أول من أسلم في يوم فتح مكة
الشخص الذي أسلم أولاً في يوم فتح مكة هو أبو سفيان، المعروف بصخر بن حرب بن أميّة القرشي الأموي. كان يمثل رئيس قريش، ويُعتبر من أكثرهم ثراءً. أسلم متأخراً، إلا أن إسلامه كان مشهوداً وأثّر بشكل إيجابي. كما أسلمت زوجته وابنه، معاوية بن أبي سفيان، في ذات الوقت.
وشارك أبو سفيان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة حُنين وغزوة الطائف. وقد أكرمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد غزوة حُنين ومنحه مئة بعير وأربعين أوقية من الغنائم، مما يعكس اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحفاظ على قلوب الناس. تولى أبو سفيان إدارة نجران في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعاد إلى مكة لفترة بعد وفاة النبي، ثم انتقل إلى المدينة حيث توفي.
وفي فتح مكة، أكرم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا سفيان بالحماية، حيث قال: (مَن دخل دارَ أبي سفيانَ فهو آمِنٌ، ومَن دخل المسجدَ فهو آمنٌ، ومَن أغلق بابَه فهو آمِنٌ).
قصة إسلام أبو سفيان
عقب نقض قريش لصلح الحديبية، استعد المسلمون لفتح مكة. خرج عدد من قريش لتقصي أخبار المسلمين، وكان من بينهم أبو سفيان. وتوجهوا مساءً حتى اقتربوا من معسكر المسلمين، حيث شهدوا الكثير من النيران والقباب، مما يدل على قوة المسلمين واستعدادهم للحرب.
سمع العباس بن عبد المطلب، الذي سبق له الإسلام مع عائلته، صوت أبو سفيان. عُرض عليه العباس أن يركبه للذهاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. سار العباس بأبي سفيان دون أن يعترضهم أحد من المسلمين، وفي صباح اليوم التالي، التقيا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث دارت بينهما حوار.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي سفيان: (ويحك يا أبا سفيان، أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟)، فرد أبو سفيان قائلاً: “بأبي أنت، ما أكرمك، وما أوصلك. لقد كنت أظن أنه لو كان مع الله إله آخر، لإغناني عن شيء”. فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟” وبعد ذلك أسلم وشهد بشهادة الحق.
عقد جيش المسلمين عرضاً عسكرياً أمام أبي سفيان ليتجلى له قوة المسلمين وهيبتهم.
أثر إسلام أبو سفيان على فتح مكة
إسلام أبو سفيان كان له تأثير كبير على فتح مكة، حيث ساعد على تحقيق هذا الفتح بسلاسة ودون إراقة دماء في فناء البيت الحرام. وقد ساهم في فتح أبواب مكة أمام جيش المسلمين بدون مقاومة تذكر، مما دفع قريشاً للاستسلام ورفعوا أسلحتهم، وقد ضَمِنوا سلامة أرواحهم وأموالهم، رغم أن قليلاً منهم فرّ نحو خالد بن الوليد الذي تولى قيادتهم في جنوب مكة.
إضافةً إلى ذلك، أسهم إسلام أبو سفيان في إحداث تأثير نفسي عميق في نفوس قريش، فقد كان من أبرز زعمائهم وانضم إلى صفوف المسلمين، مما أدى إلى استسلامهم سريعاً.