أهمية النظام الدوري في الجسم البشري

الدم

يعتبر الدم عنصراً حيوياً في جسم الإنسان منذ العصور القديمة، حيث ارتبط بقوة بالحياة واعتُبر أساسياً لوجودها. وقد كان محور اهتمام العلماء والباحثين في علم الأحياء دراسة وظائفه ومكوناته. الدم هو سائل يتألف من عدة خلايا حيوية مهمة، مثل كريات الدم الحمراء وكريات الدم البيضاء والصفائح الدموية، التي تتوزع في بلازما الدم.

تحتوي كريات الدم الحمراء على الهيموغلوبين، الذي يغير لونه تبعاً لمستوى تشبعها بالأكسجين. وظيفتها الأساسية تتمثل في نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع خلايا الجسم، مما يساهم في عمليات التنفس الخلوي الضرورية لإنتاج الطاقة. يتميز الدم بلزوجته التي تبلغ خمسة أضعاف لزوجة الماء، ويصل كثافته إلى ما بين (1.55-1.65) غرام/سم³. كما أن له وظائف متعددة وهامة؛ فهو يُعتبر وسيلة النقل الرئيسية في الجسم، حيث ينقل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والهرمونات وغيرها، ويعمل أيضاً كجهاز دفاعي ضد الأجسام الغريبة، وينظم درجة حرارة الجسم. وبشكل عام، يبلغ حجم الدم في جسم الإنسان الطبيعي 5 لترات في الشخص الذي يزن 70 كيلوغراماً.

الدورة الدموية

بدأ العلماء في مجال التشريح وعلم الأحياء محاولاتهم القديمة لفهم آلية عمل الدم ووظائفه. تُعرف الدورة الدموية بعملية انتقال الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الرئتين وخلايا الجسم بواسطة الشرايين والأوردة، بمساعدة القلب الذي يقوم بضخ الدم وسحبه. كان العالم والطبيب العربي ابن النفيس، الذي وُلد في دمشق، هو أول من سجّل اكتشاف الدورة الدموية، والتي عُرفت بالدورة الدموية الصغرى. في بداية القرن السابع عشر، أكمل العالم الإنجليزي ويليام هارفي معرفته بالدورة الدموية بتحديد الدورة الدموية الكبرى.

أهمية الدورة الدموية الصغرى

تُعتبر الدورة الدموية الصغرى حلقة الوصل بين الرئتين والقلب، حيث تبدأ من البطين الأيمن للقلب الذي يحتوي على دم غير مؤكسد، مشبّع بثاني أكسيد الكربون. ينتقل الدم عبر الشريان الرئوي إلى الرئتين، حيث يُطلق ثاني أكسيد الكربون ويتم التشبّع بالأكسجين. عند دخول الشريان الرئوي إلى الرئتين، يتفرع إلى قسمين، ثم إلى شعيرات دموية تصل إلى الحويصلات الهوائية لأخذ الأكسجين، ليعود بعدها الدم إلى القلب عبر الوريد الرئوي المتجه نحو الأذين الأيسر. في هذه المرحلة، يصبح الدم جاهزاً للانتقال إلى الدورة الدموية الكبرى.

أهمية الدورة الدموية الكبرى

تتمثل أهمية الدورة الدموية الكبرى في كونها تكملة للدورة الدموية الصغرى، حيث تنقل الأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم. يبدأ ضخ الدم المؤكسد من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر عبر الصمام التاجي، حيث يمتلئ البطين الأيسر بالدم الغني بالأكسجين. يتم إغلاق الصمام التاجي لضمان عدم عودة الدم إلى الأذين الأيسر. وعند انفتاح الصمام الأبهري، يخرج الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأورطي الذي يتفرع إلى عدة شرايين رئيسية تغذي الجسم، وتستمر عملية النقل عبر الشعيرات الدموية لتزويد الخلايا بالأكسجين والجلوكوز. بعد ذلك، يعود الدم حيث تحمل الشعيرات الدموية ثاني أكسيد الكربون والفضلات الناتجة من الخلايا إلى الأوردة الرئيسية، والتي تنقل الدم غير المؤكسد إلى الأذين الأيمن عبر الوريدين الأجوفين العلوي والسفلي، ليتم نقله بعدها إلى البطين الأيمن عبر الصمام ثلاثي الشرفات. بعد امتلاء البطين الأيمن بالدم غير المؤكسد، يغلق الصمام لضمان عدم الرجوع، مما يعيد الدم إلى الدورة الدموية الصغرى من جديد.

القلب

يُعتبر القلب العضو الأكثر أهمية في الدورة الدموية والمحور الرئيسي لها، حيث إن غيابه يعني عدم قدرة الدم على الدوران في الجسم. حجم عضلة القلب يساوي تقريباً حجم قبضة اليد، وهي تضخ حوالي 2000 غالون من الدم يومياً من خلال 100 ألف انقباض وانبساط يومياً، محميةً بعناية داخل القفص الصدري. يقع القلب بين الرئتين وباتجاه اليسار قليلاً، ويتكون من أربع حجرات: البطينان الأيمن والأيسر، والأذينان الأيمن والأيسر، ويفصل بين القسمين الأيمن والأيسر حائط حاجز. الأقسام العلوية تُعرف بالأذين والأقسام السفلية تُعرف بالبطين، ويتصل بها شرايين وأوردة متعددة مثل الشريان التاجي، الشريان الأورطي، الأوردة والشرايين الرئوية، والوريد الأجوف العلوي والسفلي. تُنظم الصمامات مثل الصمام الأبهري والصمام الرئوي دخول الدم وخروجه.

نبض القلب

تتكون جدران القلب من عضلات غير إرادية الحركة تقوم بالانقباض والانبساط بشكل مستمر. حيث ينبض القلب بمعدل 50 نبضة في الدقيقة في حالة الراحة، بينما يرتفع هذا المعدل إلى 100 نبضة في الدقيقة في حالات الجهد أو الخوف أو المرض.

مسارات الدورة الدموية

يمر الدم عبر مسارات متعددة أثناء الدورة الدموية الكبرى، إما للتخلص من الفضلات السائلة في الكلى، حيث تتحول إلى بول، أو للتخلص من كريات الدم الحمراء التالفة في الطحال والكبد. كما تمر الأوعية الدموية بمنطقة الأمعاء لتزويد الدم بالعناصر الغذائية اللازمة لتحقيق عمليات الأيض الضرورية لمختلف الوظائف الحيوية في الجسم.

قصور الدورة الدموية

قد تتعرض الدورة الدموية للضعف أحياناً، وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة وفقاً لجمعية القلب الأمريكية. يُعتبر جهاز الدوران من أكثر الأجهزة تعرضاً للأمراض نتيجة انتشاره في جميع أجزاء الجسم ووظائفه الحيوية الحرجة. من بين الأمراض الشائعة في الدورة الدموية هو تصلب الشرايين الناتج عن ترسب الدهون، مما يؤدي لانسدادها وحدوث مشاكل مثل الذبحة الصدرية أو الجلطة أو السكتة الدماغية. السكتة الدماغية، على وجه الخصوص، تحدث في شرايين الدماغ بسبب تراكم الدهون والتي قد تكون ناتجة عن ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم، السكري، أو التدخين.

مرض آخر شائع في الدورة الدموية هو ارتفاع ضغط الدم، الذي يُسبب عبئاً إضافياً على القلب ويتطلب توسع الشرايين، مما يؤدي لمشاكل صحية أخرى مثل الفشل الكلوي والجلطة القلبية والسكتات الدماغية والنزيف الداخلي.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *