالإضافة إلى استعداده لمساعدة المحتاجين.
مقدمة حول حاتم الطائي
حاتم بن عبد الله بن فاضل الطائي، المعروف بأبي سفانة وأبي عدي، ينتمي إلى قبيلة طيء، حيث أصبح أميراً لها. وُلِد من أم تدعى عتبة بنت عفيف بن عمرو، التي ورث عنها صفات الكرم والسخاء، مما أثر على شخصية حاتم منذ صغره.
نظرة على حياة حاتم الطائي
ولد حاتم الطائي في فترة الجاهلية واعتنق المسيحية في تلك الفترة. نشأ في قبيلة طيء بالقرب من مدينة صنعاء، واعتنى به جده بعد وفاة والده. عمل كراعٍ للإبل قبل أن ينتقل إلى الشام حيث وقع في حب ماوية بنت حجر الغسانية، والذي تقدم لخطبتها. وعلى الرغم من تقدمه، كان هناك شعراء آخرون يرغبون في الزواج منها، فقامت ماوية بجمعهم لتختار الأفضل منهم.
خلال تقديم الشعراء القصائد، اختارت ماوية حاتم الطائي ليتزوجها، فيما تزوج أيضاً من امرأة أخرى تُدعى النوار البخترية. أنجبت له النوار ابنة تدعى سفانة وابنين اسميهما عدي وعبد الله، وكلاهما أدرك الإسلام. وُلد عدي قبل خمسين عاماً من الهجرة وتوفي في السنة السابعة والستين من الهجرة، حيث عُرف بلقب أبي وهب وأبي طريف.
عندما بدأت دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لم يُسلم عدي وذهب إلى الشام، بينما بقيت أخته سفانة باليمن وتعرضت للأسر. ومع ذلك، تمكنت من العودة وإقناع أخيها بإعادة التفكير في الإسلام.
استقر حاتم الطائي مع قبيلته في بلاد الجبلين، التي تعرف اليوم بمنطقة حائل في شمال السعودية. كما تبقي آثار قصره وقبره ومؤدته الشهيرة في بلدة توارن.
السمات البارزة لحاتم الطائي
تميز حاتم الطائي بعدد من الصفات الجميلة، وكان من أبرزها كرمه الذي لم يتمايز فيه بين شخص وآخر. لكن هذا الكرم أدى إلى مشاكل في حياته الزوجية مع ماوية، التي اعتبرت كرم زوجها تبذيراً. رغم محاولاتها لتغيير سلوكه، استمر حاتم في نهجه، مما أدى إلى الطلاق.
بعد الطلاق، زار حاتم خمسون رجلاً وقدم لهم وليمة فاخرة، وقد علقت زوجته السابقة على كرم ضيفه بأنه كان السبب الرئيسي لانفصالهما.
قصة عن كرم حاتم الطائي
تروي الحكايات أن أحد قياصرة الروم سمع عن كرم حاتم الطائي فأرسل رسولًا ليسأله عن فرسه النفيس. استقبله حاتم بحرارة وكرم، رغم عدم معرفته أن الرسول كان نائبه. وعندما لم يجد ما يقدمه للضيف، قرر نحر فرسه. وعندما أخبره الضيف أنه رسول القيصر، تأسف حاتم على ما فعله، مما أذهل الرسول بكرمه.
أغراض الشعر عند حاتم الطائي
كتب حاتم الطائي قصائد مميزة في ديوان شعري، حيث اتسم شعره بالبساطة وسهولة الفهم، وتناول قضايا متعددة مثل الكرم والشجاعة والعفة. كما أبدع في كتابة النثر والشعر الحكمي.
نماذج من أشعار حاتم الطائي
شعر الفخر
يتحدث فيه حاتم إلى نفسه عن شجاعته وعفته وكرمه، ومن ذلك قوله:
وإنّي لَعَفُّ الفَقرِ، مُشترَكُ الغِنى | وردك شكل لا يوافقه شكلي |
وشكلي شكل لا يقوم لمثله | من النّاس، إلّا كلُّ ذي نيقة مثلي |
ولي نيقة في المجدِ والبذل لم تكن | تألفها، فيما مضى أحدٌ قبلي |
وأجعلُ مالي دون عرضي، جنةً | لنفسي، فاستغني بما كان من فضلي |
ولي معَ بذلِ المالِ والبأسِ صَولةٌ | إذا الحرب أبدت عن نواجذها العصل |
وما ضَرّني أن سارَ سَعدٌ بِأهلِهِ | وأفرَدَني في الدّارِ، ليسَ معي أهلي |
شعر الحماسة
وفي هذا المجال، قال حاتم الطائي:
أبلغ بني ثعل عني مغلغلة | جهد الرسالة لا محكاً ولا بطلا |
أغزوا بني ثعل، الغزو حظكم | عدّوا الرّوابي ولا تبكوا لمن نكَلا |
ويهاً فداؤكم أمي وما ولدت | حامُوا على مجدِكم، واكتفوا من اتّكلا |
إذ غاب من غاب عنهم من عشيرتنا | وأبدَتِ الحربُ ناباً كالِحاً عَصِلا |
شعر الحكمة
وفي هذا السياق، كتب حاتم الطائي:
فنَفسَكَ أكرِمها فإنّكَ إن تَهُن | عليك، فلن تلقى لها الدهر مكرما |
أهِن للّذي تَهوَى التّلادَ فإنّهُ | إذا مُتَّ كانَ المالُ نَهباً مُقَسَّمَا |
ولا تشقين فيه فيسعد وارثٌ | بهِ حينَ تخشَى أغبرَ اللّونِ مُظلِما |
يُقَسّمُهُ غُنماً ويَشري كَرامَةً | وقد صِرتَ في خطٍّ من الأرْض أعظُما |
قليلٌ بهِ ما يَحمَدَنّكَ وَارِثٌ | إذا ساق ممّا كنت تجمع مغنما |
شعر المدح
وفي هذا السياق، كتب حاتم الطائي:
إن كُنتِ كارِهَة ًمَعيشَتَنا | هاتي فحلي في بني بدرِ |
جاورتهم زمن الفساد فنعمَ | الحيُّ في العَوصاءِ واليُسرِ |
والخالطينَ نَحيتَهُم بنُضارِهم | وذوي الغِنى منهم بذي الفقرِ |
خاتمة حول حاتم الطائي
في ختام هذا البحث عن حاتم الطائي، يمكننا أن نستنتج أن حياته كانت مليئة بالكرم والعطاء حتى وفاته، التي يختلف المؤرخون حول تاريخها. حيث يُعتقد أنه توفي في العام الثامن من الهجرة، لكن الكثير من العلماء يرون أن وفاته كانت قبل البعثة النبوية. ودفن في بلدة تُسمى تينجة، الواقعة في وادي حائل.