ما هي أول دولة استخدمت النقود؟
أُسست النقود لأول مرة منذ حوالي 5000 عام في منطقة بلاد ما بين النهرين. أقدم دار سكّ معروفة للعملات تعود إلى الفترة ما بين 600-650 قبل الميلاد في آسيا الصغرى، حيث استخدمت النُخب الحاكمة في مملكتي ليديا وإيونيا العملات الفضية والذهبية المُوثقة لدفع رواتب الجنود. ولعلّ من أبرز الأسباب وراء انتشار النقود هو سهولة استخدامها مقارنة بالسلع، بالإضافة إلى تقليل المخاطر وتعزيز العلاقات والتحالفات بين المجتمعات.
كانت العملات الورقية قد جرى استخدامها لأول مرة من قبل الصينيين خلال حكم أسرة تانغ التي امتدت بين عامي 618 و907م. وقد اتخذت هذه العملات شكل سندات ائتمانية مصرفية، واستمرت في الاستخدام لأكثر من 500 عام في الصين، قبل أن تصل إلى أوروبا في أوائل القرن السابع عشر الميلادي. استغرقت عملية انتشارها إلى بقية دول العالم نحو قرنين من الزمن، من الجدير بالذكر أن الصين أوقفت استخدام الأوراق النقدية عام 1455م ولم تعاود استخدامها إلا بعد مرور مئات السنين.
مراحل تطور النقود واستخدامها
مرّت النقود بعدة مراحل على النحو التالي:
- العملات البرونزية: تُعتبر أولى العملات البرونزية وقد ظهرت عام 770 قبل الميلاد في الصين، حيث كانت في البداية عبارة عن أشكال مصغرة من الأدوات مصبوبة من البرونز، قبل أن تتحول إلى شكل دائري.
- العملات الورقية: انطلقت الصين في استخدام العملات الورقية للمقايضة والتبادل التجاري عام 700 قبل الميلاد.
- عملات الإلكتروم: في حوالي 600 قبل الميلاد، أصدر ملك ليديا عملات مصنوعة من الإلكتروم، وهو مزيج من الذهب والفضة.
- استخدام العملات في التجارة: انتشرت العملات بشكل ملحوظ في أنحاء العالم خلال القرون الأولى الميلادية، مع ازدهار التجارة بين قارات العالم القديم.
- استخدام البنوك للعملات الورقية: في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر، بدأت البنوك في أوروبا استخدام العملات الورقية بدلاً من العملات المعدنية في عمليات الايداع والقرض.
- حرب العملات: أدى انتشار العملات الورقية المصرفية إلى زيادة المنافسة بين الدول، ونتجت عن ذلك “حرب العملات” عبر محاولات لتقليل القوة الشرائية للعملات المنافسة، مما قد يؤدي إلى انهيار العملة المعنية.
- العملات الرقمية: شهد القرنان العشرون والحادي والعشرون تطورًا كبيرًا في عالم العملات، مع ظهور إمكانية الدفع عن طريق الهاتف والشبكة العنكبوتية، وحديثًا عن ظهور العملات الرقمية مثل البيتكوين في عام 2009.
أهمية النقود في تطور الدول
تلعب النقود دورًا حيويًا منذ نشأتها، وتظهر أهميتها في النقاط التالية:
- أدرك التجار أن التنقل والتجارة بالذهب أو الفضة يحمل مخاطر الضياع أو السرقة، ما دعا لايجاد بديل لهذه المعادن في التجارة.
- تسهم النقود في تسهيل تداول السلع وتعزيز التجارة، مما أدى إلى تحقيق الثروة لمالكيها.
- بدأت الحضارة الصينية في نموها الحقيقي منذ ظهور النقود المعدنية والورقية، نظرًا للسهولة والسرعة في حملها واستخدامها في العمليات التجارية.
- أسهمت عملة مملكة ليديا بتوفير موارد مالية وفيرة ساعدت على استقرار النظام الداخلي والخارجي وتحويلها إلى واحدة من أغنى الممالك في آسيا الصغرى.
- ساعدت النقود في اكتشاف مصادر المعادن الثمينة، وتصنيع المزيد من العملات في الدول الأوروبية خلال عصور النهضة، مما أدى إلى دعم القوة الاستعمارية لهذه الدول مع زيادة ثروتها النقدية.
- تضاعف حجم التجارة بشكل مذهل مع اعتماد البنوك على العملات الورقية كأداة نقدية، مما دفع بنوك البلدان والطبقات الحاكمة لشراء العملات من دول أخرى، مما أدى إلى اندلاع حروب اقتصادية، بل وفي بعض الحالات، تطورت هذه النزاعات إلى مواجهات عسكرية.
لقد شهدت العملات تطورًا ملحوظًا عبر العصور، حيث كان يتم استخدام العملات الذهبية والفضية في بداياتها، لكنها تطورت لتصبح عملات معدنية وورقية في بعض المناطق مثل الصين، مما ساهم في تسهيل التجارة وتبادل السلع بشكل كبير. نتيجةً لذلك، ازداد ثراء العديد من الدول والمدن، وتكونت مدن كبرى تمتلك جيوشًا عريقة. على مر التاريخ حتى فترات زمنية قريبة، شهدت الدول صراعات دامية بسبب الأموال، وفي السنوات الأخيرة، ظهرت العملات الرقمية التي باتت شائعة بين الناس.