إن أوامر الله تعالى وما شرعه تُعتبر نظامًا دقيقًا يشمل جميع جوانب الحياة، ويبرز أهمية التفاصيل التي قد يغفل عنها الإنسان أو يجهلها. ومن بين تلك الشرائع الحكيمة، نجد حكم العدة للمرأة.
الحكمة من العدة
تتعدد الحكمة من العدة في تشريع الله، حيث تهدف إلى تقليل الشبهات وحماية المجتمع والفرد، وخاصة المرأة، من الأقاويل. وفيما يلي نستعرض بعض حكم العدة:
التقرب إلى الله
تُعد العدة فرصة للمرأة للتأمل والتفكير في قضاء الله وقدره، كما تُعد فرصة للتوبة والاستغفار عن الأخطاء الماضية، وذلك كنوع من العبادة انصياعًا لأوامر الله. إنها فترة تجسد الانعزال والتأمل في القضايا الروحية والدينية.
تعزيز الوفاء الزوجي
يمكن النظر إلى الالتزام بالعدة كعلامة من علامات الإخلاص والاحترام للروابط الزوجية التي انتهت بوفاة الزوج. فهي تعكس احترام المرأة للعلاقة الزوجية وفهمها لقوانينها وأحكامها.
التأكد من براءة الرحم وحفظ الأنساب
تعتبر العدة فترة تُبين فيها عدم وجود حمل عند المرأة، مما يسهم في الحفاظ على أنساب العائلات ويضمن عدم وجود ارتباطات جديدة قد تؤثر على حقوق الأبناء والأسرة.
تجسيد للطاعة واكتساب الثواب
تلتزم المرأة بالعدة تنفيذًا لتعليمات الله، وتقوم بذلك بنية خالصة للتقرب إليه وكسب الأجر والثواب.
فرصة لإعادة النظر في العلاقة
قد تشكل فترة العدة فرصة للزوجين لإعادة تقييم علاقتهما وإصلاحها. إذ يمكن للطرف الآخر إعادة التفكير في قرار الطلاق وإعادة الزوجة إذا توافرت الشروط المناسبة وتم الاتفاق بينهما.
الحكمة من العدة للمطلقة
- فترة العدة شرعها الله بثلاثة أشهر، وهي مدة مميزة قد تؤدي إلى إعادة التفكير في قرار الطلاق وبالتالي إنقاذ الحياة الزوجية.
الحكمة من العدة للمتوفى عنها زوجها
- حدد الشرع فترة العدة بأربع أشهر وعشرة أيام، حيث تتيح هذه المدة التأكد من وجود حمل من عدمه، بالإضافة إلى إتاحة الوقت للمرأة لتخفيف الآلام الناتجة عن فقد زوجها.
فارق مدة العدة بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها
- تتباين مدة العدة بين المطلقة والمرأة المتوفى عنها زوجها، فالمطلقة قد تكون على دراية بوجود الحمل من عدمه، كما أن وجود الزوج السابق قد يحميها من الأقاويل. بينما المتوفى عنها زوجها قد لا تكون على علم بحملها، وغياب الزوج يزيد من سوء الفهم والشكوك، ولذا كانت الزيادة ضرورية للتحقق من وضع الجنين إن وُجد.
الحكمة من مشروعية العدة بشكل عام
- تشير الحكمة في العدة إلى أهمية التسليم لأوامر الله والعمل بموجب أحكامه كما وردت في الشرع.
- تساعد العدة في معرفة ما إذا كانت المرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها حامل، ما يساهم في الحفاظ على صفاء الأنساب.
- تمثل العدة إشارة إلى قيمة الأسرة وعدم الاستهانة بالطلاق، مع الاحترام الواجب للمرأة وعدم الانغماس في الأقاويل المحرمة.
- تجسد العدة أيضًا مشاعر الحزن والوفاء للزوج المتوفى، مع الاعتراف بمكانته وفضله.
مدة العدة للمرأة الحامل
- تعتمد فترة العدة للمرأة الحامل على مدة الحمل، حيث تنتهي العدة عند انتهاء الحمل (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق: 4).
- يمكن أن يتبادر إلى الأذهان أنه من الممكن التأكد من عدم وجود حمل وبالتالي إنهاء العدة. ومع ذلك، فإن العدة ليست مرتبطة فقط بحالة الحمل بل تتضمن اعتبارات إنسانية أخرى تتجاوز التأكد من الحمل، إلى جانب كونها طاعة لأمر الله.
مدة العدة للمتوفى عنها زوجها قبل الدخول بها
- تحدد العدة للمرأة التي توفي عنها زوجها ولم يدخل بها بأربع أشهر وعشرة أيام. وتتمثل الحكمة هنا في ضرورة احترام الزواج حتى في حال غيابه وعدم وجود علاقة طويلة بين الزوجين، بالإضافة إلى احترام مشاعر الزوج المتوفى وظروف الزوجة النفسية.
- كما اتفق العلماء على أن فترة العدة واحدة للمرأة المتوفى عنها زوجها، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، سواء دخل بها الزوج أم لا، كما جاء في قوله تعالى (الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) (البقرة: 234).