مدينة عكا
تُعَد مدينة عكا واحدة من أقدم وأهم المدن في التاريخ، وتقع في شمال فلسطين على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. تبعد المدينة عن عاصمة فلسطين، القدس، حوالي 181 كيلومتراً.
نبذة تاريخية
تأسست مدينة عكا على يد الكنعانيين في الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث أُطلق عليها في ذلك الوقت اسم “عكو” والذي يعني “الرمل الحار”. وقد ذُكرت المدينة في معجم البلدان، حيث قام الجرجاشيون، وهم إحدى القبائل الكنعانية، بتسميتها. ومن ثم أصبح لها دور محوري كمركز تجاري هام، وانضمت إلى الدولة الفينيقية.
عُرفت عكا في زمن الإغريق باسم “بطليموس”، تيمناً بإمبراطورهم. وفي العهد البيزنطي، أُطلق عليها اسم “ساميريتيكا” تماشياً مع مدينة السامرة، بينما أطلق عليها الصليبيون اسم “سانت جون د إكار” وظل هذا الاسم مستخدماً حتى قام المماليك، بقيادة خليل بن قلاوون، بتحرير المدينة من هيمنة الصليبيين.
مرت مدينة عكا تحت احتلال العديد من الأمم مثل الرومان والفرس والإغريق والفرنجة والصليبيين. وقد فتح المسلمين المدينة بقيادة شرحبيل بن حسنة في القرن السادس للميلاد، كما أسس معاوية بن أبي سفيان داراً لصناعة السفن فيها، مما أتاح لاحقاً غزو قبرص. ومن بين حكام المدينة البارزين، يُذكر أحمد باشا الجزار.
أطلق على عكا لقب “قاهرة نابليون” بعد أن تصدت المدينة لطلعات نابليون، الذي حاول حصارها بعد سقوط العديد من الدول، مثل مصر وبعض سواحل فلسطين. استمر الحصار فترة طويلة، لكنه فشل في تحقيق أهدافه، مما دفعه لسحب جيوشه والعودة إلى وطنه.
تُعتبر عكا من أقدم وأهم الموانئ في فلسطين، فضلاً عن كونها مدينة أثرية غنية بالمعالم السياحية والتاريخية. من بين المعالم الأثرية البارزة في المدينة، نجد سور عكا الحصين، حمّام الباشا، السوق الأبيض، الممر الألماني، خان العمدان، وجامع الجزار. هذه المعالم تعكس تاريخ المدينة العريق وتراثها الغني.
عكا الحديثة
حالياً، تنقسم المدينة إلى قسمين: البلدة القديمة المسورة والضاحية الجديدة. كما حدث في بقية مدن الساحل الفلسطيني، وقعت عكا تحت السيطرة اليهودية بعد نكبة عام 1948، حيث فرضت المنظمات الصهيونية سيطرتها على المدينة بعد عملية بن عامي، وارتكبت فيها مجازر متعددة لترويع السكان ودفعهم لمغادرة المدينة. كما قامت بإجلاء معظم السكان، وتستمر قوات الاحتلال حالياً في ممارسة أشكال متعددة من العنصرية بهدف إفراغ المدينة من سكانها. تشمل هذه الممارسات منع العرب من ترميم منازلهم، واستهداف دور العبادة، بالإضافة إلى تغيير أسماء الأحياء إلى أسماء عبرية والمزيد من الممارسات التعسفية.