موقع بلاد كنعان
كلمة “كنعان” تأتي من الجذر اللغوي (كنَع) الذي يعني المنطقة المنخفضة من الأرض. نشأت القبائل الكنعانية من الأصول السامية في شبه الجزيرة العربية، لكنهم انتقلوا إلى مناطق أخرى. يتفق العديد من المؤرخين على أن الكنعانيين استقروا في أجزاء واسعة من بلاد الشام، التي تشمل سوريا والأردن ولبنان وفلسطين. في ذلك الوقت، لم تكن هذه البلاد مقسمة كما هي اليوم، وتُعرف فلسطين عادة بأرض كنعان، وهو الاسم الذي استمر حتى عام 1200 ق.م عندما اجتاحت القبائل الكريتيّة المنطقة. شارك الكنعانيون في العديد من الحروب مع العموريين والهكسوس والمصريين، ما أثر بشكل كبير على حضارتهم.
تُعد مدينة “أور سالم” العاصمة التاريخية لأرض كنعان، وسُمّيت تعبيرًا عن السلام في التراث الكنعاني. أدرك الكنعانيون أهمية بلاد الشام كمركز تجاري استراتيجي وأرض خصبة، وأنشأوا حضارة غنية ومزدهرة. كان لديهم أكثر من عشرين مستوطنة مترابطة، واشتهروا بإجادتهم في العديد من الحرف مثل البناء والفخار والزراعة والصناعات المعدنية.
هجرة الكنعانيين
يمكن تقسيم تاريخ الكنعانيين إلى عدة مراحل رئيسية كما يلي:
- مرحلة الأصول: كانت هذه الفترة خلال الزمن المعروف بالعصر الحجري النحاسي، والتي استمرت من عام 4000 إلى 3000 ق.م، أي حوالى ألف سنة.
- المرحلة الكنعانية: بدأت خلال العصر البرونزي من عام 3000 إلى 1200 ق.م، وتمثلت بهجرة الكنعانيين إلى بلاد الشام، خصوصاً في الجانب الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، حيث استقروا جنوبًا في فلسطين.
- مرحلة الفينيقيين: في هذه المرحلة، أصبحت القبائل الكنعانية تُعرف بالفينيقيين، وعاشوا على السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، خلال العصر الحديدي الذي استمر من عام 1200 إلى 332 ق.م.
- مرحلة البونيّة: شهدت هذه المراحل هجرة الفينيقيين الغربيين من بلاد الشام إلى سواحل وجزر البحر الأبيض المتوسط في أوروبا وشمال أفريقيا، واستمرت من عام 146 إلى 1200 ق.م.
أسماء الكنعانيين
على الرغم من أن الكنعانيين معروفون بهذا الاسم منذ القدم، إلا أن هناك بعض الأدلة تشير إلى أنهم أُطلق عليهم عدة أسماء قبل هذا. ومن هذه الأسماء:
- كناجي أو كناخني: يعني اللون الأحمر الأرجواني، وهو الاسم الذي استخدمه البابليون للإشارة إلى الكنعانيين كما يتضح من مراسلاتهم.
- بي كنعان: هو الاسم الذي استخدمه المصريون للدلالة على الكنعانيين، ويشير إلى المنطقة الجنوبية من سوريا.
- كناجي: إن اسم الكنعانيين وفقًا للحوريين يشير إلى الصبغة القرمزية.
لغة الكنعانيين
تحدث الكنعانيون بثلاث لغات رئيسية، وهي:
- اللغة الكنعانية.
- اللغة الآرامية: التي كانت تستخدم في زمن المسيح عليه السلام.
- اللغة العربية.
آلهة الكنعانيين
كان لدى الكنعانيين مجموعة متنوعة من الآلهة، من أبرزها:
- الإله إيل: يُمثل الرب الأعلى للكنعانيين، وكان يُطلق على الملك لقب ابن إيل، ويُعرف الشعب بشعب إيل.
- الإلهة يم: تُعتبر الأم الإلهية للكنعانيين، حيث اعتقدوا أن المياه كانت مصدر الكون.
- الإله شم أو شميم: يعد إله السماء الأول، وقد يُشير اسمه إلى شام، الاسم الذي كان يعرف به الكنعانيون في وادي الرافدين.
- الإلهة أديم: تُعرف بإلهة الأرض، وتُعتبر أيضًا بنفس الاسم أدم أو أدمة.
الطقوس الكنعانية
تتميز الحضارة الكنعانية بطقوسها المتنوعة التي تشابه طقوس الشعوب الأخرى، ونوضح ذلك فيما يلي:
الطقوس اليومية
يمارس الكنعانيون العديد من الطقوس اليومية، ومنها:
- الاغتسال والتطهير: يُعد من الطقوس الدينية الهامة لكل مُتعبّد أو كاهن، ويقسم إلى أربعة أنواع:
- التطهّر بالماء: اعتقدوا أن ذلك يُرضي الآلهة ويساهم في نزول الأمطار، كما كان يُعتبر اجتياز عملية التطهير ضروريًا بعد الحروب.
- التطهّر بالزيت: يُعتبر طقسًا مخصصًا للإله إيل لمنع الشقاء، ويمكن للجميع ممارسته.
- التطهّر بالنار: يُعتبر الطريقة المثلى للتطهير واستخدمت في طقوس تدمير الأشياء.
- الصلاة: تُؤدى الصلاة من قِبل الآلهة والبشر على حد سواء، وتتم من خلال تضرعات وطلبات خاصة تعبر عن الحالة، متبوعة بصفات الإله.
- صبّ الخمر: اعتقد الكنعانيون أن صب الخمر يُرضي السماء، مما يؤدي إلى إنتهاء الجفاف ونزول الأمطار.
- النذور: تُحدد النذور وفقًا لآلهة معينة، ويتم وضعها عند أقدام هياكل هذه الآلهة.
- دق الطبول: يُعتبر أحد الطقوس التطهيرية لطرد الأرواح الشريرة.
طقوس المناسبات
تُعد طقوس المناسبات متنوعة لدى الكنعانيين، ومنها:
- طقوس الزواج: تشمل طقوسًا قديمة تعكس قيمة الزواج والحب في تعزيز القوة والنمو، وكانت الإلهة عناة تعتبر إلهة الخطوبة والزواج.
- طقوس الموت: تتضمن طقوس خاصة لجنازات تهدف إلى حماية الميت من الآلهة عند انتقاله إلى العالم الآخر، حيث يُدفن في قبور مزينة.
- طقوس الحرق: تشمل طقوس حرق الأموات واحتفاظ الرماد في جرار داخل المذابح.
