عند الحديث عن الصحابي الذي ارتد مع مسيلمة الكذاب، نجد أن مسيلمة قد اختار عددًا من الذين آمنوا ظاهريًا لكنه لم يكن لديهم الإيمان القلبي المطلوب. كان هناك صحابي يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اتخذ منه قدوة يتبع أوامره وينتهي عن نواهيه. ومع ذلك، لم يكن إسلامه صادقًا، وسقط في فخ مسيلمة الكذاب، حيث ارتد عن الإسلام. ولكن، من هو هذا الصحابي؟ هذا ما سنستعرضه في هذا المقال.
من هو مسيلمة الكذاب؟
- اسمه الكامل هو مسيلمة بن ثمامة، وهو ينتمي إلى قبيلة بني حنيفة. كان قومه يلقبونه بالرحمن، فكانوا يقولون عنه “رحمن اليمامة”. ارتبط اسمه بصفة الكذاب بعد ادعائه النبوة، وقد كانت قبيلته أكثر الناس تصديقًا له. وعندما قُتل، تجاوز عمره المائة والخمسين عامًا.
- في السنة التاسعة للهجرة، زار المدينة، وعند لقائه برسول الله صلى الله عليه وسلم، سأله عن النبوة من بعده، وجاءت إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفض. وعند عودته إلى اليمن، بدأ يعلن ادعاءاته بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شاركه النبوة.
- وُجدت بعض الأنباء التي تشير إلى تعلمه للسحر والكهانة. وفقًا للجاحظ، كان مسيلمة يجوب الأسواق بحثًا عن من يعلمه فنون التنبؤ بأخبار النجوم وكذلك السحر.
- بالإضافة إلى ذلك، كان بارعًا في فنون الشعوذة والخداع العديدة. فقد اشتهر بحيله، مثل قص جناح الطائر ثم لصقه مرة أخرى، وأيضًا إدخال بيضة داخل زجاجة، وزعمه بأن هناك ظبية تأتيه يوميًا من الجبل ليقوم بحلبها.
أفعال مسيلمة الكذاب
- من أسوأ ما قام به هذا الكذاب هو معارضته للقرآن الكريم، وذلك عبر مجموعة من الكلمات والألحان الضعيفة.
- على سبيل المثال، ادعى أنه أنشد سجعًا نزل من السماء وكان مُوجهًا لخصومه، مثل: “والليل الأضخم، والذئب الأدلم، والجذع الأزلم، ما انتهكت أسيد من محرم”.
- كما ادعى سجعًا آخر زعم أنه وحي من السماء: “والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس”.
- علاوة على ذلك، جمع بينه وبين مدعية أخرى للنبوة تدعى سجاح، حيث طلبت منه أن يخبرها بما أوحي إليه من الله، فأجابها بكلمات غير مفهومة.
- عند وصول هذه الكلمات إلى أبي بكر رضي الله عنه، أثارت غضبه، ونعت مسيلمة بالكاذب وأكد أن كلماته لا يمكن أن تكون من كلام رب العالمين.
من هو بن غنفوة؟
- يُعتبر بن غنفوة من أشراف بني حنيفة الذين هاجروا إلى المدينة، وواكبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أقام معه وبدأ يتلو القرآن ويدرس الدين، وكان إسلامه من المستحسن.
- توجد قصة عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه ذات يوم وسط جماعة، وأخبرهم أن “فيكم لرجلًا ضرسه في النار أعظم من أحد”.
- هذه كانت إشارة من الرسول أن في ذلك الجمع سيكون هناك شخص سيصبح من أهل النار، وكان ذلك الخبر المؤكد من الصادق الأمين.
- بقي أبو هريرة والرجال بن عنفوة في ذلك المجلس، لكن شمل وفد بني حنيفة الذي جاء ليعتنق الإسلام، ليصبح عددهم نحو بضعة عشر رجلاً.
- نظرًا لكون بن عنفوة ملازمًا للرسول، اتخذها سببًا للشك، لكن اتضح لاحقًا عندما ارتد عن الإسلام واتبعه مسيلمة الكذاب.
- وبذلك نال العذاب يوم القيامة وفقًا لما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت نهايته في النار.
تابعونا للمزيد:
علاقة مسيلمة الكذاب بالرجال بن عنفوة
- ترجع بداية العلاقة بين مسيلمة والرجال بن عنفوة إلى ظهور مسيلمة في اليمامة، حيث بدأ يدعي النبوة وتجمع حوله كثيرون.
- والتقى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ببالغ القلق وقام بإرسال بن غنفوة لأهل اليمامة لهدايتهم وجعلهم يتمسكون بالإسلام.
- عند وصوله، التقاه مسيلمة الذي رحب به وأغراه بالمال والذهب، وعرض عليه شراكة في النبوة إذا أخبر الناس بأن مسيلمة شريك لرسول الله.
- أُعجب بن عنفوة بنعيم مسيلمة، وبدأ يفكر في حاله مقارنة بالفقراء من المسلمين الأمر الذي أدى إلى ضعفه وتلاشي إيمانه الصادق.
- لذا، خرج بن عنفوة إلى أهل اليمامة وأعلن لهم أن مسيلمة شريك للنبي.
علاقة مسيلمة الكذاب بالرجال بن عنفوة
- تعتبر هذه الفتنة واحدة من أعظم الفتن التي أطلقها مسيلمة، حيث اضطُر العديد من الناس إلى اتباعه.
- تضاعف عدد أتباعه حتى وصل إلى جيش يفوق الأربعين ألفًا.
- عند وصول أخبار ذلك إلى أبي بكر الصديق، أمر بتجهيز جيش لمواجهة مسيلمة، لكن المعركة الأولى تم خلالها الهزيمة.
- وبعد ذلك، أرسل تعزيزات بقيادة سيف الله خالد بن الوليد.
- ضم الجيش أيضًا “وحشي بن حرب” الذي قتل عم رسول الله، وقد أسلم فيما بعد.
- مهمة وحشي كانت واضحة، أراد الانتقام من مسيلمة بسبب ماضيه.
- كانت المعركة قوية وشديدة، وبدأت بضعف المسلمين، لكن إيمانهم وثقتهم بالله أعادا لهم القوة.
- نجح وحشي في قتل مسيلمة في أحد الحصون، لكن بن عنفوة، ذلك الآثم، قُتل أيضًا.
- نهايته كانت مؤسفة، حيث كان في بداية الأمر حافظًا للقرآن، لكنه انتهى إلى كافر مطرود من رحمة الله.