يوجد تباين كبير بين الإسلام والإيمان، مما يستدعي أيضًا التفريق بين المسلم والمؤمن. فالإيمان يتمثل في القول مع العمل، بينما الإسلام يُعرف بأنه طاعة لأوامر الله وعدم عصيانه بأي شكل من الأشكال، كما قال الله تعالى: “قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم.”
لذلك، يُعتبر الإيمان أسمى بكثير من الإسلام، وينبغي على الفرد التحلي بصفات المؤمن. في هذا المقال، سنقوم بتعريف كل من الإسلام والإيمان، بالإضافة إلى توضيح الفارق بينهما. تابعونا…
تعريف الإيمان
الإيمان هو صفة من صفات المتقين، ويرتبط الإسلام والإيمان بشكل وثيق، حيث أن الإيمان ينشأ من القلب، بينما الإسلام يعبر عن الاستسلام والطاعة.
قال الله تعالى: “إن الذين عند الله الإسلام.” كلاً من الإيمان والإسلام لهما أركان، لكن الفرق بينهما هو أن أركان الإيمان أمور غيبية لا يعلمها إلا الله، بينما أركان الإسلام هي أعمال واضحة وظاهرة.
شروط أو أركان الإيمان
الإيمان يجسد قولًا وعملًا، كما أشرنا سابقًا، لذا تتمثل أركانه في ثلاث شروط أساسية لا يتم الإيمان إلا بها، وهي كما يلي:
الإقرار في القلب
في هذا الركن، يجب على الشخص أن يؤمن بالله بعقله وقلبه، ويعترف بوحدانية الله سبحانه وتعالى، واليقين التام بأن الله القادر على كل شيء هو خالق كل شيء، بما في ذلك الملائكة الكرام ومهامهم.
كما أن الله أرسل إلينا الأنبياء والرسل لزيادة إيماننا، ويجب على المؤمن التصديق بالكتب التي أُنزِلَت عبر هؤلاء الرسل، مثل التوراة والإنجيل والقرآن الكريم. ويتوجب عليه أيضاً الاعتقاد بأن القرآن هو الكتاب الأخير الذي لم يتعرض للتحريف عبر الزمن، لذا يجب الالتزام بسيرته.
التصديق باللسان
يقصد به التعبير عما في القلب من شعائر ومعتقدات. يجب على المؤمن أن يتحلى بالكلمات الطيبة وأن يتجنب قول السوء، ويستمر في الاستغفار.
يجب أن يظل ذكر الله دائمًا في قلبه، فمن كان الله معه في قلبه، فقد نال عونه. كما يجب على المؤمن الدفاع عن دينه بالقول الحسن، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء.”
التصديق بالعمل
يتعين على المؤمن أن يتحلى بركن العمل، حتى لو تحققت فيه الركنين السابقين. يجب أن يحدد إيمانه من خلال أفعاله مثل الصلاة، والحج، والزكاة، والصيام، وغيرها من العبادات التي ترضي الله سبحانه وتعالى. عند توافر هذه الشروط، يُطلق على الشخص لقب مؤمن مُحب لله، لأن شروط الإيمان تكون كاملة.
تعريف الإسلام
الإسلام يُعرف بالاستسلام لأوامر الله وطاعته، وهي العبادات المُعلنة التي يقوم بها العبد وفقًا لما ورد في السنة والقرآن الكريم.
قال الله تعالى في كتابه: “فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن. وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد.”
أركان وشروط الإسلام
يتضمن الإسلام خمسة أركان يجب على كل مسلم الالتزام بها، وقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان.” وسنوضح كل ركن على حدة كما يلي:
-
أولًا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
- في هذا الركن، يجب على المسلم الإيمان بالله وحده وعدم الاعتراف بشريك له.
- ويجب الالتزام بأوامر الله من عبادات وطاعات، والإيمان بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله المبعوث إلى كافة البشر.
- التصديق التام بأنه خاتم الأنبياء والرسل، كما قال الله سبحانه وتعالى: “ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين.”
- وقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين.”
ثانيًا: إقامة الصلاة
- تعتبر الصلاة أساس الدين ومن أحب الأعمال لله سبحانه وتعالى.
- لأنها تقرب العبد من ربه وتعزز إيمانه.
- كما أن الصلاة هي أول عمل يُسأل عنه العبد يوم القيامة.
- تعتبر الصلاة أيضًا وسيلة لمغفرة الذنوب، حيث ورد حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا.”
-
ثالثًا: إيتاء الزكاة، وهو ركن بالغ الأهمية للتخلص من الذنوب.
- تعتبر الزكاة كفارة للخطايا، وهي فرض على المسلمين لتطهيرهم من البخل.
- قال الله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تظهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم.”
- كثير من الآيات تجمع الصلاة والزكاة معًا لنفس الغرض.
- مثل قوله تعالى: “وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.” حيث وعد الله تاركي الزكاة بعذاب أليم في الآخرة.
- رابعًا: صيام شهر رمضان، وهو فرض مُلزم على المسلمين، لقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”، حيث يساعد الصوم على تجنب المعاصي.
- خامسًا: حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، وهو فريضة على المسلمين، ولكن مفروضة فقط على من يقدر مالياً وجسدياً. قال الله تعالى: “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً”.
الفرق بين الإيمان والإسلام
يعتبر الإيمان مرتبة أعلى من الإسلام، حيث أن الإيمان ينبع من القلب. إذا كان المسلم مؤمنًا، فإنه يتبوأ مكانة مرموقة عند الله عز وجل، بينما الإسلام يتمثل في اتباع أوامر الله والانقياد لطاعته.
العبادات التي يقوم بها الفرد تظهر بشكل واضح كما وردت في السنة والقرآن. قال الله تعالى: “فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن.” وتأكيدًا على أن الإسلام والإيمان لهما معنيان مختلفان حيث أن الإسلام يُعبر عن الأعمال الظاهرة والإيمان عن الأعمال الباطنية.
يقول العلماء إن الإيمان والإسلام إذا اجتمعا تفرقا، وإذا تفرقا اجتمعا. وفقًا لأهل السنة والجماعة، فإن الإيمان هو عمل بالأركان، وقول باللسان، وتصديق بالجنان، بينما الإسلام هو قول باللسان، وعمل بالأركان، وتصديق بالجنان.