تعد مسائل الحلال والحرام بين الزوجين خلال شهر رمضان من الأمور التي ينبغي على جميع المتزوجين معرفتها. حيث وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تنظم العلاقة بين الزوجين في هذا الشهر الفضيل.
يهدف ذلك إلى ضمان صحة وسلامة صيامهم طوال الشهر المبارك، وأي خرق لتلك الضوابط قد يؤدي إلى بطلان الصيام. في مقالنا التالي، سنوضح الضوابط المتعلقة بالعلاقة الزوجية خلال رمضان.
حدود الحلال والحرام بين الزوجين في رمضان
- يجهل الكثيرون تفاصيل الحلال والحرام في علاقة الزوجين خلال شهر رمضان، حيث إن هذه العلاقة تختلف من زوج لآخر.
- بعض الأزواج يمكنهم تجنب الاتصال الجسدي مع الزوجة لضمان عدم إبطال صيامهم، بينما آخرون قد يجدون ذلك صعباً.
- ينقسم الرجال في هذا السياق إلى نوعين؛ فمنهم من يستطيع السيطرة على تصرفاته نحو زوجته خلال النهار، وآخرون قد يعانون من ذلك.
- أشار العلماء إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل زوجاته، وقد روت عائشة رضي الله عنها قائلة:
- ”كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِأَرَبِهِ”.
- هذا الحديث يُظهر أن ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم كان خاصاً به وكان مبنياً على الرحمة وليس على الرغبة.
- وأكد العلماء أن هناك رجالاً لديهم قدرة أكبر على التحكم في مشاعرهم تجاه زوجاتهم في نهار رمضان، فيما يواجه آخرون صعوبة في ذلك، وهذا أمر طبيعي.
- يتوجب على الصائمين البعد عن أي مُثيرات للشهوة، مثل الإيحاءات أو النظرات. وفقاً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: “يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي”.
حكم التقبيل في نهار رمضان
يعتبر التقبيل بين الزوجين في شهر رمضان من الأمور التي يختلف حكمها اعتماداً على الحالة. وفيما يلي تفاصيل ذلك:
- الجواز: أباح بعض الصحابة تقبيل الصائم، مثل عمر وأبو هريرة وعائشة.
- يُستحب التقبيل لمن يمتلك القدرة على السيطرة على نفسه وشهواته.
- بعض الصحابة رأوا أن التقبيل مباح للكبار دون الشباب، كما قال ابن عباس رضي الله عنه: “أُرخّص فيها للكبير وأكرهها للشاب، ولكن العبرة في الجواز بضبط النفس والشهوة.”
- الكراهة والتحريم: يُنصح بتجنب التقبيل لمن لا يستطيع السيطرة على شهواته.
- رغم أن بعض العلماء، مثل الشافعية، رأوا أن القبلة مكروهة كراهية تحريمية.
أثر تقبيل الزوجة على صحة الصوم
يتفاوت تأثير تقبيل الزوجة على الصيام بناءً على الحالة. هنا بعض الآراء الفقهية:
- اجتمع الفقهاء على أن نزول المني، سواء باللمس أو القبلة أو المعانقة، يفسد الصيام.
- لأن نزول المني يكون نتيجة مباشرة للزوجة، وبالتالي يُعتبر شبيهاً للجماع في غير الفرج.
كما اختلف الفقهاء في مسألة نزول المذي بسبب القبلة بين اتجاهين:
- الاتجاه الأول: يرى أن نزول المذي يفسد الصيام، ويستند إلى رأي الحنابلة والمالكية.
- قالوا إن نزول المذي يعد تحقيقاً للشهوة، ويشبه المني، ويختلف عن البول.
- كما اعتبرت المالكية أن القبلة جائزة للصائم في حال عدم نزول المذي، ومن لازم تعويض اليوم إذا خرج المذي.
- الاتجاه الثاني: يرى أن خروج المذي لا يؤثر على الصيام، وفقاً لآراء الشافعية والحنفية.
- حيث إذا قام الزوج بتقبيل زوجته، فلا يلزمه تطهير، لأن ذلك يُعتبر شبيهاً بالبول.
- وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “هششت فقبلت وأنا صائم، فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد فعلت شيئاً عظيماً، فأجاب: وما هو؟ قلت: قبّلت وأنا صائم، فقال: أرأيت لو تمضمضت؟ قلت: إذن لا يضر، قال: فبماذا المضير؟”.
اللمس بين الزوجين في رمضان
إليكم في النقاط التالية حكم اللمس بين الزوجين في رمضان:
- يمكن للصائم لمس زوجته نهار رمضان إذا كان قادراً على التحكم في نفسه وتجنب الخطأ أثناء العلاقة.
- في حال عدم القدرة على التحكم والتسبب في إثارة قد تؤدي إلى الخطأ، فيجب الابتعاد عن ذلك، لأن ما يقود إلى المحرم حرام.
- إذا نزل المذي نتيجة اللمس، فهذا لا يفسد الصوم وفقاً لما ورد عن أهل العلم.
- لكن يجدر بالصائم الابتعاد عن أي أمور قد تخرج عن قصده.
- تعتبر آراء الحنفية والشافعية أن نزول المذي لا يفسد الصيام، بينما يتفق الحنابلة والمالكية على أنه يُفسد الصيام عند نزول المني بسبب الملامسة.
- هذا الأمر مجمع عليه من قبل أهل العلم.
ننصح بقراءة:
الضم بين الزوجين في رمضان
- تختلف أشكال الضم، وأكد العلماء أن الضم يبطل الصوم إذا نتج عنه نزول المني.
- فمن قام بذلك يجب عليه قضاء هذا اليوم.
- أما إذا لم ينزّل شيء، فلا يوجد أي تبعات على الفاعل، فالكفارة تكون على من أفطر بالجماع أو بسبب ما يؤدي إلى نزول المني.
المباشرة بين الزوجين في رمضان
- المباشرة تعني ملامسة الرجل لجلد المرأة، وهي مرحلة من مراحل الجماع.
- أوضح العلماء أن مباشرة الرجل لزوجته جائزة إذا كانت بعيدة عن الفرج.
- استفسر صحابيان من السيدة عائشة رضي الله عنها عن المباشرة، فقالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم، وقد كان يفعل ذلك ولكنه كان أملك لإربه منكم”.
- إذا كانت المباشرة مثاراً للشهوة، فإنها تكون محرمة بحق صاحبها. بين العلماء أن القبلة هي الأخف من حيث التأثير في الصيام، بينما المباشرة والمعانقة تعد أكثر خطورة.
المفاخذة بين الزوجين في رمضان
- تعريف المفاخذة هو جلوس الرجل بين فخذي المرأة أو فوقها كما لو كان يجامعها.
- أشار أهل العلم إلى أن المفاخذة لا تفسد الصيام إذا كان الإنسان قادراً على السيطرة على نفسه.
- لكن في حال فقدان السيطرة، فسيكون هذا الأمر محرمًا، وسيفسد الصيام، مما يستلزم القضاء والكفارة.
هل الجماع يبطل الصيام؟
- إذا حدث الجماع عمداً في نهار رمضان، فإن ذلك يبطل الصيام، ويستدعي الكفارة والقضاء.
- وهذا ينطبق على الرجل والمرأة، سواء ظهرت شهوة أم لا.
- إذا لم تكن السيدة راضية وتم الجماع وهي نائمة، فلا كفارة عليها، ولكن هناك آراء للفقهاء حول ذلك.
- بعض العلماء يرون أن صيامها قد فسد، بينما يرى آخرون أن صيامها لا يفسد، والأفضل هو قضاؤها لهذا اليوم.
حكم الجماع في نهار رمضان
الجماع في نهار رمضان محرم على الصائمين، سواء كانوا زوجين أم لا. في حالة وقوع الجماع عمدًا أثناء ساعات الصيام، فإنه يفسد الصيام ويستوجب الكفارة. والكفارة تتمثل في:
- عتق رقبة مؤمنة، وإن لم يستطع، فعليه:
- صيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع، فعليه:
- إطعام ستين مسكينًا.
حكم الإفطار في رمضان عمدًا بالجماع
عندما يفطر الصائم في نهار رمضان عمدًا بالجماع، فإنه يرتكب ذنبًا عظيمًا وعلى الشخص أن:
- يتوب إلى الله ويستغفر.
- يقضي اليوم الذي أفطر فيه.
- يتبع الكفارة المذكورة أعلاه.