أنطاكيا
تعتبر مدينة أنطاكيا (بالإنجليزية: Antioch) إحدى المدن التركية المهمة، وهي عاصمة محافظة هاتاي. تاريخياً، كانت أنطاكيا جزءاً من الأراضي العثمانية في بلاد الشام، ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وفرض الانتداب الفرنسي على سوريا، انضمت المدينة إلى جمهورية تركيا. تُعرف المدينة بمعالمها التاريخية التي تشمل آثاراً رومانية وتجارب تجارية عبر طريق الحرير. كما تُبرز أنطاكيا طابعها الخاص من خلال المأكولات المحلية اللذيذة، وخاصة الحلويات، بالإضافة إلى المنتجات الحرفية مثل الحرير والصابون المصنوع من زيت الزيتون.
الموقع الجغرافي
تقع أنطاكيا في محافظة هاتاي، في الجهة الشرقية من ساحل تركيا المطل على البحر المتوسط، بالقرب من مصب نهر العاصي. تبعد المدينة حوالي 19 كم شمال غرب الحدود السورية، ويقسم النهر المدينة إلى قسمين. تقع المدينة عند إحداثيات تمتد بين خط طول 12°36′ شمالاً، وخط عرض 36°9′ شرقاً، وترتفع عن مستوى سطح البحر بمقدار 104 متر. تتبع المدينة توقيت شرق أوروبا الصيفي (EEST).
ويتميز مناخ أنطاكيا بأنه معتدل يميل إلى الحرارة؛ حيث يحقق متوسط درجات الحرارة في الصيف، وبخاصة في أغسطس، حوالي 27.8 درجة مئوية، بينما يصل متوسط درجات الحرارة في فصل الشتاء، وتحديداً في يناير، إلى نحو 8.3 درجة مئوية. كما يُعتبر شهر يناير الأكثر هطولاً للأمطار، حيث تصل الكمية إلى 196 ملم.
التاريخ الغني
تحظى أنطاكيا بتاريخ طويل ومليء بالأحداث المتنوعة. يعود تأسيس المدينة إلى عام 300 قبل الميلاد على يد سلوقس الأول، أحد القادة السابقين للإسكندر العظيم، وقد أصبحت بسرعة مركزاً تجارياً بفضل موقعها الذي يربط بين الشرق والغرب. أدى الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمدينة إلى تعزيز أهميتها خلال العصور الهلينية والرومانية والبيزنطية.
في عام 64 قبل الميلاد، أصبحت أنطاكيا عاصمة الإمبراطورية السلوقية، حتى استحوذت عليها الدولة الرومانية وجعلتها مركز إدارة لمقاطعة سوريا. ومن ثم أصبحت المدينة ثالث أكبر مدينة في الإمبراطورية الرومانية بحجمها وأهميتها، حيث عملت كمركز عسكري للرومان لحمايتهم من هجمات الفرس. دينياً، كانت أنطاكيا مركزاً مهماً للمسيحية، حيث أطلق الاسم على أتباع المسيح فيها، وأسست فيها كنيسة من قبل الأساقفة بيتر وبولس.
خلال القرن الرابع الميلادي، أصبحت المدينة مقراً لمكتب الدولة الرومانية المسؤول عن إدارة إمبراطورياتها، وعرفت فترة من الازدهار في القرنين الرابع والخامس الميلاديين. إلا أن القرن السادس شهد أحداثاً مؤلمة مثل الحرائق والزلازل التي أثرت على المدينة، والتي تعرضت للاحتلال الفارسي ثم السيطرة العربية في عام 637 م، مما أثر سلباً على مكانتها السابقة.
توالت عمليات الاحتلال، ففي عام 969م عادت المدينة تحت الحكم البيزنطي، وتبعها عصر الدولة السلجوقية في عام 1084م، ثم السيطرة الصليبية في عام 1098م والتي حولتها إلى عاصمة إماراتهم. وقد احتل المماليك المدينة في عام 1268م ودمروا العديد من معالمها، مما أدى إلى تراجعها. ومع ذلك، استعادت المدينة جزءاً من حيويتها بعد سيطرة الدولة العثمانية عليها في عام 1517م، واستمرت تحت حكمها حتى ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث انتقلت إلى سلطة الانتداب الفرنسي في سوريا. وفي عام 1939م، أصبحت جزءاً من الدولة التركية.
الاقتصاد المحلي
تمثل أنطاكيا مركزاً اقتصادياً مهماً في محافظة هاتاي، مدعومة بميناء الإسكندرون. تبرز المدينة في عدة قطاعات اقتصادية، أبرزها صناعة الصلب، وتصنيع الأحذية والأقمشة للماركات الأوروبية المعروفة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الأنشطة الاقتصادية الأخرى في أنطاكيا حلج القطن، إنشاء المصانع الصغيرة، صناعة السكاكين، إنتاج الحرير والصابون، بالإضافة إلى المنتجات الجلدية خاصة الأحذية. يعتمد الاقتصاد المحلي في أنطاكيا بشكل كبير على الزراعة، حيث تشتهر بزراعة القمح، والعنب، والأرز، والزيتون، والقطن، وفواكه مثل البطيخ.
المعالم السياحية
تتميز أنطاكيا بثرائها التاريخي والثقافي، حيث تحتضن العديد من المعالم التاريخية والدينية. من أبرز المعالم السياحية في المدينة:
- جبل سيبليوس: يضم هذا الجبل آثاراً رومانية وبيزنطية، ويعود تأسيسها إلى زمن الإمبراطور ثيودوسيوس الأول، حيث قام الملك نقفور الثاني فوكاس بتوسيعها عام 969م.
- متحف أنطاكيا للآثار: أُسس في عام 1948م ويحتوي على قطع أثرية مميزة مثل الفسيفساء البيزنطية والرومانية، ويُعتبر من أكبر المتاحف في العالم في هذا المجال.
- كنيسة القديس بطرس: تعد من أبرز دور العبادة المسيحية، حيث شهدت بداية ظهور الديانة المسيحية.
- دافني: هذه المنطقة ذات الأهمية الأسطورية ترتبط بحكايات دافني الشهيرة، وتحتوي على شلالات ومناطق طبيعية جميلة.
- الإسكندرونة: ميناء بحري تاريخي يتصل بالإسكندرية، ولا يزال نقطه حيوية اليوم على البحر الأبيض المتوسط.
- قناة تيتوس: تُعتبر معجزة هندسية من العصور الرومانية، وهي قناة شقّت في الصخور على طول 1.4 كم، ولا تزال تأسر الزوار حتى اليوم.