الكثير من الناس يجدون صعوبة في تمييز المتشابهات في القرآن الكريم.
فقد وردت العديد من المتشابهات في هذا الكتاب العظيم لأسباب قد لا يعرفها إلا الله، غير أن بعض العلماء قد اجتهدوا لتوضيح أسباب هذه المتشابهات. كما توجد أصناف متعددة منها، فلنستعرض معًا هذه المعلومات الهامة.
المتشابهات في القرآن الكريم
تتميز بعض الآيات في القرآن الكريم بالتشابه، حيث قد يبدو للوهلة الأولى أنها تتكرر، لكن عند التدقيق يمكن تمييز الفروق الدقيقة بينهما.
قد يتمثل الاختلاف أحيانًا في وجود حرف “ف” بدلاً من حرف “و”، أو في اختلاف الفعل المستخدم، كما يظهر في حالة وجود كلمات مثل “انفجرت” بدلاً من “انبجست”.
في بعض الحالات، قد تكون الآيات متطابقة تمامًا، ولكن هذا التطابق لا يعني بالضرورة تطابق المعنى أيضًا.
لذا، تم إجراء دراسات من قبل المختصين في اللغة حول هذا الجانب من القرآن الكريم.
آراء الشيخ عبد المحسن العباد حول المتشابهات
أشار فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد إلى أهمية فهم المتشابهات في حفظ القرآن.
ولفت النظر إلى أنه كان يخصص وقته أثناء قراءة القرآن للتوقف عند المتشابهات، حتى يستوعب السياق الذي وردت فيه.
كما أفاد بأنه كان يتأمل الفروق بين هذه الآيات، مما ساعده في تيسير حفظ العديد من المتشابهات.
في نهاية المطاف، كان قادرًا على تقسيم المتشابهات إلى خمسة أقسام، حيث كان يحرص على وضع خط تحت الكلمات أو الحروف التي تميز بين المتشابهات.
وقد رتب كل قسم وفق ترتيب سور القرآن، ويجب على كل مسلم أن يتعلم من نهج الشيخ عبد المحسن العباد، وأن يسعى لتدبر القرآن والتمييز بين المتشابهات لتحقيق فوائد عظيمة.
طرق التفريق بين المتشابهات في القرآن
أفضل وسيلة للتفريق بين المتشابهات إذا ما وجد الشخص تشابهًا بين آيتين هي فتح المصحف على كلتا الآيتين.
ثم يجب التدبر والنظر بعناية إلى الفروق الموجودة بينهما، والعمل على تحديد هذه الفروق بنفسه. على المتعلم مراجعة هذه الفروق عدة مرات حتى ينجح في تمييز المتشابهات ببراعة.
أنواع المتشابهات في القرآن الكريم
تُعتبر المتشابهات في القرآن الكريم الآيات التي تتقارب في الألفاظ أو المعاني أو كليهما مع آيات أخرى، وتُعد من المجالات التي يوليها العلماء اهتمامًا كبيرًا عند دراسة القرآن.
يمكن تصنيف المتشابهات إلى ثلاثة أنواع:
المتشابهات من حيث اللفظ
هذه هي الآيات التي تتشابه في ألفاظها وكلماتها، ولكنها قد تختلف في السياق أو الموضوع، أو تكون نفس الآية متكررة في مواضع مختلفة.
أمثلة:
- قوله تعالى في سورة النساء: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا” (النساء: 71)
- وقوله تعالى في سورة التوبة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً” (التوبة: 123).
المتشابهات من حيث اللفظ والمعنى
تتعلق هذه الآيات بتشابه الألفاظ والمعاني في الوقت ذاته، على أنها قد تحتوي على اختلافات طفيفة في الكلمات أو العبارات بين مواضع متعددة، بينما يبقى المعنى الأساسي متشابكًا.
أمثلة:
- قوله تعالى في سورة البقرة: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 21).
- وقوله تعالى في سورة الفاطر: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ” (فاطر: 3).
المتشابهات من حيث المعنى
تشير هذه الآيات إلى اختلاف في الألفاظ، لكنها تحمل نفس المعنى أو الرسالة. يمكن أن تكون جزءًا من موضوعات قرآنية معينة مثل التوحيد والإيمان.
أمثلة:
- قوله تعالى في سورة الأنعام: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” (الأنعام: 151)
- وقوله تعالى في سورة الإسراء: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” (الإسراء: 33).
العدد الإجمالي للآيات المتشابهات في القرآن الكريم ليس ثابتًا، ويعتمد على كيفية تحليل العلماء لهذه التشابهات.
المُحكم لغة واصطلاحًا
لغة:
المُحكم هو مشتق من الفعل “أحكم”، ويعني الإتقان والضبط. يقال “أحكم الشيء” إذا أحدث له اتقانًا أو منعًا من الفساد.
اصطلاحًا:
في المصطلح القرآني، يُعرف المُحكم بأنه ما يكون له دلالة واضحة لا تحتمل إلا معنى واحد، ولا يحتاج إلى تفسير معقد، فهو بيان المعنى ولا يُخضع للتأويل.
مثال من القرآن الكريم: قوله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ” (آل عمران: 7)، حيث الآيات المحكمات هي التي تكون واضحة في معناها ولا تحتاج إلى تفسير.
المتشابه لغة واصطلاحًا
لغة:
المتشابه هو مأخوذ من الفعل “تشابه”، وهو يمثل التماثل والتقارب. يقال “تشابه الشيء” عندما يبدو مماثلًا ولا يمكن تمييزه بسهولة.
اصطلاحًا:
المتشابه في المصطلح القرآني هو ما لا يكون واضح المعنى عند النظر الأول، وقد يحتمل عدة تفسيرات ومعاني، وقد يتطلب توضيحًا من علماء لفهمه بدقة.
مثال من القرآن الكريم: قوله تعالى: “وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ” (آل عمران: 7)، حيث إن المتشابهات هي الآيات التي تتنوع معانيها أو تحتاج إلى تفسير، أو يمكن فهمها بعدة طرق حسب التأويل.