أهمية الوقت في حياة المسلم وتأثيره على سلوكه وأفعاله

الوقت

يعتبر الوقت من النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، ويتوجب عليه استخدامه بما يعود بالنفع والخير على البشرية. وقد أمرنا الله تعالى بضرورة استغلال الوقت، وطالبنا بتفكرنا في سرعته ومروره، حيث إن الأعمار بيد الله ولا يتم تحديدها بوقت معين. في هذا المقال، سنناقش أهمية الوقت في حياة المسلم، وسبل استغلاله، بالإضافة إلى الالتزامات التي تقع على عاتق المسلم تجاهه.

أهمية الوقت في حياة المسلم

لقد أشار الإمام ابن القيم رحمه الله إلى حقيقة الوقت بقوله: “وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو المادة الأساسية لحياته الأبدية في النعيم، وكذلك هو عنصر معيشته الضنك في العذاب، فهو يمر مثل مرور السحاب، فتكون حياته وعمره في طاعة الله، وكل ما عدا ذلك ليس محسوبًا من حياته. فإذا قضى وقته في الغفلة أو الأماني الباطلة، فموت هذا خير من حياته”. كما ذُكر عن ابن الجوزي، أن الإنسان يجب أن يعرف قيمة زمانه وأهمية وقته، وأن لا يضيع منه لحظة في غير قربة، وأن يُفضل الأفضل من القول والعمل. وقد اهتم القرآن والسنة بتعزيز قيمة الوقت في مجالات عدة، حيث أقسم الله تعالى بأجزاء من الزمن، مثل الليل والنهار والفجر والضحى والعصر، كما في قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) [الليل: 2-1]، (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 1-2]، (وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ) [الضحى: 1-2]، مما يدل على أهمية وعلو منزلة الوقت. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على ضرورة المحاسبة عن الوقت في يوم القيامة، حيث سيسأل العبد عن عمره فيما أفناه، وعلمه بما عمل به، وماذا فعل بماله، وكيف استثمر جسمه. لذا، من المهم على المسلم استغلال كل لحظة بما ينفعه في دينه ودنياه:

  • حفظ كتاب الله وتعلمه: فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) [رواه البخاري].
  • طلب العلم: لقد كان السلف الصالح أكثر حرصاً على استثمار أوقاتهم في طلب العلم، لأنه يعد من الحاجات الأساسية، فننصح بالاستماع للمواد التعليمية والقراءة.
  • ذكر الله: وهي عبادة لا تحتاج جهدًا ولا مالاً، حيث قال النبي لأحد أصحابه: (لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله) [صححه الألباني].
  • الإكثار من النوافل: يجب استغلال الوقت في طاعة الله وتقوية علاقة الإنسان بمولاه من خلال أداء الفرائض.
  • الدعوة إلى الله: يشمل ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم النصيحة للمسلمين من خلال المحاضرات وتوزيع الكتيبات.
  • زيارة الأقارب وصلة الرحم: لما فيها من بركة وطول في العمر.
  • اغتنام الأوقات الفاضلة: هناك أوقات من اليوم تعتبر خاصة، مثل الفترة بين الأذان والإقامة، وبعد الصلوات، وفي الثلث الأخير من الليل، وبعد صلاة الفجر حتى الشروق.

واجبات المسلم تجاه وقته

الحرص على الاستفادة من الوقت

يتحتم على المسلم استثمار وقته فيما يفيد في دينه ودنياه، ويعود عليه بالسعادة والنفع؛ فتذكر دائمًا أن الوقت الذي يضيع لا يعود. لذا، يجب الحرص على عدم مرور يوم بغير سعي في الإحسان أو العمل الصالح.

تنظيم الوقت

يجب على المسلم تنظيم وقته بين الأعمال والواجبات الدينية والدنيوية، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر. كما يقول أحد الصالحين: “أوقات الإنسان أربعة: نعمة، بلية، طاعة، ومعصية. والله قد وُجب عليه في كل وقت سهم من العبودية”. فمن كانت طاعته وقتَ فراغه، كان عليه أن يشكر الله، ومن كان وقته جريمة، فعليه التوبة، ومن كان وقته مشقة، فعليه الرضا والصبر.

الاستفادة من وقت الفراغ

الكثير من الناس يغفلون عن نعمة الفراغ، ويجب على المسلم اغتنام هذه الفرصة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس، من ضمنها فراغك قبل شغلك) [صححه الألباني].

أسباب تعين على حفظ الوقت

  • محاسبة النفس: تُعتبر من أهم الوسائل التي تعين المسلم على اغتنام الوقت في طاعة الله، ولذا يجب عليه مراجعة وقته ومعرفة إن كانت الحسنات قد زادت أم السيئات.
  • تربية النفس على العلو: ينبغي للمسلم أن يعلّم نفسه على أهمية الوقت والحرص على الأمور النبيلة.
  • مخالطة الأشخاص المنظمين: من المهم أن تُحيط نفسك بالأشخاص الذين يحافظون على أوقاتهم، لتكون مُلهمًا ومشجعًا لعمل الخير.
  • معرفة أحوال السابقين: إن دراسة سيرة السلف الصالح تعين المسلم على إدراك أهمية الوقت
  • تنويع ما يُستغل به الوقت: لتجنب الشعور بالملل، من الضروري تنويع الأنشطة التي يمكن القيام بها.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *