البداية القوية للوحي: القراءة
لقد ميز الله -سبحانه وتعالى- رسالة الإسلام من خلال جعل بداية الوحي عند نزول جبريل -عليه السلام- على سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بالأمر بـ(اقْرَأْ). فالقراءة تمثل الجوهر الذي يعتمد عليه العلم والمعرفة. وقد جاء الأمر الإلهي بالقراءة مطلقاً، دون تحديد نوع معين أو زمن أو مكان، مما يعكس عالمية الإسلام وشموليته التي تمتد حتى يوم القيامة.
القراءة: الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات
إن توجيه المسلمين في بداية الدعوة الإسلامية نحو القراءة يدل على أهمية هذا الفعل ودوره البارز في الرسالة العظيمة. فالقراءة تعتبر أساس تطور الأمم والشعوب، وركيزة لنهضتها وصعودها على سُلّم المعرفة والازدهار.
الأمم التي بلغت أعلى مراتب الحضارة اعتمدت بشكل أساسي على القراءة لفهم ما يدور حولها، وكذلك للتطلع والبحث في التطورات العلمية والمعرفية التي حققها العلماء والباحثون في مختلف المجالات. فالقراءة تفتح آفاق القارئ وتوسع مداركه، وتجعله قادراً على استيعاب الأحداث والتغيرات العالمية. فكلما اتسعت دائرة المعرفة، ارتفع مستوى الإبداع والابتكار، مما يساهم في نهضة الأمة بأكملها. وكلما كانت القراءة أكثر شمولاً، زادت قوة التقدم والبناء.
أهمية القراءة في الإسلام
إن بداية الوحي من القرآن الكريم تتجلى في قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). وهذا يكفي لتسليط الضوء على أهمية القراءة ومكانتها في الإسلام.
لهذا السبب، اعتبر الله طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، نظراً لأن القراءة هي الوسيلة الأساسية للوصول إلى المعرفة، وهي جزء من الغاية من خلق الله للإنسان، وهي عبادته -سبحانه وتعالى- وعمارة الأرض. ومن الفوائد العديدة للقراءة، نذكر ما يلي:
- القراءة تعتبر وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في اكتساب العلم.
- تساعد الإنسان على معرفة خالقه -سبحانه وتعالى-، مما يؤدي إلى طاعته وطاعة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- توفر حافزاً للإنسان للقيام بواجبه في عمارة الأرض وتعلم العلوم المفيدة.
- هي وسيلة لفهم حال الأمم السابقة للاستفادة من تجاربهم.
- تساهم في اكتساب المهارات التطبيقية من خلال تطوير الصناعات المفيدة.
- تعزز معرفة الإنسان بمنافع وضرر العلوم المتنوعة المحيطة به.
- تساعد في اكتساب الأخلاق الفاضلة والسير على الصراط المستقيم.
- تتيح للقارئ الحصول على الأجر والثواب خاصة إذا كانت القراءة ترشده إلى الخير وتجنبه الشر.
- ترفع من مكانة القارئ في الدنيا والآخرة، حيث قال -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
- تساهم في معرفة توجهات الملحدين والفرق الضالة، مما يساعد في تجنب مساراتهم.
- تشغل أوقات الفراغ بأشياء مفيدة وتمنح الروح فوائد متعددة.