الفرق بين “كم” التي تستخدم للاستعلام و”كم” التي تُستخدم كإخبارية

تُعتبر اللغة العربية عالمًا واسعًا حافلًا بالمفردات والأحرف والأسماء، إضافةً إلى القواعد النحوية واللغوية الفريدة التي تميزها عن غيرها من اللغات، وهو ما يجعلها واحدة من اللغات الأساسية على مستوى العالم.

في هذا المقال، سنستعرض إحدى الكلمات باللغة العربية وهي “كم”، مع توضيح الفرق بين “كم” الخبرية و”كم” الاستفهامية.

“كم” في اللغة العربية

تتميز كل كلمة في اللغة العربية بمعنى وتفسير وتقسيم خاص بها، حيث تكتظ اللغة بمختلف العناصر مثل الاسم والفعل والحرف وتفاصيلها المتعددة.

لقد أدى هذا التنوع في اللغة العربية إلى ظهور علم النحو والعديد من التحليلات اللغوية التي سعى الباحثون والعلماء من خلالها إلى إجراء أبحاث متعددة.

تُعتبر “كم” من الكلمات القابضة في اللغة العربية، وقد يتبادر إلى ذهن البعض أنها حرف جر أو حرف نصب أو حرف عطف، لكن هذا يتعارض مع ماهيتها الحقيقية.

فهي اسم مستقل له دلالاته وأنواعه الخاصة، وهي كلمة غامضة تشير إلى العدد وتتطلب وجود كلمات إضافية بعده لتوضيح معناها الكامل.

تُقسَّم “كم” إلى فئتين: “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية، حيث لكل منهما مكانته في الكلام وإعرابه المميز عن الآخر.

الفرق بين “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية

تُستخدم كلمة “كم” بشكل واسع في اللغة العربية، حيث يصعب العثور على موضوع أو بموضوع آخر يخلو منها.

تنقسم “كم” إلى نوعين رئيسيين: وهما “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية.

لكل نوعٍ من هذين النوعين مكانه الفريد في الجمل ودلالاته الخاصة، بالإضافة إلى إعراب مختلف.

ورغم وجود بعض عناصر التشابه بين “كم” الخبرية و”كم” الاستفهامية، إلا أن هناك أيضًا فروقات كبيرة بينهما.

يمكن توضيح ذلك على النحو التالي:

  • كلا النوعين يتطلب وجود اسم يليه لإكمال المعنى.
  • يتم إعتماد البناء على السكون في “كم” الخبرية و”كم” الاستفهامية.
  • كلاهما من أسماء الصدارة ويتطلب اسمًا يأتي بعدهما للتوضيح.
  • يكون التمييز بعد “كم” الخبرية مجرورًا بالإضافة أو بحرف جر “من”.
  • يمكن أن تأتي “كم” الخبرية مع جمع، وغالبًا ما تتعلق بالفعل الماضي.
  • تحتمل “كم” الخبرية التصديق أو التكذيب.
  • أما “كم” الاستفهامية، فعادة ما تأتي بعدها اسم مفرد منصوب.
  • لا يمكن أن يكون التمييز بعد “كم” الاستفهامية جمعًا.
  • تستخدم “كم” الاستفهامية للإشارة إلى الزمن الماضي والمستقبل.
  • يجب أن يتبع “كم” الاستفهامية رد على السؤال، إذ إن الأسلوب في هذه الحالة لا يحتمل التصديق أو التكذيب.

إعراب “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية

بعد توضيح أوجه التشابه والاختلاف بين “كم” الخبرية و”كم” الاستفهامية، فعلينا التعرف على إعراب كل منهما وموقعهما الصحيح داخل الجمل لتسهيل الفهم للقارئ.

إذ أن أحد أسباب فهم الكلمات في اللغة العربية هو الإعراب الدقيق لها، وتوزع الإعراب لكل منهما على النحو التالي:

  • يكون إعراب “كم” في محل جر إذا كان قد سبقها حرف جر أو تم إضافتها إلى شيء آخر، سواء كانت في “كم” الخبرية أو “كم” الاستفهامية.
    • لا يمكن أن يتقدم على “كم” أي شيء سوى حرف الجر أو المضاف.
  • في محل نصب: يكون ذلك في حال كونها مصدرًا ويكون منصوصًا مفعول مطلق.
    • وإذا كان ظرفًا، فإن محل النصب يكون مفعول فيه.
    • وفي حالة وجود جملة فعلية بعد “كم” وفعلها متعدٍ ولم يستوف مفعوله، فتعرب “كم” في محل نصب مفعول به.
    • وفي حال كون الفعل ناقصًا، فتعرب “كم” كخبر للفعل الناقص.
  • في محل رفع: يكون ذلك في حالة عدم كون “كم” الاستفهامية أو الخبرية في أي من الحالات المذكورة سابقًا، فتكون في محل رفع مبتدأ.

أمثلة على “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية

لنفهم “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية بشكل أفضل، ينبغي علينا الاطلاع على بعض الأمثلة التوضيحية.

لقد انتشرت على نطاق واسع في الشعر والآيات القرآنية ووجدت استخدامات متعددة.

تم استخدام “كم” الخبرية في الخطاب القرآني لتعبر عن أن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض أو في السماء، حيث تعد تعبيرًا مجازيًا.

بينما استُخدمت “كم” الاستفهامية بمعانٍ متعددة، حيث كانت بمثابة جمل تنبيهية وتوعدية تجذب الانتباه.

ويمكن تقديم الأمثلة التالية:

  • الآية الكريمة: (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) تعتبر “كم” هنا استفهامية، ويُفهم منها “كم يومًا لبثت ميتًا”، وهو سؤال يوضح التقدير.
  • الآية الكريمة: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ) تُعتبر “كم” هنا خبرية، وتدل على العلم والإخبار بالموضوع.

أهمية التوافق اللفظي واختلاف المعنى

تُعرف اللغة العربية بالمشترك اللفظي، حيث يتفق اللفظ بين كلمتين ولكن يتباين معناهما.

تتباين معاني الكلمة الواحدة بناءً على سياق الكلام، على سبيل المثال: الكلمة “عين” قد تعني حاسة البصر لدى الإنسان.

أما في بعض السياقات الأخرى قد تشير إلى “نبع” أو “عين ماء”، حيث يتشارك اللفظ والنطق مع اختلاف المعنى كليًا.

من الممكن أيضًا أن تأتي كلمة “عين” بمعاني أخرى، مثل “التصنت”، حيث نقول “عين الحكومة” أو “عين المخابرات” للإشارة إلى الجواسيس.

بصورة مماثلة، يمكن استخدام كلمة “عين” للدلالة على التماثل، حيث تعني أن الشيء هو مثيله.

تظهر الكثير من المفردات في اللغة العربية بنفس اللفظ بينما تختلف معاني كلماتها وفق سياق الكلام.

إن هذا التنوع يجعل من اللغة العربية أم اللغات وأصل المفردات والقواعد، سواء كانت نحوية أو لغوية.

على الرغم من كونها من أصعب اللغات في التعلم، إلا أنها تأخذ المتعلم في رحلة غنية بالكنوز اللغوية.

أسباب اختلاف الألفاظ اللغوية

جاءت الاختلافات في الألفاظ اللغوية بين المعاني المختلفة للعديد من الأسباب، منها:

  • اختلفت الثقافات واللهجات بين الدول العربية، مما أثر على المعاني المرتبطة بنفس الكلمة.
    • كل دولة تعطي للكلمة معنى مختلفًا بناءً على لغتها وثقافتها المحلية.
  • وجود النصوص الأساس مثل القرآن الكريم، حيث تحتوي على مجموعة من المعاني المختلفة للكلمات، وكان لهذا تأثير كبير على تطور اللغة العربية.
    • تتواجد في آيات القرآن الكريم العديد من المعاني والمقاصد التي أخذها العرب مرجعًا لنحوهم.
  • أيضًا، لعب العلماء والباحثون في مجال اللغة دورًا مهمًا في تطوير بعض الكلمات، مما أدى لزيادة المفردات والمعاني ذات العلاقة.
  • ادَّت التطورات اللغوية وكثرة الكتاب والشعراء والعلماء إلى إضافة المزيد من المعاني لنفس الكلمات، وهو ما ساهم في زيادة ثراء اللغة.
    • بالطبع، مع تزايد المعاني وندرة الألفاظ، أصبح من الطبيعي أن يحمل اللفظ الواحد أكثر من معنى، وهو أمر إيجابي تعكسه كثير من اللغات.
    • إن الكلمات دائمًا أقل من المعاني، حيث أن المعاني غير محدودة كما قال الجاحظ: “المعاني مطروحة في الطريق كثيرة، والألفاظ أقل منها”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *