مكان وفاة نبي الله إدريس عليه السلام
ورد ذكر نبي الله إدريس -عليه السلام- في القرآن الكريم حيث أثنى الله -تعالى- عليه وأشار إلى مكانته وخصائصه العظيمة. قال الله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا*وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا). وقد انقسمت آراء العلماء حول هذه المكانة العليّة إلى تفسيرين؛ الأول يعتبرها رفيعةً ومعنوية تشير إلى الرفعة التي منحها الله -تعالى- لإدريس بين الناس في الدنيا وفي الآخرة، حيث تعكس هذه الرفعة شرف النبوة. أما التفسير الثاني فيرّجح أن العلو هو علو حقيقي، بمعنى أن الله -تعالى- قد رفعه بجسده إلى السماء، ولم يمت في الأرض إطلاقًا. ومن الجدر بالذكر أن هناك بعض الروايات الإسرائيلية التي لم تثبت صحتها، لكن بعض العلماء نقلوها كما هي. وتبين بعض الأقوال أن روح نبي الله إدريس قد قبضها ملك الموت في السماء السادسة، بينما قيل إنها في السماء الرابعة، وهو المكان الذي شاهده النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة الإسراء والمعراج.
نبي الله إدريس
قد اختلفت الآراء بين العلماء حول نسب نبي الله إدريس -عليه السلام- لكن المتفق عليه أن نسبه يعود إلى شيث، ثم إلى نبي الله آدم عليهما السلام. وبحسب بعض الروايات، فإن اسمه مستمد من كثرته في الدراسة، نتيجة لتكراره في دراسة القضايا التي أنزلت على آدم وابنه شيث عليهما السلام. ويدّعى أنه كان الأول في كتابة الخطوط بالقلم وكتابة الصحف، والأول الذي خاط الثياب وقطعها. ولدت إدريس -عليه السلام- في مصر أو في بابل، والأرجح أنه نشأ في بابل، حيث دعا قومه إلى عبادة الله -تعالى- واتباع شريعته بالتوحيد. واستجابت شريحة من قومه لدعوته وعزّزوا وحدتهم مع ربهم، لكن سرعان ما قام إبليس ببثّ ضلالاته بينهم، مما دفعهم لعبادة رجال صالحين دون الله واختلاق شركاء له.
المعرفة التي اكتسبها نبي الله إدريس
يُقال إن إدريس -عليه السلام- كان يتحدث اثنتين وسبعين لغة، مما مكنه من التواصل مع الأقوام المرسَل إليهم. كما عُرف عنه أنه تعلّم العديد من العلوم وعلّمها لقومه، حيث اكتسب الحكمة وفهم علم النجوم. فقد أتاح الله -تعالى- له فهم أسرار النجوم ومواقعها، وعلمه الفلك، والأرقام، وعدد السنين، وطرق الحساب. ويعتبر إدريس -عليه السلام- الأول في معرفة علم الطب، وهو أول من نذر بقرب الطوفان، وأول من أرّس أسس عمارة المدن.
أخلاق إدريس وعبادته ودعوته
بالإضافة إلى العلوم والمعارف التي تعلمها إدريس وعلّمها للناس من حوله، كان يتحلى بخصال الخير ومكارم الأخلاق بشكل عام. فقد تميز إدريس -عليه السلام- بالزهد في الدنيا الزائلة، وكان يدعو قومه إلى العدالة وضرورة تجنب الظلم. كما كان يحثهم على إتباع الصلاة والصيام والصدقة، ويشدد على المحافظة على الطهارة والنظافة، والابتعاد عن شرب الخمر.